النهار نيوز المغربية: بقلم الاستاذ الفاتحي
في الوقت الذي تتسارع فيه خطوات عدد من المنتخبين نحو التحضير للحملات الانتخابية التشريعية المقبلة، يبدو أن هموم المواطن البسيط لم تعد أولوية تُذكَر في أجنداتهم، وخاصة في المناطق الجبلية الهشة التي لطالما كانت خزانات انتخابية تُستنزف كل موسم اقتراع، دون أن تُمسح عنها غبار التهميش والنسيان.
قبيلة بني عياط، الواقعة ضمن النفوذ الترابي لإقليم أزيلال، تمثل نموذجًا صارخًا لهذا الواقع المؤلم. فرغم كثافة الأصوات التي تفرزها هذه المنطقة لفائدة الأحزاب السياسية خلال كل استحقاق انتخابي، ورغم وعود “البرامج” والشعارات البراقة التي تغزو الفضاءات الإعلامية والأسواق والطرقات، فإن الحصيلة التنموية تبقى هزيلة حد الصدمة.
في قبيلة بني عياط، لا تزال الطرقات المتآكلة تلتهم أحلام التلاميذ كل شتاء، والمستوصفات تفتقر لأبسط شروط التطبيب، والماء والكهرباء في بعض الدواوير امتياز لا حق، أما فرص الشغل للشباب فتكاد تكون معدومة. المواطن هنا يتساءل: إلى متى سنبقى مجرد أرقام في صناديق الاقتراع؟
اليوم، ومع اقتراب موسم انتخابي جديد، ترتفع الأصوات مجددًا في هذه القبيلة المنسية لتُطالب لا بتغيير الخطابات، بل بتغيير العقليات والسياسات، وتناشد السيد عامل إقليم أزيلال بالتدخل العاجل لوضع حد لهذا التلاعب المستمر بمصير أناس لا يريدون أكثر من حقهم في الكرامة والعيش الكريم.
المطلوب اليوم، ليس حضور السياسيين في مواسم الانتخابات، بل حضورهم الدائم في مشاريع تنموية حقيقية تُخرج المنطقة من براثن الفقر والتهميش. المطلوب هو مساءلة الأحزاب عن وعودها، ومحاسبة المنتخبين عن تقاعسهم، وإنصاف مناطق تُستغل أصواتها وتُنسى بعدها.
قبيلة بني عياط ليست فقيرة في تاريخها ولا في طاقاتها البشرية، لكنها فقيرة في نصيبها من العدالة المجالية. وإذا لم يتحرك الضمير الرسمي والجهوي، وإذا لم يتحمل المسؤولون مسؤولياتهم الوطنية والإنسانية، فإن المنطقة ستبقى منكوبة، ومعها ستنكب آمال آلاف المواطنين.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
