الفن في خدمة المجتمع: مشاركة أكاديمية مغربية في مؤتمر دولي بالمتحف الوطني للفنون المعاصرة بأليكانتي الإسبانية

abdelaaziz619 يوليو 2025Last Update :
الفن في خدمة المجتمع: مشاركة أكاديمية مغربية في مؤتمر دولي بالمتحف الوطني للفنون المعاصرة بأليكانتي الإسبانية

في سياق دولي يتنامى فيه الوعي بأهمية الفنون في تعزيز التماسك الاجتماعي، وبناء الجسور بين الشعوب والثقافات، احتضن المتحف الوطني للفنون المعاصرة (MACA) بمدينة أليكانتي – إسبانيا، أيام 16 و17 يوليوز 2025، أشغال المؤتمر الدولي “الفن والمجتمع: نحو توظيف فعّال للفنون في خدمة قضايا المجتمع”، بمشاركة ثلّة من الأكاديميين والباحثين والفنانين من مختلف دول العالم.

وشهد المؤتمر حضورًا مغربيًا متميّزًا من أبرزها مشاركة الباحثة نعيمة عثماني، المتخصصة في حوار الأديان، ضمن سلك الدكتوراه في الدراسات الأدبية واللسانية والثقافية بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، والتي ساهمت في أشغال الجلسة الأولى ليوم الأربعاء 16 يوليوز2025، التي أشرف على تسييرها كل من الدكتور: نور الدين التباعي، والدكتورة: ناتاليا مولينوس نافارو.

وجاءت مشاركة الباحثة من خلال ورقة بحثية علمية موسومة بـ:

” الفن في السياسات العمومية المغربية: نحو مقاربة مؤسساتية لتفعيل دور المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية في تأطير المجال الفني”

Art in Moroccan Public Policy: Towards an Institutional Approach to Strengthening the Role of the National Council for Languages and Culture in Regulating the Artistic Sector

وقد انصبت المداخلة ضمن أعمال المحور الثالث المتعلق بـ”السياسات العمومية في المجال الفني”، لما يحمله هذا المحور من أهمية بالغة في سياق النقاشات الراهنة حول موقع الفن في السياسات الثقافية الوطنية، ودوره في بلورة تحوّلات مجتمعية هادفة.

انطلقت الورقة البحثية من مساءلة أداء المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، باعتباره هيئة دستورية ذات طابع استشاري واقتراحي، ومدى نجاعته في تأطير المجال الفني والمساهمة في صياغة سياسة ثقافية شاملة.

واعتمدت المقاربة التحليلية للباحثة على محورين أساسيين:

-البعد التشريعي والمؤسساتي: حيث تم التركيز على الصلاحيات القانونية المخوّلة للمجلس، مثل اقتراح مشاريع القوانين، وإبداء الرأي في السياسات العمومية، والمساهمة في التنسيق بين الفاعلين. غير أن واقع الممارسة يكشف عن فجوة ملموسة بين النصوص القانونية وتفعيلها الميداني، تتجلى في تأخر استكمال هيكلة المجلس، خاصة لجانه الدائمة المكلفة بالفنون، إضافة إلى ضعف التنسيق المؤسساتي، ما يحدّ من فاعليته في التأثير على السياسات العمومية في المجال الفني.

-البعد العملي والتطبيقي: تم خلاله رصد جملة من التحديات البنيوية، من أبرزها غياب رؤية وطنية واضحة المعالم لتدبير الشأن الفني، وضعف آليات الدعم والتوزيع المجالي غير المتوازن للفرص والموارد.

رغم هذه الإكراهات، تؤكد الورقة أن الطابع الأفقي للمجلس، وما يتيحه من إمكانيات تنسيقية بين مختلف الفاعلين، يؤهله للانتقال من مجرد هيئة استشارية إلى فاعل مؤسسي استراتيجي، يمتلك من الأدوات والاختصاصات ما يسمح له بالتأثير الفعلي في صناعة القرار الثقافي الوطني، والمساهمة في بلورة سياسات فنية شاملة، قائمة على رؤية استشرافية تُراعي التحولات المجتمعية وتستجيب لتطلعات الفاعلين في الحقل الفني.

وقد خلصت المداخلة إلى أن الرهان الحقيقي لا يكمن فقط في وجود مؤسسة تُعنى بالفنون، بل في مدى قدرتها على قيادة رؤية ثقافية متكاملة، تؤطر النقاش العمومي، وتواكب التحولات الاجتماعية، وتضمن دمج الفن في السياسات العمومية باعتباره أداة للتنمية والعدالة الثقافية.

فـالفن كما أكدت الباحثة، ليس ترفًا أو تكرارًا للتراث، بل ضرورة حضارية، وتجديد للمعنى، وإبداع للمستقبل.

شكّل هذا المؤتمر الدولي، بما تضمنه من مداخلات علمية رصينة ونقاشات معمّقة، مناسبة ثمينة لتقاطع الرؤى الأكاديمية والفنية حول دور الفن في خدمة المجتمعات. كما أبرز أهمية الانفتاح على المقاربات المؤسساتية والتشريعية لإدماج الفنون في السياسات التنموية.

وتؤكد هذه اللقاءات العلمية الدولية، من خلال مشاركة باحثين من دول عربية وأجنبية، وعلى رأسهم باحثون مغاربة، على ضرورة دعم البحث الأكاديمي في مجال السياسات الثقافية والفنية، وعلى أهمية الاستمرار في تنظيم مثل هذه الفعاليات التي تشجع التفكير المشترك والتعاون العابر للحدود، من أجل تعزيز دور الفنون في بناء مجتمع أكثر عدالة، ووعيًا، وانفتاحًا.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading