في خطوة غير مسبوقة على مستوى القطاع الصحي بالمغرب، قدم مدير مستشفى الزموري بمدينة القنيطرة استقالته من منصبه، في موقف وصفه كثيرون بـ”الشجاع والنادر”، احتجاجًا صريحًا على تفشي الفساد داخل المؤسسة الصحية، واستمرار النقص الحاد في الأدوية والموارد البشرية، ما جعل أداء مهامه الإدارية والإنسانية أمرًا بالغ الصعوبة.
وكشفت مصادر مقربة جدًا من المدير المستقيل، أنه كان يرفض الاستفادة من الامتيازات المرتبطة بمنصبه، مثل السكن الوظيفي وسيارة الدولة، واكتفى فقط براتبه كأستاذ جامعي ، إيمانًا منه بأن التسيير يجب أن يُوجَّه لخدمة المواطن، لا لتعزيز المصالح الشخصية.
المفارقة اللافتة، أن المدير، وخلافًا لما هو متعارف عليه، تنازل طوعًا عن كافة الامتيازات المرتبطة بالإدارة، في وقت كان فيه يخوض معركة يومية لتحسين الخدمات الصحية داخل المستشفى، وسط عراقيل كبيرة من بعض الأطراف التي وُصفت بـ”المُعرقلة” و”المستفيدة من الوضع القائم”.
وأوضحت المصادر ذاتها، أن المدير تعرض لحملات تضييق وعرقلة ممنهجة من قبل جهات يُشتبه في ارتباطها بشبكات فساد داخل المؤسسة، ما جعله يُفضّل الانسحاب بدل الاستمرار في موقع لم يعد يخدم المصلحة العامة،.
وتأتي هذه الاستقالة كخطوة احتجاجية قوية ومباشرة، تهدف إلى دق ناقوس الخطر بشأن الوضع المتردي الذي تعرفه المنظومة الصحية، لا سيما على مستوى التسيير وغياب المحاسبة.
وقد خلفت هذه الاستقالة ردود فعل قوية على مستوى الأوساط الصحية والحقوقية، حيث اعتبرها كثيرون “صرخة ضمير” ضد ما وصفوه بـ”الإفلاس الإداري” الذي تعاني منه بعض المرافق الصحية، داعين إلى فتح تحقيق جاد في الأسباب التي دفعت مديرًا كفؤًا ونزيهًا إلى مغادرة منصبه بهذه الطريقة.
وتُعيد هذه الواقعة إلى الواجهة النقاش حول الفساد في تدبير القطاع الصحي بالمغرب، وضرورة توفير بيئة عمل سليمة للكفاءات، بدل التضييق عليها أو دفعها للاستقال.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

