يتساءل ملايين المغارب عن الدافع الحقيقي لما يعرف هده الأيام بفضيحة هدر المال العام والتلاعب في صفقات وزارة التربية الوطنية التي فجرها المستشار المحترم. وخلال الاستماع لتدخله أمام كلا من رئيس الحكومة ووزيريه في التربية الوطنية و العدل والحريات يخيل للمتتبعين أن الوثائق التي هي بين يديه ستفضح التلاعب في الملايير. خاصة عندما أكد المستشار المحترم أن حياته في خطر لما قدم على كشف المستور وأنه تلقى تهديدات خطيرة من المتورطين. ومن جهة أخرى لما نرى السرعة التي تحركت به عجلة الحكومة بتسخير كل آليتها واستدعاء المعنيين قصد البحث والتحقيق يخيل للمتتبعين أن التلاعب لن يكون إلا بالملايير ولما لا بعشرات الملايير. لكن المفاجأة ستظهر في اليوم الموالي بعد نشر الوثائق التي بسببها كانت حياة المستشار مهددة بالقتل وهو مستعد للتضحية, والحكومة من جهتها استنفرت كل آلياتها المختصة لمواكبة التحقيق. فبعد القيام بعملية الحصر للمبالغ التي تم التلاعب فيها, حسب الوثائق المسربة وحسب أقوال المستشار الغيور, نرى أنها لا تفوق خمسة ملايين درهم أي نصف مليار سنتم إذا ما فرضنا أنه تلاعبا. ومن هنا نتفهم تساؤل ملايين المغارب عن الدافع الحقيقي لما أقدم عليه مستشارنا الغيور. الجواب عن التساؤل لن يقدمه لا المستشار المحترم و لا الحكومة المحترمة. سأحاول من جهتي أن أجيب عن تساؤل ملايين المغاربة لكن شرط أن يقبلوا –لقدر الله- إدا تعقدت لديهم الأمور وأصبحوا مغفلين بدل من متسائلين. 1 – بالرجوع إلى خطابات صاحب الجلالة المتعلقة بالفساد المالي وهدر المال العام وأموال الريع وحث المسؤولين بالتعامل بصرامة مع المفسدين والمتلاعبين والضرب بأيادي من حديد لدلالة على أن المشكل أكثر بكثير مما وصل إليه المستشار و يتخيله المتسائلون. 2 – كل ما ينشر في الصحافة بجميع أشكالها ويتداول في المواقع الالكترونية حول الاختلاسات والتلاعبات والتضليل والتزوير في الوثائق واستغلال النفوذ والاستفادة من الريع لدلالة أخرى أن المشكل أعم وأشمل وأخطر بكثير من اكتشاف المستشار و مما يتصوره المتسائلون. 3 – تبادل القذف والتهم الخطيرة بين الأحزاب التي تتعاقب على الحكومة المتعارضة بينها وحتى المتوالية لدلالة على أن الكل متواطئ ومتهم إن لم أقل مدان, ما يعتبر معيار التخاذل والنفاق والاستهزاء بالمتحزبين قبل المتسائلين. 4 – انشغال المتسائلين قبل عامة الناس بالأشياء التافهة وأحيانا مناهضة للدين وفيها حكم الله بدل مواجهة المفسدين والمتلاعبين في مكاتبهم لوقف النزيف ثم في المحاكم لمحاسبتهم لهو أكبر دعم وتشجيع لهم وتقبل المذلة بتساؤل لا يسمن ولا يغني من جوع. 5 – كلام المستشار الرجولي والقوي والغيور والوطني لا يمكننا إلا أن نصفق له كما فعل الحضور في القاعة. لكن التساؤل الموالي سيفقد تدخله كل مصداقية وكل قيمة ويصبح مسرحية مستهزئة ومستغفلة للمتتبعين خاصة منهم المتسائلين. كيف أن المستشار الغيور لم تأخذه الغيرة على المال العام لما ظهرت للوجود ملفات موثقة للفساد والهدر للمال العام والتلاعب في الصفقات بالملايير نعم بالملايير هده المرة. ربما لأن أبطال هده الملفات منتمين إلى فريق أو حزب مستشارنا الغيور وهل سيقبل المتسائلون موقفه هدا بمرارة كون هدا حال المتحزبين ؟ لنفترض أن التبعية الحزبية لم تسمح لمستشارنا المحترم أن تأخذه الغيرة على هدر المال العام والنهب والتلاعب في عشرات الملايير اتجاه رفاقه. فما باله بملفات فساد أخرى فجرت محليا ووطنيا بل وصل صداها إلى الخارج وفتشت وصدرت عليها استفسارات كل استفسار يستوجب الاعتقال واستصدار الأموال قبل البحث والمتابعة إلا أن مستشارنا الكريم لم تحضره لا المواطنة ولا الغيرة على المال العام. ولعل مثال رئيس المجلس البلدي السابق في كلميم و المستشار معه في مجلس المستشارين, الذي يعتبر العقل المدبر لنموذج ومخطط جهنمي للتلاعب وهدر المال العام والاختلاس والتضليل سيظهر للمتسائلين أن الحديث عن هدر مئات الملايين من الدراهم والتعامي عن هدر عشرات الملايير الغرض منه له مآرب أخرى وتصفية حسابات لدى يجب على كل متسائل أن لا يخدع وإلا سيصبح كما قلت – لقدر الله – مغفلا بدلا من متسائل. أما إذا كان مستشارنا يريد حقيقة الدفاع على المال العام ومحاربة الفساد فإني أدعوه بداية إلى المجلس الجماعي الحالي لمدينة كلميم ومنه إلى ملفات أخرى متنوعة وأكيد خطيرة. ألتزم بالتحين واستكشاف الخروقات ويتكلف هو بالفضح في الصحف والمنابر الأخرى ومجلس المستشارين. والشرط عدم الخوف من التهديد كيف ما كان. وأخيرا ما بال المستشار الكريم في من طبق عليه وعلى عائلته التهديد فعلا وأدى ويؤدي ثمنا باهظا لا ذنب له إلا أنه فضح الفساد وقاومه وأوقف نزيف هدر المال العام بكلميم كما أن صدى تحركاته وتحركات كل المتعاونين معه جعلت المفسدين بعد أن سقط بعضهم يحسبون ألف حساب قبل الدخول في أي مغامرة . وحتى يتأكد المستشار المحترم مما قيل أعلاه سأعرض عليه الرسالة الموجهة إلى كل من رئيس الحكومة ووزيرالعدل والحريات. كما أأكد للمتسائلين خاصة وللمواطنين عامة أن لا ملاذ ولا ملجأ لمحاربة الفساد وإيقاف نزيف هدر المال العام إلا الاستغاثة بملك البلاد, الحامي لرعاياه ووليهم, نصره الله وأيده.
بقلم: أحمد قزبري
مدير مكتب المصاحبة والمكلف بتحيين الملفات القديمة ببلدية كلميم
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.