هوس الكرسي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله والسقوط في هوى السلطة :

voltus20 أغسطس 2022آخر تحديث :
هوس الكرسي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله والسقوط في هوى السلطة :

 

يبدو أن عشق السلطة والسقوط في هواها لا يقتصر على الانتخابات المحلية والتشريعية، بل انتقلت هذه النزعة إلى الجامعة المغربية وتحديدا إلى جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. فما أن تم التعرف على المرشحين الثلاثة الذين اجتازوا بنجاح مباراة الترشيح لرئاسة هذه الجامعة بناء على مشاريعهم المستقبلية، إلا واستفاق الرأي الجامعي على مقالات مثيرة للسخرية بعيدة كل البعد عن الموضوعية وقريبة من الألاعيب البهلوانية التي تصل إلى حد الحماقة من خلال التشكيك في مصداقية اللجنة العلمية المكلفة بتقييم المشاريع تارة والتهجم على سياسة وزير التعليم العالي في الإصلاح الشمولي للجامعة المغربية تارة أخرى. فمن حيث التشكيك في مصداقية اللجنة العلمية يبدو أن جنون أعداء التغيير قد تجاوز كل الحدود، إذ لم تقتصر مواقفهم المثيرة للشفقة عن تسفيه أعضاء اللجنة العلمية عبر تجريدهم من أية مؤهلات علمية وإدارية، والبحث عن أية صلة كيفما كانت طبيعتها تربطهم بوزير التعليم العالي، بل تم تجاوز ذلك إلى محاولة الاستهزاء بالمرشحين الفائزين من خلال النبش في حياتهم الشخصية من أجل إثبات قرابة قبلية أو حزبية أو جغرافية مفترضة بوزير التعليم العالي، عوض التركيز على مشاريعهم المقدمة لتطوير الجامعة وعلى مسارهم المهني الحافل بالإنجازات العلمية والبيداغوجية الكبرى وبتجربتهم الرائدة في مجال تدبير مؤسساتهم الجامعية وتسييرها. والواقع أن عمل اللجنة العلمية جاء متوافقا مع توقعات الرأي الجامعي بفاس التي وضعت عميد كلية العلوم والتقنيات الدكتور مصطفى إيجا علي في مقدمة المرشحين للظفر برئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله في هذه المرحلة الدقيقة التي تجتازها الجامعة نظرا لمؤهلاته العلمية وقدراته التدبيرية والتواصلية، التي صقلتها التجربة الطويلة في تسيير كلية العلوم والتقنيات وتطويرها، علاوة على أنه رجل الإجماع الجامعي من موظفين وأساتذة باحثين. أما المرشحان الآخران فلكل واحد منهما تجربته الخاصة المتميزة عن الآخر تؤهلهما ليكونا ضمن الثلاثة المرشحين للتباري على منصب رئاسة الجامعة.
غير أن هول الصدمة التي انتابت أعداء التغيير وحماة الفساد قد تجسدت في الهجوم على وزير التعليم العالي باعتباره المسؤول الأول على تعيين أعضاء لجنة تقييم المشاريع واتهامه بتهم جاهزة سلفا في توجيه أعضاء اللجنة العلمية، أقل ما يقال عنها أنها تعكس حالة اليأس والإحباط التي أصابت فئة من المنتفعين الفاسدين الذين خرجوا من جحورهم حفاظا على مصالهم الشخصية وليس دفاعا عن الرئيس المنتهي ولايته. وقد اتخذ الهجوم على وزير التعليم العالي باعتباره المسؤول الأول عن تشكيل لجنة تقييم مشاريع تطوير الجامعة صورا مختلفة وأشكالا متعددة، غير أن القاسم المشترك بينها أنها لا علاقة لها بتدبير الشأن الجامعي، ومن ذلك على الخصوص استغلال صورة مفترضة للوزير الميراوي مع عضوين من التيار العدلي للنيل من سمعته والتشكيك في وطنيته، وفي هذا السياق يجد المرء نفسه أمام مجموعة من الأسئلة الجوهرية والشائكة التي تراهن على ذكاء المتلقي في تفكيك عناصر جوابها ومنها:
