(ص. م)، مواطنة مغربية، ولدت في 20/03/1995، في المغرب، انتقلت مع أهلها سنة 2001 إلى ليبيا ومنها إلى مصر،حيث هناك لم تستطع مسايرة النظام المدرسي، فلم تنه تعليمها الإبتدائي، مرت بظروف قاسية بعد رجوعها إلى المغرب في زيارة للعائلة سنة 2014 وعمرها يتجاوز 19 سنة، مع سيدة مغربية متزوجة بمصري، كانت تعتقد أنها أمها البيولوجية، الصدمة كانت قوية، عندما تمت مواجهة الأم الأولى مع الأم الثانية، بتدبير من أحد أفراد العائلة، كُشف الستار وظهرت الحقيقة، فاشتد غضبها وثارت على الأم التي تبنتها، لعدم إخبارها بحالها وعلى أمها الحقيقية التي رمت بها في أحضان أم أخرى، دون معرفة أبيها، تعَقَّد الأمر، فما كان عليها الا الهروب من هذا الواقع المؤلم و المر، فعلا خرجت من بيت عائلة الأم التي ترعرعت بين أحضانها تبحث عن ملجإ فوجدت نفسها عُرضة سهلة المنال.
سهام (س.)، شابة مغربية في مقبل العمر تعيش مع أمها في البرازيل، يُعتقد أنها عضوا في مافيا دولية تتاجر بالبشر في تهريب المخدرات، استغلت سذاجة وظروف صابرين واحتالت عليها بالمال والحيل لتسلب إرادتها سواء في المغرب أو في البرازيل.
فعلا صابرين خرجت لتبحث عن ملجأ آخر، لحسن حظها أو لسوئه حصلت على عمل، كنادلة في مقهى عمومي وفيه كانت تنام، بعد لقائها بسهام في شهر رمضان 2016 تحسنت ظروفها بعدما ساعدتها هذه الأخيرة في استئجار غرفة وتأثيثها، ووعدتها أن تأخذها معها إلى البرازيل.
صغر السن والظروف، قلة الشيء والحيل، وكثرة الذئاب والضباع في مجتمعنا، جعلوا صابرين لا محالة تسقط ضحية، حملت و هي في علاقة غير شرعية، مع شاب كان قد وعدها بالزواج فتملص ولم يف بوعده، هروبا من القيل والقال و خوفا من ملاحقة المجتمع المغربي، الذي لا يرحم المرأة الحامل ذون أن تكون متزوجة، شيء قد يسبب لها العزلة وعدة مشاكل، تخلطت لها الأوراق حين بدأت تظهر عليها علامات الحمل، ولم تعرف ما يجب القيام به، فسلمت أمرها للمجهول، حيث قبلت عرض سهام لتهاجر إلى البرازيل.
في الصخيرات، الرباط، المغرب
في ديسمبر 2016، التقت صابرين باثنين من الشباب، كانا يبحثان عليها بالنيابة عن سهام منذ فترة، السيدة التي التقت بها عن طريقهم، في رمضان 2016 والتي وعدتها بالسفر معها إلى البرازيل، ليُخبِروها أن سهام أرسلت لها دعوة لزيارتها في ساو باولو، بحكم أنهم أبناء حومتها وتعرفهم جيدا سلمتهم جواز سفرها.
بعد شهرين، عادا الشابين السابقين ومعهم شخص آخر اسمه حكيم، له علاقة بسهام، عادوا ومعهم جواز سفر صابرين وتذكرة سفر بالطائرة، وطلبوا منها أن تكون على استعداد للسفر ، بحكم ظروفها ليس لديها خيار، لم ترفض العرض، رغم أنها لا تعرف أين تقع البرازيل، لكونها حاملا وتحتاج إلى حماية نفسها وحماية مولودها، الذي لا تريد أن تسمح فيه كما سمحت فيها أمها، لم تدع هذه الفرصة تمر، مع أمل في حياة أفضل وخوفا من انتقام الأهل والمجتمع.
تكلمت سهام مع صابرين على موبايل حكيم، أحد الشباب الثلاثة، لطمئنتها ثم نصحتها أن لا تأتي بكل أمتعتها، وأن تبدأ على على الفور في القيام بالترتيبات اللازمة، فعبأت القليل من الملابس في حقيبة على الظهر (Sac a dos) ، في نهاية المطاف وبعد أيام قليلة وجدت نفسها في مطار ساو باولو، حيث كانت سهام وامها في انتظارها.
