نظم م استر العلوم الشرعية والبناء الحضاري بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة محمد الخامس بالرباط* ، ندوة وطنية بمدينة طنجة يوم 28 نونبر 2025 تحت عنوان: “ *الشهيد أحمد الحنصالي: ذاكرة المقاومة وبناء الوعي الوطني في وجدان الشباب المغربي”* . وقد جاء هذا اللقاء في إطار الجهود المتواصلة التي يبذلها الماستر لإحياء الذاكرة الوطنية وربط الجامعة بتاريخ المغرب النضالي، إذ يعد هذا التوجه أحد المرتكزات الفكرية والعلمية التي يعمل عليها الماستر بإشراف منسقه البيداغوجي *الدكتور عبد الرزاق الجاي* ، الذي حرص على أن يكون هذا الحدث مناسبة لتجديد الوصال بين الأجيال ورموز المقاومة، وتأكيد حضور الذاكرة في مشروع البناء الحضاري.
وقد نظمت الندوة بشراكة مع مؤسسة عبد الخالق الطريس للتربية وا *لثقافة والعلوم والنيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بجهة طنجة–تطوان–الحسيمة،* وهو ما منحها طابعا تكامليا جمع بين البعد الأكاديمي والمؤسساتي والذاكراتي. وتميزت هذه الفعالية بتسيير مقتدر لفقراتها من طرف ا *لأستاذ حسن الطويل* ، الذي أدار الجلسات المختلفة بمهارة وتناغم يليق بقيمة الموضوع وحجم المشاركين.
افتتحت الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، تلتها كلمات الشركاء، حيث شدد كل من ال *دكتور عبد الرزاق الجاي والدكتور طارق حيون والأستاذ حسن بن يوسف والأستاذة حميدة الجازي* على أهمية إعادة قراءة سيرة الشهيد أحمد الحنصالي باعتبارها مدخلا لفهم روح المقاومة وتجلياتها في جبال الأطلس، وعلى دور هذا النوع من اللقاءات في تعزيز وعي الشباب بالتاريخ الوطني. وقد جرى بعد ذلك عرض وثائقي مؤثر حول حياة الشهيد، تلته زيارة لجناح المعرض الذي ضم صورا ووثائق مرتبطة بالمقاومة في المنطقة.
وقد عرفت الجلسات العلمية للندوة مداخلات متعددة الزوايا أضاءت الجوانب التاريخية والنفسية والقيمية لمسار الشهيد. فتناول الدكتور *امحمد جبرون* الأسس التاريخية لشخصية الحنصالي وظروف نشأته، بينما أبرز *العلامة عبد السلام الكرتي* البعد الروحي والقيمي في نضاله، وقدمت ا *لدكتورة ثورية وديع* قراءة نفسية لمسار المقاومة بالأطلس، ليختم الدكتور *محمد نحوا* مداخلات الجلسة الأولى بحديث عن المقاومة في أزيلال وصور الصمود الشعبي فيها. فيما ركزت الجلسة الثانية على ربط الذاكرة الوطنية بالحقول التربوية والنفسية، حيث قدم *الدكتور عبد الرزاق* الجاي تصورا تربويا لدور المقاومة في بناء الانتماء، وطرح ا *لدكتور عمر لمغيبشي* رؤية عملية لإدماج الذاكرة الوطنية في المناهج التعليمية، قبل أن تقدم ا *لدكتورة سهام بن المجدوب الحسني* أول تحليل نفسي لشخصية الشهيد، ويعرض *الدكتور ياسر الطريبق* سردا مفصلا حول ظروف اعتقال الحنصالي وإعدامه.
أما الجلسة الثالثة، فكانت محطة لافتة *للطلبة الباحثين* الذين برهنوا على قدرة متقدمة في البحث والتحليل، إذ تناولت أوراقهم العلمية حضور الشهيد في الذاكرة الوطنية والكتابات الاستعمارية والمخيال الشعبي، وكشفت مداخلاتهم عن وعي جديد يتشكل داخل الجامعة المغربية بأهمية استعادة رموز المقاومة وتقديمها للأجيال في صيغة معرفية حديثة.
وفي واحدة من أكثر لحظات الندوة تأثيرا، قامت *مؤسسة عبد الخالق الطريس* بمبادرة ذات رمزية عالية حين قدمت *للأستاذ حسن بن يوسف، النائب الجهوي للمندوبية السامية،* مجموعة من الصور التاريخية النادرة التي توثق لمسار الوطني الكبير عبد الخالق الطريس في محطات مختلفة من نضاله. وقد شكلت هذه المبادرة لحظة احتفاء حقيقية بواحد من كبار رجالات الحركة الوطنية، خاصة وأن الصور المسلمة تعد وثائق نادرة تعيد الاعتبار لصفحات مشرقة من تاريخ المغرب. وقد عبر ا *لأستاذ حسن بن يوسف* عن تقديره العميق لهذه الالتفاتة التي قال إنها تجسد روح الوفاء وتعزز الشراكة الهادفة بين المؤسستين في خدمة الذاكرة الوطنية.
واختتمت الندوة بتقديم توصيات علمية دعت إلى تعزيز الحضور الإعلامي للذاكرة الوطنية وإنتاج محتوى بصري ورقمي موجه للشباب حول رموز المقاومة، إضافة إلى تلاوة *الدكتور عبد الرزاق الجاي* لبرقية ولاء وإخلاص للسدة العالية بالله جلالة الملك محمد السادس نصره الله وايده. كما شهدت الفعالية توقيع كتابي ا *لدكتور ألعيد نحوا حول تاريخ وزوايا منطقة أزيلال والأدب الأمازيغي بها* ، في ختام يوم علمي زاخر بالنقاشات والمعرفة.
لقد أكدت هذه الندوة أن *سيرة الشهيد أحمد الحنصالي* ليست مجرد فصل من الماضي، بل هي طاقة روحية وتاريخية قادرة على إلهام الحاضر وشحذ همم الشباب نحو قيم التضحية والوفاء والانتماء. كما برهنت على أن الجامعة المغربية، من خلال ماستر العلوم الشرعية والبناء الحضاري، قادرة على أن تكون جسرا بين المعرفة والذاكرة، وبين التاريخ ومسؤوليات المستقبل.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

