تحتفل “رابطة كاتبات المغرب” باليوم الوطني للكاتبة المغربية في سنته الخامسة على إيقاع التراجعات التي مسّت حقوق الإنسان في عالم سادته اختلالات كبيرة نتجت عن تأويل غير سليم لكافة العادات والتقاليد التي تشكل ذاكرة وموروثا للمجتمعات، والتي تم توظيفها في علاقة الرجل بالمرأة في مختلف الأوجه، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا، فتم بذلك الإجهاز على الكثير من المكتسبات في المساواة بين الرجل والمرأة. وإذا كنا في “رابطة كاتبات المغرب” نعي جيدا الأسباب الثقافية والفكرية الكامنة وراء هذا التراجع، وخاصة في البلدان التي تتطلع فيها النساء إلى حقوق تتماشى مع كافة الاتفاقيات الدولية.
واحتفالات “رابطة كاتبات المغرب” بيوم 9 مارس كيوم وطني للكاتبة المغربية دافعه التشبث برمزيته السياسية والمؤسساتية التي نتج عنها دستور صوّت عليه كافة المغاربة، يقرّ في الفصل التاسع عشر منه بالمساواة والمناصفة الفعلية بين المرأة والرجل؛ وهو الفصل الذي ظل دون قانون تنظيمي لتفعيل بنوده حتى تتبوأ المرأة المغربية المكانة التي تستحق.
كما أن “رابطة كاتبات المغرب” تتابع بقلق كبير التصدي الذي طال المكتسبات الدستورية التي أحرزتها النساء في الوثيقة الدستورية 2011 وتواكب عن قرب الساحة الوطنية. والرابطة منخرطة، أيضا، مع الحركة النسائية المغربية وكل القوى الحية في المجتمع من أجل مستقبل أفضل. ونؤكد في “رابطة كاتبات المغرب” أن القضية الثقافية هي في عمق الانشغالات الديمقراطية والقضايا العادلة للمجتمع وأنْ لا ديمقراطية ولا تنمية حقيقية في غياب تفعيل قانون المساواة والمناصفة.
كما تعلن “رابطة كاتبات المغرب”، وهي تحتفل بـ9 مارس من كل سنة عن انشغالات الكاتبة المغربية، في كافة الأجناس التعبيرية، وهي انشغالات في عمق الأسئلة المجتمعية من بوابة الإبداع في المجال الثقافي والفني، الذي يشكل رافعة أساسية للنهوض بالفعل البشري من أجل الدفاع عن القيم الكبيرة، وفي مقدمتها مسألة المساواة، وأنّ الكتابة والإبداع واجهة جوهرية للنهوض والبناء والمساهمة في نفض الغبار عن وعي المجتمع بقضاياه، من حقوق مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية.. فالمساواة بين الجنسين تقتضي تعديلات وتحقيقات جديدة في مدونة الأسرة حتى تستجيب لتطور الوثيقة الدستورية، المدونة التي تحتاج إلى إعمال الفكر بدعوته إلى التحرر من التراكمات السلبية التي عقدت العلاقة بين المرأة والرجل، وأساءت إلى التقاليد والقيم الثقافية والدين، بتقييد حقوق المرأة وترسيخ التحيز الجنسي وتكرس العبودية المقننة بأفكار مبنية على الانغلاق يتم فيها ترهيب النساء وممارسة كافة أشكال الظلم على آدميتهن والعنف الجسدي.. إن “رابطة كاتبات المغرب”، وهي تطالب بالكشف والمكاشفة حول أوضاع النساء في بلادنا، تسجل -بكل أسف- تكريس بعض السياسات منطقَ التمييز السلبي بين المرأة والرجل، إذ مازالت كفّة المناصب العليا في كافة القطاعات المنتجة تميل إلى الرجل، ما يرسم صورة غير عادلة تجاه النساء المغربيات، اللواتي أعطين النموذج في الضفة الأخرى بعدما أتيحت لهنّ الفرصة لإبراز كفاءاتهن وقدرتهن على تسيير وتدبير مواقع هامة في دول المهجر، ما يستدعي الدفع نحو تمكين النساء من تحقيق تطلعاتهن في جميع الواجهات.
كما تدعو “رابطة كاتبة المغرب” إلى النهوض بالنساء على مستوى التعليم والصحة وتحسين أوضاعهن، بإتاحة فرص للشغل تجعلهن قادرات على الاستقلالية في تدبير أوضاعهن المعيشية. تدعو الرابطة، كذلك، إلى جعل التعليم في مستوى المطالب العادلة، ومنها قضايا النساء.
كما تطمح “رابطة كاتبات المغرب” إلى أن تعتمد وزارة الثقافة يوم 09 مارس يوماً وطنياً للكاتبة المغربية.. وسنناضل من أجل اعتماده من خلال تخليده كل سنة. ومعلومٌ أن رابطة كاتبات المغرب كانت قد نظّمت أول احتفال بهذا اليوم سنة 2013 في مدينة فاس، بشراكة مع وزارة الثقافة والجماعة الحضرية للعاصمة العلمية.
-سنة 2014 في مدينة سلا، بشراكة مع وزارة الثقافة وجمعية أبي رقراق ووكالة تنمية ضفتي أبي رقراق ووكالة تنمية الأقاليم الجنوبية ومجلس الجالية المغربية في الخارج.
-سنة 2015 في مدينة القنيطرة، بشراكة مع وزارة الثقافة والجماعة الحضرية للمدينة ذاتها.
سنة 2016 في العاصمة الرباط، ونُظم حفلُ الاحتفاء تحت الرعاية الملكية السامية، بشركة مع وزارتَي الثقافة والاتصال وجهة الرباط -سلا -القنيطرة وفاعلين اقتصاديين، وبحضور كاتبات من دول المغرب العربي موريتانيا، الجزائر، تونس وليبيا.. وأُسّست على هامشه “رابطة الكاتبة المغاربية”، التي آلت رئاستها للمغرب.
وسنة 2017 فسح المكتب المركزي المجال للفروع داخل وخارج المملكة.
إنّ الاحتفال بـ09 مارس هو تكريسٌ من “رابطة كاتبات المغرب” لمفهوم الجهوية المتقدمة، باعتبار رابطتنا جمعية مواطنة تلعب دورها في التأطير الثقافي وبلورت تصورا عن العمق المغربي من خلال الرهان على المغرب العميق، وحثّ مغربيات العالم على الكتابة بهويتهن المغربية.
وإذ ترفع رابطة كاتبات المغرب من نبرة مطلب تفعيل الفصل التاسع عشر من الدستور لتعزيز المساواة بين الجنسين، واشتغالها على أن تكون إطارا يحمل مشروعا ثقافيا يحارب الصورة النمطية للمرأة، فإن هذه المطالب والاهتمامات لن تنسينا أخواتنا القابعات في مخيمات تيندوف في ظل أوضاع جد مزرية وغياب أبسط شروط الحياة الكريمة. وتدعو “رابطة كاتبات المغرب” المجتمع الحقوقي الدولي إلى فتح تحقيق نزيه بهدف وضع حد لهذا الوضع غير الطبيعي، الذي عمّر لأزيد من 40 سنة.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.