ان المتتبع لمسار برامج التنمية بالساقية الحمراء وواد الذهب لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يغفل العامل السياسي المرتبط بالصراع الدائر حول الإقليم في مراحل انتاجها وتنفيذها،بدأ من مرحلة بلوة فكرة هذه السياسات لدى المسؤوليين عن رسم معالمها، والذين عادة ما يكونون أبعد ما يكون عن الواقع الحقيقي للمستهدفين من رسمها، مرورا بمرحلة إنتاج السياسة العمومية من قلب العاصمة الرباط حيث ترتب أولويات وتقدر أخرى بحسب رغبة هؤلاء المنتجين وفهمهم لانعاكسات هذه السياسات على مصالحهم وعلى مسار الصراع حول المنطقة،وصولا إلى مرحلة تطبيق هذه السياسات من طرف متدخليين لا يأبهون بأحلام المستهدفين المفترضين من السياسات المنتجة، ولا بأولويات من رسم هذه السياسات، لتبقى الحلقة الأضعف في مسلسل انتاج “السياسات التنموية”هي أبناء المنطقة المستهدفة قولا وشعارا والمقصية فعلا وتدبيرا.
إن السؤال المحوري الذي يثير الكثير من الحبر والمداد هو كيف يمكن فهم التناقض بين خطاب رسمي يعد بمستقبل أفضل و واقع ممارسة ينذر بغد مظلم؟
إن شباب المنطقة يخطون بخطى حثيثة نحو المجهول، مجهول لن تكون المنطقة وأنظمتها بمنئها عن تداعياته، و يتجلى السبب في ذلك أن من يشرفون على فبركة ورسم السياسات يقرؤون الوضع في المنطقة وفق مؤشرات توحي لهم بالاستقرارونجاعة السياسات المتبعة ، نقول لهؤلاء إقرأو التاريخ جيدا وتمحصوا في واقع المنطقة واستنطقوا المؤشرات وفق الحقائق والأرقام، وليس وفق تقارير ترفع خدمة لمصالح فئاتتساهم في بلورة الفكرة وأخرى تجتهد في الانتاج و ثالثة غير مبالية ما دامت الصحراء تشكل لها تلك البقرة الحلوب المدرة بسخاء على كل من يحول دون رخاء أبنائها .
لقد كثرت التحاليل و التكهنات حول من المستهدف بسياسات التنمية في الصحراء، لكن الحقيقية البادية للعيان انهم ليسوا بكل تأكيد أبناء الساقية الحمراء وواد الذهب ف 74000 و نيف، نصفها تواجد لفترات طويلة شرق الجدار، لا زالت اوضاع جلهم دون التطلعات المنتظرة من السياسات المتبعة طيلة 40 سنة. فلصالح من يشتغل من تسببوا فهذا الوضع الذي ينذر انفجار وشيك ؟ ومن المسؤول عن قوافل العاطليين وعن فضيحة نتائج مباراة التوظيف بفوسبكراع الموجهة رسميا لتجاوز اخطاء الماضي والمرسخة فعلا لثقافة الاقصاء و ترسيخ المثل ” خير ما راوه سنيناتي يحرك بي الي طامعو” من المسؤول عن منع ابناء الساقية من العودة وتكديس ملفاتهم في القنصليات دون جواب لينضموا الى ابناء عمومتهم من العاطليين والارامل والمطلقات وعمال الانعاش والاشبال..، لتعود من جديد ثقافة الغبن والحرمان لتتشكل لدى كل هذه الفئات، تماما كما كان الوضع قبل خمس سنوات في ظل اوضاع فجرت أحداث اكديم ايزيك وعلى ذكر هذا الاخير أين هي تتمة مخرجات اكديم ايزيك وأين ذهبت باقي الأفواج الا فتراضية المستفيدة من الحلول التي نسجت للقطع مع ” أخطاء الماضي وتجاوز الاختلالات التدبيرية في رسم وتنفيذ السياسات العمومية طيلة أربعين سنة”
إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (25)
سورة يونس
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.