قصة قصيرة
عبد الرحيم هريوى
عاد المغربي معصور الميلودي لزيارة وطنه الذي ودعه لعمر طويل، بعدما هاجر الديار مرغما ،وحينما شعر بأن الأرض قد نفضته نفضا، وأصبح ليله كنهاره يطويهما طيا مؤلما وحزنا و بروتين ويأس وتشاؤم في الغد الجميل المنتظر في الأحلام، والذي ستشرق شمسه على حياة سعيدة، يتنسم من خلالها هواءها العليل فوق تربة أرض الأحبة والأهل والأجداد..!؟!
وأخير؛ شاءت الأقدار،بأن تبسم الحظ لميلود لكن في القرعة فجأة، وما كان يتمناه في صباه فوق تربة الوطن،لم يجدها بالطبع..وظل في ذاكرة الأحلام المستعصية على أن تعاش في الواقع.. وبعدها سيتغير حاله، هناك ببلاد العم سام ،وقد حصل له عن شغل قار، و تزوج بإحدى قريباته الآنسة أحلام، التي التحقت به بأمريكا،و التي حصلت لها على أكثر من شهادة جامعية ودبلوم ،وظلت في ٱنتظار تغير الحال من المحال، وٱنتظرت كما ٱنتظر معصور من قبلها في عالم الأحلام، يوم السعد حين يحصل فيه على شغل قار، والذي ظل همهما الوحيد هي الأخرى، ومأخذ تفكيرها، وما زالت تمني النفس ،بأن يوم السعد ذاك آت لا محالة، عاجلا أم آجلا ..وما عليها إلا أن تصبر وتصابر وتكابر في وطنها ..!!
لكن شر غائب ينتظر..!
اجتاح الوباء العالم ،وانغلقت أبواب السماء والأرض..!
تغيرت حياة البشر في كل مكان من العالم..!
وجاء الخبر اليقين عبر إتصال هاتفي من جهينة ..!
.. حتى أنها في إحدى الأيام تفاجأت بتوصلها برسالة مستعجلة عبر عنوانها الإلكتروني” الإيميل “Gmailمن مجهول، لم يسمي نفسه، وهو يخبرها بالاتصال في أقرب وقت ممكن ،لأمر يهمها على الرقم X وبأن لديها جديد ينتظرها في عالم ما تسميه الانتظار في قاعته الفسيحة ،وما كان عليها إلا أن ركبت الرقم الهاتفي..
وكلها أمل بعد طول ٱنتظار طال آنتظاره..!
– ألو..ألو..!
– السلام عليكم، من معي..؟؟
– رن الهاتف..
– وبعد دقائق معدودة
– جاء ها الرد من الجهة الأخرى
– ألو..
– وعليكم السلام ..من معي ؟؟
– معك الأنسة أحلام، لكن بدونها..!
– الأنسة أحلام التائهة في أحلام لا حد لها..!
– الأنسة أحلام المنتظرة من أقدم الزمان، بل من أقدم المنتظرات في هذا المكان..!
– أحلام التي لم تدفن حلمها.. و هي في انتظار دورها في طابور طويل من المنتظرين والمنتظرات ..!
– وأحلام من زمان قد تزعمت جمعية المنتظرين
– وأحلام التي ظلت تناضل في قاعة الانتظار وتعقد اللقاءات والتجمعات وتشارك في كل المسيرات والاحتجاجات..!
– وتكتب بآسم الجمعية كل الشعارات وتعلقها أمام البرلمان وفي الباحات والساحات.. !
– هي أنا؛ المسماة :
” أحلام؛ في غيابها عن أرض الواقع..!
– مرحبا بك آنسة أحلام، أنا معك
” السيد الانتظار..!.”
– نرجوك أن لا تنتظرني بعد اليوم..يا أحلام..ونتمنى أن تضعي حدا لها عن طواعية واختيار، وذلك بعدما اطلعنا على كل طلباتك القديمة، و التي تم إرسالها إلينا منذ سنة 2010..
– ونخبرك بأنها لم تعد صالحة تبعا للمادة 21/11 و24/00 من قانون الانتظار ،كما تم تصحيحه ونشره في الجريدة الرسمية ،لكل ذلك نخبرك، بأنه أنا السيد الانتظار، المدير العام للقطاع، بأن تقطعي شعرة معاوية مع عالم الانتظار، وتقلبي لك على شيء حاجة تلاهاي بها وبعيدا عنا، وبعيدا عن مصالحنا وبالخصوص قاعة انتظارنا..ولم يسمح لك بعد اليوم ولوج أي مكان يخصنا نحن الانتظار.. وكذلك عن كل مواقعنا ..وعناويننا الالكترونية ..وكل مخالفة لقوانيننا وتشريعاتنا المسطرة ستعرضك للعقوبات المدرجة في قانون الانتظار ..وشكرا لك على تفهمك الكبير وتجاوبك المنتظر معنا آنسة أحلام..!!
وبعد أيام قليلة من وصوله هو وزوجته وأولاده إلى الوطن تفاجأ المعصور الميلودي،بأنه بالفعل ما زال في الحقيقة في أمريكا.. وهو بين أحضان أسرته التي رحبت به و بأولاده وهي في وحشة لرؤيته من جديد ..!
لكنه ظل يقول أنا ما زلت في أمريكا ديال المغرب
في أمريكا السميك عندنا 30,000 ألف درهم
وفي المغرب بالكاد3500 درهم ..!
وفي أمريكا الغازوال بنفس الثمن الذي هو عندكم ..ولربما أقل..!
فهل أنتم تعيشون عيشة الأمريكي هناك عندنا ..!؟
المعيشة عندكم غالية بزاف أخويا معصور
وهو ٱسم على مسمى كذلك..!
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.