مراسلة مونيا ك//
خلال تجوّلك في الأماكن العامة تجدُ كثيراً من الأشخاص حولك تتركّز أبصارهم على هواتفهم المحمولة أكثر من تركيزهم على خط سيرهم ومايدور حولهم ! هذا خطأ شائع وبالطبع قد يعرّضهم لبعض الإشكاليات. لقد أصبح الهاتف المحمول أداة تواصلك مع الكوكب لذا تجد أغلب الناس يعانون من صعوبة الاستغناء عن أجهزتهم حتى لفتراتٍ بسيطة !
ومن يلاحظ رد الفعل الشائع الذي يسيطر على النسبة العظمى من الناس في الأماكن العامة، يجده طبيعياً حيادياً إلى أن يستجدّ سببٌ ما فيتغيّر رد الفعل تماماً. يقول أحد المصورين: أمارس رياضة المشي يومياً لمدة ساعة، خلالها أستعرض عبر هاتفي المحمول عدداً من الحسابات العالمية التي تنشر أبرز الصور الفوتوغرافية المميزة من حول العالم، هناك الكثير من الصور التي أمرُّ عليها مرور الكرام ! والبعض الآخر يستوقفني لبرهةٍ فقط ! من النادر أن أجد صورة تجبرني على توظيف كامل حواسي في الانتقال من مرحلة “رؤيتها” لمرحلة “مشاهدتها” ! حينها أجد نفسي وقد توقفتُ عن المشي لا إرادياً ! لأتمعّن فيها وأغوص في بحر أسرارها ومعانيها المباشرة وغير المباشرة.
هناك فرق كبيرٌ وجوهريّ بين الصورة الجميلة، التي لا تجد العين فيها عيباً ظاهراً ولا حتى سبباً واضحاً للوقوف عندها، وبين الصورة التي تحتوي على مُسبِّبات الدهشة ! تلك الصورة التي تسرق الاهتمام بالإكراه وتَنفُذُ للعقل وتُعيد المخيّلة لحالة الحركة والنشاط !
في عالم التواصل الاجتماعي نجدُ الصورة الجميلة تحصد نسبة كبيرة من الإعجاب، لكن الصورة المدهشة لا تكتفي بإثارة الإعجاب، فتجدُ التعليقات تنهال عليها من كل الدول وبكل اللغات معبّرة عن حالة الدهشة التي تحتكر ردود فعل مشاهديها ! إن المصورين والمتذوّقين الحقيقيين للتصوير شغوفون بالتعبير عن آرائهم في الإبداعات البصرية التي تقع بين أيديهم ومناقشة أبعاد روعتها ومعانيها ومناسبتها والظروف المحيطة بها وكل مايتعلّق بعملية ظهورها للنور، بينما تكتفي الصور الجميلة بحصد الإعجاب وبعض التعليقات التي يكتسي أغلبها بطابع المجاملة.
بعض المصورين لا يُعلن عن صوره الجميلة، بل يجتهد لشهورٍ طويلةٍ في العمل على إنتاج الصور المدهشة، لأنه يدركُ تماماً أنها التي تصنع انطباع الناس عنه وتشكّل هويته، وأنها التي تلتصق بجدران الذاكرة وتنجح في مقاومة أمواج النسيان.
فلاش:
الصور الجميلة تُسعد العين .. والمدهشة تستوطن الذاكرة
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.