بقلم:عبد المالك بوغابة*
تعتبر الجهوية المتقدمة خطوة هامة نحو تحقيق التنمية المستدامة في المغرب، وقد تم تنظيم النسخة الثانية من هذه الجهوية في مدينة طنجة، حيث أسفرت عن مجموعة من التوصيات.
ومع ذلك، قبل الشروع في تطبيق وتفعيل هذه التوصيات على الجهات في المستقبل، يجب التفكير بشكل خاص في المناطق الداخلية، أي تلك التي لا تقع على السواحل. فبينما تشهد المدن الساحلية إقبالاً كبيراً من السياح، تبقى المناطق الداخلية غير الساحلية بحاجة إلى استراتيجيات فعالة لضمان توزيع عادل للموارد وتحقيق التنمية المستدامة في المناطق الفقيرة.
على سبيل المثال، يمكن الاستفادة من نموذج الجهوية المتقدمة الإسبانية، التي أثبتت نجاحها في تعزيز التنمية المحلية من خلال منح السلطات الجهوية المزيد من الصلاحيات
والموارد. هذا النموذج يمكن أن يُطبق على السياق المغربي، حيث يمكن للجهات أن تلعب دوراً محورياً في تحديد أولويات التنمية وفقاً لاحتياجاتها المحلية. وقد نص دستور
1978 في إسبانيا، الذي مهد لنهاية حكم الجنرال فرانكو وعودة الديمقراطية، على الجهوية، مما جعل إسبانيا تُعتبر من الناحية السياسية والإدارية دولة قائمة على الجهات
أكثر من كونها دولة فدرالية.
من الضروري أن يتم التركيز على تطوير البنية التحتية في المناطق الداخلية، مثل تحسين شبكة الطرق والمواصلات، وتوفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة. كما يجب
تشجيع الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المحلية، مثل الزراعة والصناعات التقليدية، مما سيساهم في خلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة.
علاوة على ذلك، ينبغي تعزيز التعاون بين الجهات المختلفة، بما في ذلك الحكومة المركزية والجهات المحلية والمجتمع المدني، لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة. من
خلال هذه الشراكات، يمكن تبادل المعرفة والخبرات، مما يسهم في تطوير استراتيجيات فعالة تلبي احتياجات المجتمعات المحلية.
التحديات المستقبلية:
ومع ذلك، تواجه الجهوية المتقدمة في المغرب عدة تحديات، منها ضعف التنسيق بين الجهات المختلفة، ونقص الموارد المالية، بالإضافة إلى الحاجة إلى تحسين الكفاءات البشرية في الإدارة المحلية. لذا، يجب على الحكومة المركزية العمل على توفير الدعم اللازم للجهات، سواء من خلال التدريب أو التمويل، لضمان نجاح هذه التجربة.
وفي الخاتم، إن الانتقال من الجهوية التقليدية إلى الجهوية المتقدمة يمثل فرصة كبيرة للمغرب لتحقيق التنمية المستدامة. ولكن لتحقيق ذلك، يجب أن تكون هناك رؤية لخريطة الطريق واضحة واستراتيجيات فعالة تركز على المناطق الداخلية، مع تعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية.
*رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة بجهة طنجة تطوان الحسيمة.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.