بِقَلم .محمد سعد عَبْد اَللطِيف : مِصْر .
الذِّكْرى السَّادسة والْخمْسون لِلنَّكْبة ، ومَا أَكثَر النَّكبات … . تَأتِي الذِّكْرى مع اِسْتشْهاد مُجنَّد مِصْرِي / محمَّد صَلَاح مع ذِكْرى نَكسَة ” 5 يُونْيَة / حُزيْرَان عام / 1967 ومقْتل 3 جُنُود إِسرائيللين فِي هُجُوم مُجنَّد مِصْرِي على تُجَّار مُخدرَات علي الحدود
يَهدَأ نَهْر التَّاريخ حِينًا ، ويهيِّج حِينًا ، وترْتَفع صَرَخات حَوْل أَقدَس بِقَاع الدُّنْيَا . اَلقُدس لَنَا قالتْهَا طِفْلَة لِجنْديٍّ مِن قُوَّات الاحْتلال مُنْذ عامٍ . فتمَّ اِعْتقالهَا ، . أتدْرون لِماذَا بُكَاء هَذِه الطِّفْلة . لِأَنه أَوَّل مِن يُعبِّر عن ألم يُعبِّر عن جُرُوح وَهمُوم أُمَّة جَرِيحَة . تعيش بَيْن رُكَام مَعارِك وبيْن أَروَاح تُزهَق ودماء تسيل وأعْرَاض تَنتَهِك . . . وَبيُوت تَهدُّم . والْبَيْتُ الأبْيض يَضحَك بُكَاء على أُمَّة نَائِمة . لَاتسْتفيد مِن الحيَاة .
وَدمُوع أَقرَب إِلى أن تَصرُخ مُسْتغيثة باحثًا عن حُلْمِك العرَبيِّ والْإسْلاميِّ . تَستغِيث . وِلامْجيب ‘ والْعَرب والْمسْلمون يُذَقون الويْلات والانْهزامات والاتقسامات . . . إِنَّ بُكَاء الطِّفْلة وتقيِّد يديْهَا مِن الخلْف بِالْحديد أَمَام أُمهَا لَهِي رِسالة لِلضَّمِير العالميِّ وازْدواج المعايير . .(بَيْن شَعْب اَللَّه المخْتار وشعْب اَللَّه المحْتار ). أحْيانًا اَلبُكاء يُعَانِق حِبْر قَلمِي وَدمُوع عَلِي الخريطة السِّياسيَّة والاقْتصاديَّة . والاجْتماعيَّة . والثَّقافيَّة . ؛ إِنَّ شعْبنَا العرَبيَّ فِي فِلسْطِين والْمرابطون حَوْل بَاحَة اَلمسْجِد الأقْصى . شَابَت الرُّؤْية والْخطَّة لِلْقوى الإقْليميَّة الدَّاعمة لِهَذا الشَّعْب فِي ثوْراتهم ، ثُمَّ كان الخذْلان اَلفظِيع مِن عُمُوم الشُّعوب . لِلْقضِيَّة الفلسْطينة . بَعْد عمليَّات التَّطْبيع . . . فالْعَرب يعيشون الآن أَكبَر النَّكسات . بُعْد اَلربِيع العرَبيِّ ، فَفِي سُورْيَا سُرْعان مَا تَحولَت إِلى حَرْب إِقْليميَّة وَدولِية شَامِلة لَيْس لَهَا مِن سُورْيَا سِوى المكَان ولَا مِن الثَّوْرة سِوى العنْوان . . . فِي ‘ ” اليمن اَلسعِيد ” أَصبَح يعيش بَيْن اَلكُهوف والْفَقْر والْأمْراض وَفِي لِيبْيَا ثَورَة بِلَا عُنْوان وِلاهْدف . اَلكُل يَنتَظِر . الكعْكة مِن عَمَليَّة إِعادة الإعْمار ، وَأَصبحَت فَصائِل وَجيُوش مِن المرْتزقة والْحصول على النِّفْط . وَفِي السُّودان خَرجَت مِن عَباءَة العرب إِلى التَّطْبيع . تَلاحُق حَظِيرَة المهرْولون نَاحِية ” تلِّ أبيب ” والْعراق لََا حَوْل لَه ولاقَوْه بَيْن المذْهبيَّة والْعرْقيَّة والطَّائفيَّة . والانْقسامات والْأطْماع الدَّوْليَّة