بقلم : شيرا اوحايون (المفكرة اليهودية المغربية)
ترجمة : محمد اكن
ها نحن نرى هذه الأيام الدول العربية تتداعى دولة بعد دولة كصف من قطع الدومينو، تحت وطأة العقيدة الإيرانية. الإسلام السني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان والفلسطينيون بقيادة حماس، جميعهم يخضعون للتشيع، اي الثورة الثقافية والدينية الإيرانية والانتقال إلى المذهب الشيعي. كما أبانت المملكة العربية السعودية ودول الخليج الخضوع لصاحب البيت الجديد للشرق الأوسط – إيران.
أما الآن فهم منشغلون باستهداف السودان، البلد الأقرب إلى الديمقراطية ، حيث تدور حالياً حرب أهلية ستقرر مصيره. وايضا الجزائر التي تم بناء حوزات شيعية قصد استهداف شبابها و لتكون بوابة لتمرير الثروات الطبيعية الإفريقية كممر هرمز.
وقد تؤدي هذه الحرب أيضاً إلى تقويض الجارة الكبرى مصر.
لا تزال مصر والمغرب تحافظان على هويتهما كدولتين ذات سيادة في الشرق الأوسط ذات توجه إسلامي معتدل، ولكن حتى في المغرب فإن التأثير واضح بالفعل في المساجد.
إن كل حاكم في الشرق الأوسط يدرك الإمكانات الهائلة الكامنة في القضية الفلسطينية، لخلق غراء متماسك حول الكراهية لإسرائيل، واليوم، بما لا يقل عن ذلك، الكراهية لليهود.
إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي بدأ كصراع وطني (وطني) محلي في ظل القوى الاستعمارية في الغرب، تحول إلى صراع قومي عربي (قومي) في أيام عبد الناصر، وهو اليوم ياخذ صبغة صراع ديني إسلامي (الأمة الإسلامية) بنكهة شيعية.
وفي كل مرة يتمسك الفلسطينيون بزعيم أو بآخر يهدد وجود إسرائيل، على أمل أن يمحو دولة إسرائيل ويحقق حلمهم في فلسطين، لتصبح دولة خالية من اليهود في جميع مناطقها.
ولكن أين جمال عبد الناصر وصدام حسين والقذافي اليوم؟ وأين أسامة بن لادن؟
وأين الدول العربية وسيادتهم؟
ماذا فعل هؤلاء القادة الكبار للفلسطينيين وماذا فعلوا لشعبهم؟
هل أصبحت مصر لعبد الناصر أفضل من مصر الليبرالية في الثلاثينيات والأربعينيات؟
وماذا حدث لسوريا الأسد؟
أين العراق؟ وأين لبنان المنفتحة لكل الاديان والثقافات ؟
لقد جلب الحكام العرب المذكورون معاناة مستمرة لشعوبهم: حروب أهلية واقتصادات فاشلة وتراجع ثقافي وتكنولوجي، واليوم يفقدون سيادتهم واحدًا تلو الآخر وحتى دينهم ويستسلمون للنظام الدموي الإيراني، وهو نظام دخاني أيضًا. لم يهتم أبدًا بالرفاهية الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيه أو بحريتهم. فقط ضخ شعارات دموية والاستثمار في الموت.
وفي كل جولة من هذا القبيل من التهديد الخارجي لإسرائيل
ومع كل حرب، فقد الفلسطينيون المزيد والمزيد من الأراضي الممنوحة لهم في قرار الأمم المتحدة عام 1947، واتفاقيات وقف اطلاق النار عام 1949، واتفاقيات أوسلو.
يجب على الفلسطينيين أن يبدأوا بالنظر من زاوية الداخل لأنفسهم ويحرروا أنفسهم من كراهيتهم المفهومة تجاه إسرائيل. وعليهم أن يتحملوا مسؤولية أنفسهم من أجل الخروج من موقع الضحية المستمرة في الشرق الأوسط والعالم أجمع. إنهم ليسوا مجرد ضحايا. كما كثيرا منهم ارهابيون .