1- في ساو باولو، البرازيل
وصلت صابرين إلى البرازيل في شهر فبراير 2017، ثم استقرت مع مضيفتها السيدة سهام في بيت أمها في ساو باولو، بعد 3 أشهر تقريبا أخبرتها أنها وجدت لها عمل كخياطة في موزمبيق، ويمكن أن تحصل فيه على راتب DH20.000 كل شهر وأنها لن تشعر بالغربة والوحدانية، بحكم أن هناك مغاربة وعرب مهاجرين في ذلك البلد، حجزت لها غرفة بفندق في مابوتو، وأعطتها 800 دولار أمريكي لتغطية المصاريف بما فيها الفندق وأرقام هواتف و بعض الوثائق لم تفهم ما فيها، لكونها غير متمدرسة ولا تتكلم سوى العامية العربية.
صابرين كانت تثق كثيرا في سهام، وقالت انها لم يسبق لها أن شكّت فيها أبدا، كانت تعتقد انها تساعدها بحسن نية، حبا في عمل الخير، أو طمعا في علاقة ما، فشرائها للتذاكر وبعض الهدايا والملابس والأمتعة، زاد من اعتقادها أنها من المتبرعات الفاعلات للخير.
تقول صابرين: “في صباح يوم السفر وضعت حقيبة الظهر (Sac a Dos) على ظهري التي فيها، وبمساعدة سهام عبأت بعضا من ملابسي، خرجنا جميعا من البيت، عندما حضرت سيارة الأجرة، لتأخذنا إلى المطار، لاحظت بيدها ولأول مرة حقيبة سفر زرقاء (Valise)، لم يسبق لي أن رأيتها من قبل في البيت، فقلت لها أني حامل، عندي حقيبتي على ظهري ولا أريد المزيد من الثقل، فردت علي أن فيها عينات فساتين، لأسلمهم إلى صاحب المصنع الذي كنت كما زعمت أني ساشتغل عنده كخياطة.”
رافقت سهام صابرين إلى مطار ساو باولو، ومن هناك طاروا إلى مطار آخر صغير، بفكرة ان صابرين ستسافر منه، وعند وصولهم إلى المطار المذكور، أشارت سهام من بعيد إلى موظفة بيضاء اللون، مسؤولة في مصلحة تسجيل الأمتعة، وطلبت منها، بعدما سلتمها الحقيبة المعلومة، أن تذهب لوحدها عند تلك الموظفة، وتسلمها الموبايل لكي تتكلم معها، ذلك ما فعلت صابرين، فتكلمت معها وأخذت من عندها الحقيبة ولم تعطيها توصيلا في المقابل، آنذاك سهام كانت في مطعم قريب بدريعة وضع طلب لشراء الطعام.
عند رجوع صابرين، قالت لها سهام بطريقة مؤسفة: “نحن أخطأنا بمجيئنا إلى هذا المطار، و يجب أن نرجع إلى مطار ساو باولو” اعتذرت لصابرين و اخذت من عندها حقيبة الظهر التي كانت على ظهرها، بدريعة مساعدتها ولتخفف عليها وتريحها لأنها حامل، العكس كان هو الصحيح، ليس لتخفف…ولكن لتدس دون علم صابرين، مفاتيح الحقيبة الزرقاء و توصيل دفعها في جيب حقيبة الظهر (Sac a Dos) والذي لم يخطر في بالها أنه جيب.
عادوا على الفور إلى مطار ساو باولو، حيث أخذت صابرين طائرتها في إتجاه مابوتو عبر جوهانسبورغ، والتي فيها وبالضبط فى مطار جوهانسبورغ الدولي، اعتقلتها الشرطة بعدما عثرت على حقيبة باسمها محملة ب 6 كلج من مادة بيضاء تحتوي على مادة الكوكايين كما جاء في تقرير المختبر.
للتذكير هناك حقيبتين عند خروجهن من البيت في الصباح:
– حقيبة زرقاء (Valise) كانت تجرها سهام.
– وحقيبة الظهر (Sac a Dos) كانت تحملها صابرين على ظهرها.
في 15 أغسطس نُقلت صابرين إلى مستشفى باراغواناه بجوهانسبورغ، كانت في شهرها لتضع مولودها، كانت في حالة مهينة وسيئة للغاية، تبكي من شدة الألم وهي مكبلة اليدين والأرجل بسلاسل طويلة وثقيلة، تنتظر فراغ سرير لإجراء عملية قيصرية لها.
حقا كشابة صغيرة، عمرها 22 سنة، خدعوها لتسقط ضحية الإتجار بالبشر، بشهادة المحققين ووفقا لمعايير الاتجار بالبشر التي حددتها الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة، تجهل مصير قضيتها، قد يُحكمُ عليها بالمؤبد إذا أدينت، تلد لأول مرة بعملية جراحية، في حالة ِنفاس وفي تلك الظروف بعيدة عن أهلها وأقاربها، أليس هذا عذاب حقيقي؟
لندعوا لها ربي يطلق سراحها…؟
عبد السلام حبيب الله
جوهانسبورغ، جنوب افريقيا
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.