قراءة للقصة القصيرة جدا قدر اكبر للكاتبة الهام عيسى بقلم الأديب والناقد مجدابو راس سورية

voltus12 أغسطس 2023آخر تحديث :
قراءة للقصة القصيرة جدا قدر اكبر للكاتبة الهام عيسى بقلم الأديب والناقد مجدابو راس سورية

تمثل القصة القصيرة هذه مشهدا ثريا توافرت فيه ست عوامل وتلك من دواعي القصة القصيرة جدا
فالعامل الأول كان ذاتيا ممثلا بالشخص الذي حمل ابنته والثاني موضوعيا وهو إنقاذ ابنته والثالث كان غائيا قسم إلى قسمين توزع بين الذات المرسلة التي تشير إلى الأب والمرسل إليه وهم المنقذون أصحاب البزات البيضاء انا العامل الرابع فهو القوى المساعدة وتتمثل بإصرار الأب على إنقاذ ابنته والعامل الخامس هو القوى المعارضة وتتمثل بالركام والقصف والريح
أما العامل السادس فهو عامل الحسم وهنا تتمثل بالوصول إلى الغاية مع حدوث الخيبة وهو فوات الأوان والسبق الذي حققه الموت بالوصول لابنته ونلاحظ أنه ساند القوى المعارضة في عرقلة سيرورة الذات في تثبيط موضوعه وإفشال غايته من تحقيق الهدف
ونجد أن العامل السابع هو الزمن الذي اختص بالماضي ارتبط بكل الأزمنة فالريح حركتها دائبة والدمار حدث قابل للتكرار ما دام هناك للشر قوى في النفس البشرية والشر من سيكولوجية النفس البشرية كسبا أو اكتسابا
ومن الناحية السردية خلقت الكاتبة عرضا وثائقيا اختصرت ما حدث بمهارة واستطاعت أن تنقل خيال القارئ لساحة الدمار والعيش تحت القصف وبين الأنقاض مما أنجح قصتها كلون جديد من أساليب القصة القصيرة جدا
مع أنها ارتكبت جرما في طرقها للقصة فيخيل للقارئ انه يقرأ مشهدا من رواية ولكن عندما عمدت الكاتبة إلى إضفاء عنصر المفاجئة أعادتنا إلى هيكلة القص القصير

(نهاية)

كان ذلك قراءة تحليلية لهذا النص الثري ولم أتعمد النقد بناءً وهدماً بما يخص الإرساليات التركيبية في مفاصل النص لأن النص كان من العيار الخفيف أدبيا ولم يحمل تلك التعقيدات ولم يحمل الدلالات الرمزية التي تحيلنا إلى تأويلات متعددة وهذا شأن الأخبار الحزينة والتي لا تحتاج لوعورة في الطريق لتصل بوسيلة الإنباء الشفهي
هذا والله أعلم
وأختم موجها دحكل الشكر والتقدير لهذا القلم المميز ونرجو له مزيدا من النجاح

النص
قدر أكبر
قصة قصيرة جدا
الهام غانم عيسى

خيمة مهترئة وبقايا ثياب ممزقة..
حذاء..
هيكل..
رياح عاتية وصفير عاصفة هوجاء تلوح، تهجم، تغطي المكان..
واحد..
اثنان من الكيلو مترات، قطعها سيرا على الأقدام ماشيا بين الركام ذاك ما تبقى من وطنه الذبيح.
تباغته الرياح،
تارة، يهوى بين الحفر الممتلئة بالثلوج،
يتشبث بجسدها الطري الندي..
وطورا يرفعها على رأسه وطورا آخر يبقض عليها بين ذراعيه..
تكاد أطرافه ان تتجمد من قساوة البرد القارس طول الخطى، ظلّ، يرطب وجهها الندي وجسدها النحيل بدموعه الدافئة..
حين يظهر، يتهافت طاقم الإسعاف في المستشفى لالتقاطها من بين ذراعيه.
بصعوبة بالغة، فصلوها عن قلبه وجسده ..
لم يكن له الجهد سوى أن يرفع عن وجهها الغطاء ويلمح بوجهها الملائكي، وجهه..
تبتسم فيه.. لكنها دون حراك ..
لم يكن يعلم انه يحمل جثمانها بين الركام الذي تبقى من وطنه..

الاخبار العاجلة