أود أن أقترح عليهم أن ينفصلوا عن العالم العربي وينضموا إلى إسرائيل، من أجل اقتصاد مزدهر يمكن أن يوفر لهم الرفاهية مثل إخوانهم في دول الخليج.
مع أنني، بصفتي المحتل الإسرائيلي والظالم في نظرهم، لا يحق لي أن أقترح على الفلسطينيين ما يجب فعله. لكن في النهاية لا أحد يهتم حقاً بالفلسطينيين. ليس بالنسبة للأوروبيين الذين تعتبر القضية الفلسطينية بالنسبة لهم مرشحاً آخر لتفريغ معاداة السامية، وربما أيضاً تعبيراً عن خوفهم من الصراعات مع العرب والمسلمين في بلدانهم. والعرب لا يهتمون بهم أيضًا. يفكرون فقط في مصلحتهم . ففي نهاية المطاف، هم الذين حرصوا على إدامة المشاكل ومخيمات اللاجئين في بلدانهم. بالأساس حتى يتمكنوا من استخدام القضية الفلسطينية لقمع شعوبهم.
كما أن اليسار الصهيوني ليس مهتماً حقاً بوضع الفلسطينيين في غزة أو رام الله، الذي يزداد صعوبة بفضل كل هذه القوى التي تثير الصراع. وهم الآن منشغلون بمظاهراتهم وانتخاباتهم لمواصلة الحفاظ على امتيازهم الأشكنازي داخل دولة إسرائيل حتى على حساب الحرب الأهلية كما قال إيهود باراك والدمار الشامل وكأننا نعيش هنا في سويسرا وليس في شرق أوسط معادي. ويدعم اليسار الإسرائيلي المناهض للصهيونية اليوم موقف حماس وحزب الله ويخدم إيران في الواقع. إن اليمين المتطرف المسيحي، بقيادة المهووسين بإشعال الحرائق بن غفير وسموتريتز، لديه مصلحة واضحة في تعميق الصراع من أجل ضم جميع أراضي يهودا والسامرة في النهاية، حتى على حساب المخاطرة بوجود دولة إسرائيل بأكملها.
لذلك، لن يتمكن سوى مركز فلسطيني قوي، متحرر من حماس وإيران، ومركز إسرائيلي قوي بدون جنون اليسار او اليمين ، من تخليص الشرق الأوسط بأكمله من حكم الظلام الإيراني، الذي يقوم كله على اضطهاد المرأة والترويج للحرب والسيطرة بالإرهاب على كامل الشرق الأوسط.
ومن المهم أن نلاحظ أن الكراهية لإسرائيل في العالم العربي والإسلامي تتجاوز حدود الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. هناك مشاعر كثيرة من الغضب والرواسب من الاستعمار الغربي هنا، فضلا عن مشاعر الدونية.
ويبقى السؤال في ظل أنظمة الكراهية والدعاية هذه:
هل ظهر في العالم العربي مفكرون مهمون يقدمون الفداء لشعوبهم؟
أين قاسم أمين؟ طه حسين وأحمد أمين والمفكرين الليبراليين الكبار في الثلاثينيات والأربعينيات؟
وأين كبار مفكري الوطن العربي؟ هل سيظهر تحت الظلام بديل لهدى شعراوي أو نوال السعداوي أو فاطمة المرنيسي الذين سيقدمون بدائل لمجتمع عربي مزدهر أم سيبقون مع النسخة المتعصبة من الإخوان المسلمين داعش وإيران الشيعية المتطرفة؟
أين المفكرون اليوم مثل محمد عبده وأفغاني الذين حاولوا معالجة مسألة الإسلام في العصر الحديث؟ ومن سيجرؤ على الحديث عن تراجع العرب والإسلام؟
ام سيبقى العالم العربي والاسلامي مجرد رهين للطوفان الشيعي الدموي الزاحف؟