عبد الرحيم هريوى
وصدق محمد الأشعري الروائي والشاعر المغربي،صاحب جائزتي البوكر وأرݣانة ،وصاحب رواية القوس والفراشة، لما قال :
“أنا ما زلت أكتب دائما تحت سطوة الألم..!”
والقاص الكبير أحمد بوزفور قال عن الدافع الأساسي للكتابة عنده : “أكتب كي أخرج ما في صدري على الورقة كي أستريح..!”
والكتابة نوع من الإبداع الفني والجمالي، وهي لا تأتي من فراغ بل تكون ناجمة عن تراكمات عدة، وهزات، وأوجاع وآلام، وجروح دفينة في أعماقنا،ومسيرة عمر في عالمي الثقافة والمعرفة، من قراءة وإطلاع ..وقد لا يولد الكاتب كاتبا من أول نص ينجزه،بل يتطور مع الزمن،وكلما تغيرت القراءة تغيرت الكتابة،والقراءة التافهة،لنصوص رديئة قد لا تفيد الكتابة في شيء،فهناك في عالم الكتابة والقراءة لا بد من ملازمة النصوص المؤسسة والكبرى لتلك القراءة، وصدق الشاعر المغربي صلاح بوسريف حين قال:
“الكتابة حينما تدخل لأراضيها لابد أنك تستشعر بالخطر الكبير..!
ولكن الأقلام تبقى بألوان شتى ،فمنها الباردة وأخرى ساخنة، وتبقى الأقلام الجريئة والشجاعة المشاغبة تقول ما قاله جبران:
” لبيك للخطر حينما يناديني..!”
وفي مجمل القول؛ تبقى القراءة والكتابة كلتيهما في حاجة للأخرى،فإن غابت الواحدة أثرت بغيابها المباشر بشكل من الأشكال عن الأخرى،وها هو صاحب جائزة نوبل في الأدب كابرييل كارسيا ماركيز يقول:
” كلما بدأت مشروعا في كتابة نص من النصوص،لا بد أن أكون قد قرأت لأمهات الكتب..!”
ولعل الكتابة تساعدك على نفض ما في جوفك من ترسبات عبر تدوين الحرف، وتوسيخ وجه الأوراق من ما تحمله الذات من الأحزان،والأوجاع والمعاناة،وماجمعته من هزات نفسية ووجدانية من صروف الحياة الماضية،وكان سببها المباشر ظلم بني البشر..
وبعد ذلك ستستريح بالمطلق..!
وكأنك كنت تتعالج في جلسات طبية، لأنك ستفرغ كل أثقال مع أثقالك، ولعمر السنين الطويلة طبعا..!!
لكن القراءة قد لا تساعدك على التخلص من آلامك بشكل كبير،لأنك تقرأ آلام وأحزان الآخرين،وتشاركهم أوجاعهم ..!
وللكاتب والشاعر المغربي علال أب أشرف الجعدوني عبر تدوينة، رأي متميز، عن عالم الكتابة.. وهو يتساءل عبر سؤاله الوجودي..
– لماذا أكتب..! ؟
أكتب لأنني أحب الكتابة ،فهي ممارسة أو نشاط أجد فيها لذتي ، كما أعتبرها متنفسا أو غذاء أساسيا للفكر والروح ، والكتابة هي تعبير عما أريد كتابته ، بل وبكل شفافية هي بمثابة رسائل أتواصل بها مع القراء في كل مكان وخاصة في عصر الأنترنيت ، والكتابة لا تعني لي الشهرة بقدر ما تعني لي بصمة من بصمات الحياة تبقى حلقة وصل بيني وبين من يتواصل معي علنا أو سراً ….
وهناك من يعتبر الكتابة كالشاعر عبد الوهاب البياتي : الكتابة مواجهة الموت ،يقول : ( أكتب كي لا أموت .أكتب كي أستطيع مقاومة الموت .)
ويقول الروائي الشهير جورج أورييل : (عندما أجلس لكتابة كتاب لا أقول لنفسي سأنتج عملا فنيا ،إنما اكتبه لأن ثمة كذبة أريد فضحها،او حقيقة أريد إلقاء الضوء عليها،وهمي الوحيد هو أن أحصل على من يستمع .)
وقال سلمان رشدي : (أكتب لأني أحب أن أبتدع.. أحب أن أكذب .)
ويقول جورج سيمون :(أكتب لأني حين لا أفعل أشعر بالضيق .)
ويقول توفيق الحكيم :(أنا لا أكتب إلا لهدف واحد هو دفع القارىء للتفكير..وبعد مائة كتاب أعتقد أن أعمالي غير مجدية .)
فعلا لكل واحد ممن ذكرت له رؤية خاصة وهناك العشرات لم اذكرهم هنا يحملون نظرة أخرى عن مفهوم الكتابة والدواعي لها.. وتبقى الكتابة لذة من لذات الحياة يفرض الإنسان بها وجوده و لكل عاشق للكتابة له دوافع تجعله ينقش نقشه ويدون ما يخالج كيانه بما يراه مناسباً في مساحة الكتابة .
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.