بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،اكادير،شتنبر2024.
الثامن من شتنبر ، تاريخ لا يمكن ان ينسى اذا ماهو اقترن بأحداث توالت تباعا في الثلاث سنوات الاخيرة وفي نفس اليوم ،
الثامن من شتنبر قبل سنتين هو موعد إجراء الإنتخابات ببلادنا ، والتي عرفت زلزالا سياسيا اسقط حزب العدالة و التنمية من برج الإكتساح الممتد من 2011 الى 2021 ، وفي المقابل تم تكريس هيمنة الاحرار و البام و الاستقلال بشكل اقل .
هو زلزال سياسي لأن اكبر المتشائمين من حزب العدالة و التنمية لم يكن يتخيل ان الحزب الاول بالبلاد بعد الربيع العربي ،سيعجز عن امتلاك فريق بالبرلمان .
وبعد هذا الزلزال السياسي كان المغاربة على موعد مع زلزال طبيعي ضرب المغرب العميق ،و دفن مواطنين نيام احياء تحت انقاض الطوب. و سجل المغرب بعدها ملحمة قوافل الدعم والمساعدة .
زلزال طبيعي أعلن بعده عن فتح ورش إعادة إعمار المنازل المتضررة و المهدومة ،و مساعي كبيرة لاعادة الروح و الحياة الى هذه المناطق التي اكتشفها العالم وبدت وانها تنتمي الى العصور الغابرة .
ليلة امس وبعد ثلاث سنوات على إنتخابات ثامن شتنبر 2021 ، و مرور سنة على زلزال الحوز وتارودانت ووارزازات ، أبت الاقدار الإلاهية ان تكون بلادنا مع حدث طبيعي آخر وفي نفس اليوم ،وهو حدث الأمطار الغزيرة و التي عرفتها العديد من المناطق ببلادنا ،وبدت وكانها امطار موجهة خصيصا للسدود بسبب كثرتها و طريق مرورها وشكل تجمعها ، وما دامت البلاد في بداية فصل الشتاء ،فإن التساقطات اذا ما استمرت على هذا النحو فإن بلادنا ستعلن عودة الروح اليها بعد سبع سنوات من الجفاف و القحط .
هي نصف ولاية انتخابية عرفت إشكالات على مستوى تنزيل البرامج الاجتماعية، خاصة التغطية الصحية والسجل الاجتماعي، حيث أن المنهجية المعتمدة كانت “ارتجالية وغير موضوعية”، مما جعل العديد من الأسر خارج الاستفادة رغم انهم في وضعية فقر وهشاشة واصبح الكل يتعقب المؤشر وكانه في برصة تتقلب بتقلب المؤشر ،
كما عرفت هذه الفترة توالي الإضرابات في قطاعات مثل التعليم بشكل غير مسبوق والصحة والجماعات الترابية وطلبة الطب وكان له تأثير على السلم الاجتماعي. ورغم الزيادات المحتشمة والمقسمة والممدة والدعم الإجتماعي المباشر ،و برامج البنية التحتية ،الا ان كل ذلك لم نشاهد له اثرا على المواطن بشكل فعال ومؤثر وناجع .
هل فشلت الحكومة في احد اكبر اوراشها ،الورش الملكي لتعميم التغطية الصحية و السجل الاجتماعي ،؟ وورش الحزب الحاكم التجمع الوطني للاحرار الذي اعلن عن خلق مليون منصب شغل ؟
هل فشلت الدولة بكل مكوناتها في تدبير اعادة ايواء الساكنة المتضررة من الزلزال ،؟ اي جهة موكول لها تقديم الحصيلة بعد سنة كاملة قضتها الاسر تحت سقف الخيام ؟
هل تأخر المغرب في استكمال تشييد وبناء السدود المعلنة منذ حكومة العثماني والتي يجب ان تكون جاهزة لاستقبال مياه الامطار المحملة بالاودية والتي كان مصيرها ان ترمى في المحيط ؟
هل حان الأوان لنعيد النقاش حول المباني والدواوير التي دفعها الجفاف الذي دام سبع سنوات ان تتطاول على مجال الاودية وتشيد بها مساكن ومرافق ،والتي اصبحت اليوم مهددة بالسيول و الانجرافات ؟
من هذا كله ، هل يمكن الحديث بعد نصف ولاية الحكومة ،و بشرى التساقطات ،ان نتحدث عن إنخفاض محتمل في اثمنة اللحوم البيضاء والحمراء ،والخضر و الفواكه ؟
هل ستبقى هذه الامطار مثل السياسات الحكومية ، نفرح عندما نسمع عنها ،لكنها بلا تأثير ولا اثر على المواطن ومعيشته ؟
بعد مرور نصف ولاية على المؤسسات المنتخبة وعلى رأسها الحكومة ،هذه الامطار اذا ما تواصلت بنفس الوثيرة فالمأمول ان تتحسن مؤشرات المعيشة بين المغاربة ،وتمتلك الحكومة آليات تصحيح واصلاح سياساتها حتى ننجح في ورش المشروع الإجتماعي الذي يمكن ان ينقذ البلاد والعباد من تبعات ازمة عالمية و جفاف سبع سنوات. ولكن ان ينقدنا جميعا من السياسات الارتجالية و الخطوات الإرتدادية ،و القرارات اللاشعبية التي تريد ان تنهي التضخم بأي ثمن ،ولو كان بإعتماد سياسة الجبناء المتعارف عليها عند الانظمة الشمولية و هي الرفع من الضريبة وزيادة الاسعار و غياب المراقبة على الجودة في الاستهلاك ،وضرب القدرة الإدخارية للطبقة الوسطى ….
سنرى و نترقب ، و نامل ان يكون القادم افضل بفضل هذه التساقطات التي ستعدل حتى ميزاجية المغاربة لتجعل لديهم القدرة على التكيف مع اوضاعهم ،مادامت سقيت ابدانهم وارواحهم ونفسيتهم بهذه الامطار التي لم تعرف الاجيال الجديدة طعمها ولا شكلها .
ولا نملك الا قول ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اللَّهُم صَيِّبًا نَافِعًا” اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ علَى الآكَامِ والظِّرَابِ، وبُطُونِ الأوْدِيَةِ، ومَنَابِتِ الشَّجَرِ.اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ ما فِيهَا، وَخَيْرَ ما أُرْسِلَتْ به، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّهَا، وَشَرِّ ما فِيهَا، وَشَرِّ ما أُرْسِلَتْ به.
فهل تعتبرون ؟
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.