يحز في نفس الأستاتذة المشاركين في الحركة الانتقالية المحلية على مستوى مديرية بنسليمان أن يطول انتظارهم لما أسفرت عنه هذه الحركة من نتائج في حالة ما إذا كانت أكبر من صفر. وبالنسبة للأساتذة الذين فوجئوا بعبارة “لا أحد” فقد تيقنوا من كون الجمود حل محل الحركة وتجرعوا مرارة الفشل لحظة وقوفهم على النتائج ولو كانت عبارة عن صفر كبير ثم بعد ذلك انصرفوا إلى شؤونهم في حياتهم اليومية. لكن الأمر مخالف لزملائهم في مديرية بنسليمان الذين ما زالوا ضحية الهواجس والكوابيس جراء مدة انتظار انتائج التي طالت واستطالت بشكل استثنائي. فهل هناك طارئ حال دون الإفراج عن النتائج في وقتها المحدد؛ علما أن الأسبوع الأول من شهر غشت الذي يخصص عادة لعطلة الإداريين يوشك على نهايته؟
مجرد إطلالة سريعة على المواقع المهتمة بنشر نتائج الحركة الانتقالية لهيئة التدريس من شأنها أن تجعل الباحث يقف على أن المديريات الإقليمية التي أصدرت نتائج الحركة الانتقالية المحلية تتجاوز بالكاد عدد 30 وأن من بينها من آلت فيها الحركة إلى جمود خاصة بالنسبة لأساتذة الابتدائي والإعدادي.
مما لا شك فيه أن التأخر في الإعلان عن نتائج الحركة الانتقالية المحلية بمديرية بنسلسمان مدعاة لكثير من التأويلات والشكوك والافتراضات وسبب كاف لتصديق ما تتعرض له العملية برمتها من انتقادات انصبت في مجملها على عياب الشفافية وتكافؤ الفرص. في هذه الحالة لن نستغرب من أستاذ أعياه انتظار النتائج ففسره برغبة الساهرين المحليين على العملية في وضع القدر على نار هادئة حتى تأتي الأكلة مطابقة لأذواق وطلبات المنتسبين لذوي الحظوة والنفوذ.
يعلم الأساتذة المشاركون في الحركة الانتقالية أنها ترزح تحت إكراهات موضوعية ناجمة عن الخصاص المهول في عدد الموارد البشرية المكلفة بالتدريس في جميع الأسلاك كما هي (الإكراهات) ناتجة عن فرملة التوظيف وإحداث مؤسسات تعليمية إضافية بسبب التقيد بإملاءات المؤسسات المالية الدولية المانحة للمساعدات والقروض. كل هذه الإكراهات ممكن تفهمها واستيعابها، لكن ما يتعذر هضمه هو هذه الاجتهادات والتشريعات التي أدخلت على الحركة الانتقالية والتي أعطت الأسبقية للأستاذة المتزوجة للالتحاق بزوجها وجمع شمل أسرتها، في حين أن الأستاذ المتزوج بربة بيت ليس من حقه لم شمل عائلته ومقابلة تمدرس أبنائه والإشراف على شؤون بيته. هذا هو ما يعبر عنه يالكيل بمكياين. ثم ان وضع شرط 20 سنة كأقدمية في المنصب الأخير يعني بالنسبة لعدد كبير من الأساتذة المبعدين عن أهلهم وذويهم أن الانتقال والتقاعد مترادفان.
إن التمعن في التشريعات الجديدة التي تم إقحامها في المذكرة الإطار الخاصة بالحركات الانتقالية لقائدة هيئة التدريس يدعو إلى استحضار ما وقع لمجموعة من حفظة القرآن (الطُلْبـة) الذين تمت دعوتهم لحضور مأدبة من قبل آدب يسكن بعيدا عن مرابضهم. استيقظ المدعوون باكرا وانخرطوا سويا في المسير بعد أدائهم صلاة الفجر. عند حلول صلاة الظهر كانوا قد قطعوا مسافة طويلة ولم يظهر لهم في الأفق ما يؤشر على اقترابهم من غايتهم التي هم إليها قاصدون. هدهم التعب واعتصر الجوع أمعاءهم فأخذوا يتشاكون. فجأة تراءت لهم على قارعة الطريق سلة ملأى بالتين فتداعوا عليها مبسملين متعجبين وهموا باقتسام حبات التين فيما بينهم عساها تمد أجسادهم المنهكة بطاقة يقوون معها على استئناف المسير نحو مضيقهم. تقدم الفقيه أحدقهم وافتحص السلة بخيشومه فقال لهم يا قوم إياكم وأكل التين فقد بال عليه الذئب. استنكف “الفقها” عن ازدراد حبات التين وكادوا أن يرموا التمرات جانبا، غير أن أحدهم أفتى عليهم بعزل التينات التي لم يمسسها بول الذئب عن تلك الملوثة به وأشار عليهم بأكل الأوليات وترك الأخريات. استحسنوا فكرة رفيقهم وشرعوا في عملية الفرز: هذي ما بالش عليها الديب مزيانة، هادي بال عليها ما مزياناش..وبقوا هكذا هاي مزيانة هادي ما مزياناش حتى التهموا كل شي.
بقلم : احمد رباص
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.