إن الحديث عن استفتاء لتقرير المصير أو الاستقلال كحلٍ لنزاع الصحراء الغربية اليوم يعتبر تضليلا أو جهلا بتفاصيل هذا الملف المعقد، فالعالم لم يعد يعير اهتماما لهذه الأسطوانة القديمة التي لا وجود لها إلا في مخيلة جبهة البوليساريو ومن يدعمونها.
في هذا الإطار، تكمن الصعوبة بل الاستحالة، في العودة مجددا إلى طرح استفتاء في الصحراء الغربية أساسا في فشل الأمم المتحدة المتكرر في تحديد الجسم الناخب، خاصة ما يتعلق بتفاصيل محاولات الأمم المتحدة تحديد هوية من يحق لهم التصويت في الاستفتاء، وهنا يتضح لنا جليا حجم التعقيدات التي واجهتها.
وقد تورطت البوليساريو نفسها في هذه التعقيدات، حين قامت بتسجيل مواطنين موريتانيين لا تربطهم أي علاقة بالصحراء الغربية، مستغلين بذلك هشاشتهم الاجتماعية عبر مقايضتهم بالاستفادة من المواد الغذائية التي تقدم للاجئين بمخيمات تندوف، وذلك في محاولة لزيادة عدد مؤيديها ضمن المصوتين في الاستفتاء، وهكذا ساهمت البوليساريو في إقبار خيار الاستفتاء وبشكل نهائي.
ليس هذا فحسب، بل إنه حتى بالرجوع إلى قوائم الإحصاء الإسباني التي حاولت الأمم المتحدة اعتمادها كمرجع، أسقط حقوق مكونات قبلية من الحق في التصويت، والمفارقة أن عددا من قيادات في البوليساريو تنتمي لذات القبائل.
وهذا الأمر يحيلنا بالضرورة إلى حجم التناقضات التي تعاني منها جبهة البوليساريو، كما يبرز بشكل واضح أن الخاسر الأكبر من هذه العملية هي البوليساريو نفسها، وفي مقدمتها غالبية قيادتها.
إجمالا وفي ظل وجود هذه المعطيات، يصبح من الواضح أن خيار الاستفتاء قد أصبح من الماضي، وأن البحث عن حلول واقعية وجدية لهذا النزاع يجب أن تنطلق من معطيات الحاضر وتطورات الساحة الدولية.
سيدي اسباعي
رئيس شبيبة صحراويون من أجل السلام
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
