شهد رواق مكتبة دار الأمان بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، يوم السبت 26 أبريل 2025، تنظيم حفل توقيع رواية “المرأة البامبارية” للكاتب محمود آيت الحاج، وسط حضور نوعي من القراء والمهتمين بالشأن الثقافي.
في تفاعل إنساني عميق وحس روائي صادق، خط الكاتب محمود آيت الحاج روايته الجديدة “المرأة البامبارية” الصادرة حديثا عن مكتبة دار الأمان بالرباط، وتقع في حوالي 100 صفحة من الحجم المتوسط، واختار لها الكاتب فضاءين متباينين لرسم عوالمها السردية: الأدغال الإفريقية حيث الطقوس والجذور ، ومخيمات تندوف حيث القهر والخذلان وفقدان الهوية.
وركز الكاتب على البعد الإنساني والوجداني، فاختار معاناة المرأة الإفريقية ساراتو وابنيها كنموذج لرحلة الاقتلاع والترحيل القسري، مبرزا كيف يتحول الحلم البسيط بحياة كريمة إلى كابوس من الأسر والاستغلال. ومن خلال سرد مؤلم ولكنه مشبع بالشاعرية، يكشف العمل الأدبي عن الوجه الخفي للمعاناة اليومية داخل المخيمات، خاصة ما يتعرض له الأطفال والنساء من قهر ممنهج وإلغاء للذات.
وفي رواية “المرأة البامبارية”، يسائل محمود آيت الحاج مفهوم الهوية والانتماء، ويغوص في تعقيدات الانتماء العرقي والثقافي ضمن سياقات مأزومة. كما تسلط الرواية الضوء على قضايا راهنة مثل الاتجار بالبشر، استغلال النساء، وتجنيد الأطفال، مع الحفاظ على بعد توثيقي دقيق للأحداث.
ونجحت الرواية، عبر لغة سلسة وسرد مشوق، في رسم بورتريه مأساوي لشخصيات تمزقها الحرب والهجرة القسرية وفقدان الهوية، في عمل أدبي يحمل أبعادا إنسانية ووطنية عميقة.
وتتوزع “المرأة البامبارية” تتوزع على فصلين رئيسيين: الأول يتناول حياة ساراتو في قبيلتها بجنوب مالي، وعادات المجتمعات الإفريقية المحلية، فيما يرصد الفصل الثاني معاناة الشخصيات في مخيمات تندوف تحت وطأة الاستغلال السياسي والاجتماعي لمسؤولي جبهة البوليساريو.
وبهذا العمل، يفتح محمود آيت الحاج نافذة سردية جديدة على مأساة إنسانية معقدة، في محاولة لإعادة الاعتبار للأصوات المنسية في جغرافيا مخيمات تندوف بالجزائر.
وبالمناسبة، قال الكاتب محمود آيت الحاج إن هذه الرواية، هي مساهمة متواضعة في مسار جعل الأدب في صلب النقاش الوطني، وأداة للترافع الثقافي عن قضايانا الكبرى، وفي مقدمتها القضية الوطنية.
وأضاف آيت الحاج أن “البامبارية” هي نسبة إلى قبائل البامبارا، وهي مجموعة إثنية كبيرة تقيم في مالي، لها ثقافتها ولغتها وتقاليدها الخاصة. اخترت هذا العنوان لأن الرواية تحكي قصة امرأة تنتمي إلى هذه القبيلة، ومن خلالها أردت أن أُسلّط الضوء على معاناة الإنسان الإفريقي، خاصة حين يُجبر على الانفصال عن هويته الأصلية. فالعنوان يحمل في طياته سؤال الهوية، والانتماء، كحالة مخيمات تندوف في الرواية.
وزاد أنه اختار تناول مأساة ساراتو المالية التي تنحدر من قبيلة بامبارية بمعية ابنيها، كمدخل سردي لإنارة الجوانب المعتمة لما يقع في مخيمات تندوف من انتهاكات لحقوق الإنسان، وخاصة في ما يتعلق باستغلال الأفارقة والنساء الصحراويات وتجنيد الأطفال وترحيلهم إلى كوبا، معتبرا أن الرواية لا تكتفي بسرد المأساة، بل تحاول أن تفتح نافذة للتفكير، وأن تطرح سؤال الهوية والانتماء في سياقات متعددة.
وهكذا يضيف آيت الحاج أن هذه الرواية بصورها الدرامية، وبفضاءاتها وبآمالها وآلامها، تأمل بإثارة اهتمام المجتمع الدولي إلى البعد الإنساني في هذا النزاع الإقليمي المفتعل، وإيلائه ما يستحق من متابعة حتى لا يضيع الإنسان في خضم الزخم السياسي والقانوني للقضية بالرغم من أهميتهما.
وفي تقديم الرواية يقول الأديب مصطفى لغتيري إن الكاتب، في إطلالته الإبداعية الأولى، يتناول موضوعا بالغ الأهمية، يلمس في العمق هموم الإنسان وأحلامه المشروعة من أجل اجتراح أفق أرحب، يُتيح له ظروف العيش ضمن حياة أفضل، خاصة إذا كان يحيا في قارة جريحة، أضحت أيقونة عالمية للهجرةِ والمعاناة والاستغلال المزدوج، المرتكَب حينا من أبناء جلدتها، وحينا آخر من القوى العالمية.
وأضاف الأديب لغتيري أن الرواية كتبت بلغة سردية، تكاد تكون محايدة، تتخللها مقاطع وصفية جميلة، وهي في عمومها تراهن على التواصل مع القارئ إلى أقصى الحدود؛ لأن ما يهم الكاتبَ بالدرجة الأولى هو نقل المعاناة، ومشاركته المتلقي الهموم الإنسانية، التي تُثقل صفحات هذه الرواية.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.