الدم المشروك”… حين تتحوّل الدراما إلى شرارة للعنف في الشارع المغربي

abdelaaziz65 ساعات agoLast Update :
الدم المشروك”… حين تتحوّل الدراما إلى شرارة للعنف في الشارع المغربي

في الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة شهر رمضان لعيش أجواء روحانية وعائلية، تطل عليهم بعض القنوات التلفزية بمسلسلات يغلب عليها العنف والدم والسيوف والقتل، كما هو الحال مع مسلسل “الدم المشروك” الذي خلق جدلاً واسعاً بسبب مشاهده الصادمة، وطابعه الإجرامي الذي لا يراعي نفسية المشاهد ولا خصوصية الشهر الفضيل.

 

لم تمر سوى أيام قليلة على نهاية الشهر، حتى بدأت تظهر في عدد من المدن المغربية، وخاصة في منطقة تاسلطانت بضواحي مراكش، مظاهر مقلقة تمثلت في حمل السيوف علناً، والاعتداء على المواطنين، بل وتحدي السلطات الأمنية في وضح النهار، في مشاهد ذكّرت الجميع بما كان يُعرض على الشاشات وكأن الواقع بات يُحاكي الخيال التلفزيوني.

 

الخطير في الأمر أن عدداً من الشباب والمراهقين، ممن يعانون من هشاشة اجتماعية وفكرية، باتوا يتأثرون بهذه المشاهد ويميلون إلى تقليد أبطالها، خاصة عندما يتم تقديم المجرم في المسلسل كرمز للقوة والسلطة، دون تسليط الضوء الحقيقي على عواقب أفعاله. بذلك، تصبح الدراما أداة تحفيز للانحراف، بدل أن تكون وسيلة لتوعية المجتمع وتصحيح مساراته.

 

القانون المغربي، ممثلاً في فصوله الزجرية وعلى رأسها الفصل 507، يحاول التصدي بقوة لكل من تسوّل له نفسه ترويع المواطنين وحمل السلاح الأبيض، عبر إصدار عقوبات صارمة ضد هذه الأفعال. إلا أن المجهود الأمني والقضائي وحده لا يكفي، ما دام بعض الأعمال الفنية تزرع البذور الأولى لهذا السلوك، وتغرس في أذهان المتلقين صوراً مشوهة عن الرجولة والقوة والبطولة.

 

المسؤولية اليوم مشتركة بين صناع المحتوى، والمؤسسات الإعلامية، والجهات الرقابية، وكل من له دور في تشكيل الوعي العام. فليس من المقبول أن تُموّل هذه الأعمال من أموال دافعي الضرائب، بينما هي في الواقع تروّج لنموذج خطير قد يدفع بالمجتمع نحو مزيد من الانفلات والتطبيع مع الجريمة.

 

الفن رسالة، وليس مجرد عرض بصري للترفيه. وإذا لم يتحمّل القائمون عليه مسؤوليتهم الأخلاقية والمجتمعية، فإن النتيجة ستكون المزيد من المراهقين في الشوارع، والمزيد من السيوف المرفوعة، والمزيد من الضحايا الأبرياء.

 

إن محاربة العنف لا تكون فقط عبر الأمن والسجون، بل تبدأ من الكلمة، من الصورة، من القصة التي نرويها على شاشاتنا. وبين مسلسل يُشوّه الواقع، وشاب يتأثر، ومواطن يُروع، هناك مسؤوليات يجب أن تُحمل بجدية قبل أن تصبح الدراما مصدر خطر على السلم المجتمعي.

 

بقلم: ع الرزاق توجاني


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading