حنان رحاب نائب رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية مكلفة بالحريات
تتعرض النقابة الوطنية للصحافة المغربية منذ مدة لحملة ممنهجة، توجه فيها اتهامات وادعاءات غير مؤسسة تمس أطرها وقياداتها السابقة والحالية، ويراد من خلالها التشكيك في شرعية نضالها ودورها التاريخي.
والحال أن كثيرا ممن يشنون هذه الهجمات لم تربطهم يوما علاقة تنظيمية بالنقابة، ولم تكن لهم سابقة نضالية في صفوفها أو إلى جانب زميلاتهم وزملائهم في مختلف محطات المهنة…
ومن غير المقبول أن يطعن في مصداقية نضالات مناضلين ومناضلات، كانوا دائما في مقدمة المدافعين عن حرية الصحافة والتعبير، وقدموا الكثير من أجل تحسين أوضاع المهنيين وإخراج القوانين المؤطرة للمهنة في مراحل سياسية معقدة شهدتها بلادنا.
بل إن المفارقة أن بعض الزملاء الذين يدعون اليوم أن النقابة تهاجمهم، كانوا ولا يزالون موضوع تضامنها الصادق منذ بداية الألفية الثالثة إلى اليوم. وحين كان يحاكم زميل في قضايا النشر، كانت النقابة أول من يدافع عنه. وحين كانت تُمنع جريدة أو تصادر صحيفة، كانت النقابة أول من يصدر البيانات وأول من يدعو للاحتجاج..
ما يجري اليوم، من هجمات متكررة ومزايدات شخصية، يتقاطع مع صراعات لا علاقة للنقابة بها، وهي ليست طرفًا فيها، وتوظف هذه الصراعات للأسف في حملة تبخيس واضحة.
لكن، بدل الغرق في الردود والتراشقات، من المهم طرح الأسئلة الحقيقية، لا على النقابة فقط، بل على عموم الجسم المهني، شريطة أن تكون هذه الأسئلة موضوعية، بعيدة عن الشخصنة، ناظرة إلى جوهر المهنة لا إلى تفاصيل النزاعات الفردية.. .
هل مشاكل وأزمات الصحافة في المغرب تختزل في قضايا زميل أو اثنين أو ثلاثة؟ ولو أننا علينا ان ننصت ونحصل كل المشاكل من داخل القطاع وبين الزملاء والزميلات ..
وبالعودة إلى السؤال الذي طرحناه ..
بالتأكيد لا. فالمعضلات أعمق، والاختلالات بنيوية، مما يستدعي أن تتحرك النقابة – باعتبارها تنظيما يمثل المهنيين – وفق مصلحة جماعية، تغلب الانشغالات الكبرى للمهنة على التجاذبات الظرفية.
* هل النصوص القانونية المؤطرة للمهنة ما زالت ملائمة؟
الإجماع المهني يكاد يكون تاما على ضرورة مراجعتها. والنقابة فتحت هذا الورش منذ سنوات، وترافع من أجله في مختلف المحافل، رغم أن هذا الملف يغيب غالبا في النقاشات العامة، حتى من طرف من يوجهون النقد للنقابة أو يدعون التعرض للتضييق.
* هل الوضعية المادية للصحافيين مرضية؟
النقابة تناضل لرفع الأجور، ووقعت اتفاقيات مع وزارة الاتصال والجمعية الوطنية للإعلام والناشرين بهذا الخصوص، وتواصل الدفاع عن ضرورة ربط الدعم العمومي بتحسين الوضعين المادي والمعنوي للصحافيين، وتوثيق ذلك في إطار اتفاقيات جماعية حقيقية.
* هل ظروف المقاولة الصحافية تشجع على مهنية حقيقية؟
الوضع غير مرض، وكثير من الصحافيين يعانون من حالات فقدان العمل ومن عدم احترام قانون الشغل والاتفاقية الجماعية وبنود الإتفاق الاجتماعي..والنقابة كانت وما زالت حاضرة في مختلف الواجهات: التضامن الميداني، الدعم القانوني، الوساطة الإيجابية…
* هل يتم احترام أخلاقيات المهنة؟
هناك تجاوزات ملموسة، أحيانا حتى من طرف من يشتكون التشهير. والنقابة لا تكتفي بالدعوة إلى احترام الأخلاقيات، بل نظمت عشرات الدورات التكوينية في هذا المجال بمختلف جهات المملكة، وتشتغل بشكل يومي لترسيخ ثقافة المسؤولية المهنية.
كما أن النقابة كانت حاضرة في عشرات الملفات القضائية المتعلقة بحرية التعبير، وساندت الزملاء من موقع التنديد والدعم، وأحيانا من موقع الوساطة، وهي لا تزال تقوم بذلك بكل مسؤولية ومهنية.
ومن الإنصاف أن يقيم عمل النقابة وفق هذه الصورة الشاملة، لأن المهنة لا تختزل في تجاذبات فردية لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، بل فيها طيف واسع من الانشغالات الحيوية التي تستوجب الحضور اليومي والعمل الميداني والتضامن الحقيقي.
ولعل التواجد اليومي إلى جانب الزملاء، والمساهمة في حل مشاكلهم ومساندتهم، هو الشرط الأساسي لأي تقييم مهني، وليس الاكتفاء بتقديم دروس من بعيد أو الانخراط في تجييش لا يخدم سوى التفرقة ويمس بصورة المهنة لدى المجتمع …
أخيرًا، ما أحوجنا اليوم إلى حوار مهني حقيقي، مسؤول وهادئ، يعيد الاعتبار لروح الزمالة، ويعلي المصلحة العامة للمهنة فوق كل ” التجادب” لا يحترم أخلاقيات المهنة واخلاق الزمالة …
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.