تحملق العرب، أو الذين صنفوا قسرا في هذه الخانة، أمام شاشات التلفاز، في موعد شبابي يحمل عنوان “البطولة العربية لكرة القدم للناشئين أقل من سبعة عشر سنة”، وكلهم أمل أن تكون هذه المناسبة، ومثيلاتها فرصة لتجسيد الوحدة والتضامن العربي المفقود، وبت روح أمل في الإطار السياسي الأكبر الجامعة العربية…
وللمصادفة، الجزائر تحتضن الموعد، وتترقب احتضان القمة العربية التي تحوم شكوك كبيرة في جدواها، والغاية منها، وقدرتها على رأب صدع وشرخ عمقته العسكرية الجزائرية، بسبب اختياراتها واصطفافاتها، وعدائها وتحالفاتها التي لا يخطئ أحد حساباتها…
هذه المناسبة الرياضية، بسبب إطارها، لم تحظ بمتابعة إعلامية ولا جماهيرية خاصة، بل إن جل المباريات المبرمجة لعبت أمام مدرجات فارغة…لكن فجأة، ستصبح البطولة مهمة…لماذا؟ لأنها ستجمع بين المنتخبين الجزائري والمغربي…
لذلك، حشدت الآلة الدعائية، وعبئت الجماهير، وشحنت، بل وتم تأطيرها لتنفيذ مخططها الذي اكتملت ملامحه بعد نهاية المباراة…فاستقبل أشبال المنتخب بشعارات جوفاء واتهموا بالسحر والشعوذة، وسمعوا من السباب والقذف، ما تمكنوا من فهمه من لغة قوم تجمع ما تفرق في لغات الأقوام والملل…
وبمجرد انتهاء المباراة، بدأت حلبة الضرب والاعتداء، فسمح للجمهور بولوج المستطيل الأخضر، وتم التسامح مع لاعبي المنتخب الجزائري للاعتداء على لا عبي المنتخب الوطني، دون أي حماية تذكر، ولكي تكتمل الصورة، توقفت القناة الجزائرية عن الاستمرار في بت التفاصيل…لإكمال سيناريو المؤامرة، المؤامرة التي دبرت بليل…
ما هي الرسالة يا ترى؟ من كل ما شهدناه بالأمس، وجعل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بل والحكومة المغربية تعبر عن قلقها إزاء ما حدث…هل هذا هو الجواب على “اليد الممدودة”؟ وهل هذا هو الرد على التمييز الذي يقيمه المغاربة بين “النظام الجزائري”، و”الشعب الجزائري”؟…لقد فهمنا الرسالة، فمنذ مدة أدركنا أن “خاوة خاوة” ليست سوى كلام أجوف…خال من أي معنى…
إننا لم نكن ننتظر من الجمهور الذي أوتي به، أن يستقبل منتخبنا بالورود، لكن لم نكن نتوقع منه أيضا أن يفجر حقده في ركل ورفس وضرب عناصر المنتخب الوطني، والمفارقة أن هذا وقع والمنتخب الجزائري هو الفائز، ولكم أن تتصوروا ولمخيلتكم أن تتوقع، لقدر الله، ما كان سيقع لو فاز المنتخب الوطني….
لقد عاش المنتخب رعبا، واعتداءا سافرا على سلامة مكوناته…وقدم لقاء وهران الدليل على تفكير الأنظمة الشمولية، ونظرتها إلى الرياضة، الذي لا تعدو أن تكون، في نظرها، سوى واجهة لتصريف الأحقاد، والمواقف السياسية الحمقاء، والتعبير عن العقد التاريخية ومكبوتاتها…
فلنعلن وفاة كرة القدم، وروحها الرياضية…الرياضة التي أرادها الأثينيون أن تكون تعبيرا للشرف والتباري النزيه، والأخلاق العالية…فعلى روحك السلام ولترقدي بعيدا عن وهران، وباقي مدن “كراغلة”…
د. حنان أتركين
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.