والْإقْليميَّة . كَذلِك لُبْنان يعيش أَكبَر أَزمَة اِقْتصاديَّة والْمغْرب صِرَاع مع الجزائر ، وَتونِس مَا زَالَت فِي أَوَّل التَّجْربة تعيش الآن حَالَة مِن الصِّرَاع الدَّاخليِّ على اَلحُكم . ومصْر الولادة مُتَعثرَة وَأزْمَة اِقْتصاديَّة عَالمِية . اِحتِمال تُطيح بِنظم واحْتمال تَتَعرَّض 11 دَولَة عَرَبيَّة لِلْمجاعة هُنَاك مِن يَقفِز فَوْق التَّاريخ . والصِّراعات والْبَشر . والاقْتصاد والسِّياسة والْعالم بِطريقة مَرفُوضة . وهناك جُزْء مِن العالم لَايهْمة أَمرِنا فِي شَيْء راح يُصفِّق لَه وهناك جُزْء مِن العالم العرَبيِّ يُرَاقِب بِسلامة وَكأَن الأمْر لََا يعْنيه وَذهَب إِلى التَّطْبيع والْجزْء الآخر مُضلِّل فِي كُلِّ مَا يَحدُث غَابَت عَنْه الحقائق . . . وَجُزء دَخْل فِي ثَبَات شَتوِي طويل . خوْفًا مِن فَقْد الكراسيِّ وخوْفًا مِن غَصْب الأمْريكان وأحْفَاد اَلعَم سام.… ومَازال اِنْفعاليٌّ اَلشدِيد فِي كُلِّ ذِكْرى اِنفِعال يَتَدفَّق مِنْه الاحْتدام دُمُوع مِن دُمُوع الإخْفاق . لِلْأسف اَلشدِيد . دُمُوع بِلَا بُكَاء . . . لِنتذَكَّر كُلَّ عام أَصْل المثل ” لََا تَبكِي على اللَّبن المسْكوب” وَهِي قِصَّة قَدِيمَة . وَلَكنهَا حَقِيقَة لِمَا حدث فِي عَالمِنا العرَبيِّ . يُقَال أنَّ أحد التَّلاميذ الإنْجليز كان يَأوِي إِلى فِراشه كُلَّ لَيلَة لِيتذَكَّر مَا وقع فِيه مِن أَخطَاء ، وَكَان هذَا يُصيبه وَهْم وَقلَق كبير ، ، وَذَات يَوْم فُوجئ هذَا التِّلْميذ وأصْدقاؤه بِالْمعلِّم يَدخُل عَليهِم الفصْل ، وَمعَه كُوب مِن اللَّبن وَضعَه أمامَهم ، وَتَعجَّب التَّلاميذ وأخذوا يصْرفون أبْصارهم تُجَاه كُوب اللَّبن والْأسْتاذ سَاكِت لََا يَتَكلَّم . . . وَفجْأَة ضَرْب الأسْتاذ كُوب اللَّبن بِيَده فكسره ، وَسَال اللَّبن على الأرْض ، ثُمَّ أَمْر اَلمُعلم تلاميذه أن يَنظُروا إِلى هذَا اللَّبن السَّائل ، وقطْع الزُّجَاج المبعْثرة على الأرْض ، وَقَال لَهُم إِنَّكم لَن تسْتطيعوا أن تُعيدوا هذَا اَلكُوب إِلى مَا كان عليْه ، ومَا عليْكم إِلَّا أن تُلمْلموا هذَا الزُّجَاج المكْسور ، ثُمَّ تواصلوا العمل مَرَّة أُخرَى ، وَمِن يوْمهَا تَعلُّم هذَا اَلصبِي أَلَّا يَندَم على أخْطائه إِلَّا بِالْقَدْر اَلذِي يُفيده فِي المسْتقْبل مِن دُرُوس فَمتَى نَتَعلَّم نَحْن العرب مِن الدُّروس . وَمِن صَرخَة طِفْلَة على أَبوَاب بَاحَة اَلمسْجِد الأقْصى تَستغِيث بِحواليْ مِليَار مُسْلِم وَعرَبِي فِي ذِكْرى النَّكْسة .. “اَلقُدس لَنَا ”
محمد سعد عبْداللِّطِّيف كَاتِب مِصْرِي وَباحِث ومتخَصِّص فِي الجغْرافْيَا السِّياسيَّة
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.