ــــ ألا يراد من تداول الصورة في الوقت الراهن من دون التساؤل عن مصدرها وزمن التقاطها اعتداء على الحرية الشخصية، وممارسة للتضليل والخداع على الرأي العام الجامعي، بتغيير مسار صورة عادية، إن صحت، الى مسار خاص يتم استغلالها لأهداف شخصية مقيتة، خصوصا أن خطورة تلك الصورة تأتي من انتقائيتها وتجريداها من سياقها وبنائها لواقع قد يختلف عن الواقع الحقيقي.
ـــ ألم تسهم هذه الصورة في تغيير رأيي مقولة “الصورة تغني عن ألف كلمة” إلى “الصورة تغني عن ألف كذبة وتضليل”، حيث يمكن لصورة واحدة مزيفة ان تُرسل رسائل وتمارس عمليات تضليل وخداع ما لا تستطيع ان تقوم بها عشرات التصريحات والعبارات بغض النظر عن قربها او بعدها عن الحقيقة.
ــــ ثم ألا يعلم ذووا النوايا المبيتة أن مواقع التواصل الاجتماعي كالفاسبوك وتوتير والانستغرام تمتلئ بالكثير من الصور المزيفة وغير الحقيقية التي تتعلق بشخصيات سياسية او عامة تشير الى أحداث ووقائع معينة خارج سياقها واشتراطاتها الزمانية والمكانية. وأن محاولة استغلال تلك الصورة مجرد صيحة في واد.
وإذا افترضنا جدلا أن الصورة صحيحة، فما هو وجه الخطورة فيها حتى يتم ربطها بالمساس بالثوابت الوطنية؟ ألم يتكون المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي من أحزاب وحساسيات مختلفة بما في ذلك التيار العدل، على قاعدة احترام الثوابت الوطنية والدفاع عنها.
ـــ ثم لماذا نستسيغ جلوس وزير التعليم العالي مع أعضاء المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي بما فيهم التيار العدلي للدفاع عن الملف المطلبي، بينما يتم استغلال صورة جلوس الوزير مع عضوي التيار العدلي، إن صحت، للنيل من سمعته ومكانته إلى درجة التشكيك في وطنيته وغيرته على الجامعة العمومية ومستقبلها، لغاية في نفوس أصحابها؟ ألا يتواصل الأساتذة الباحثون في مؤسساتهم مع التيار العدلي؟ ألا يتحمل قادة هذا التيار مسؤوليات نقابية محلية وجهوية في كثير من المؤسسات الجامعية الكبرى في احترام تام للمقدسات والثوابت الوطنية؟ ثم ألا يعتبر الدعوة إلى مقاطعة فئة من الأساتذة الباحثين وتهميشهم أخطر على المجتمع من هذا التيار نفسه؟ ثم ألم يحن الوقت لوضع حد لاستغلال وتوظيف الثوابت الوطنية والمساس بالمقدسات في خدمة أهداف شخصية مقينة وأجندات خفية كخطوة أساسية في مسار بناء دولة الحق والقانون؟
وأخيرا إن المراهنة على النبش في الحياة الخاصة للمرشحين، ومحاولة تشويه سمعة أعضاء اللجنة العلمية المكلفة بتقييم المشاريع بكل الطرق والوسائل غير المشروعة في تغيير نتيجة انتقاء المرشحين للظفر برئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس رهان خاسر، وتمرد خطير على القوانين المنظمة للتعليم العالي، وأن الحكمة والتبصر يستلزمان احترام قرار اللجنة العلمية وانتظار قرار المجلس الحكومي الذي يمتلك الصلاحيات الكاملة للتعيين في المناصب العليا وفق الإجراءات والنصوص القانونية ذات الصلة.

الاخبار العاجلة