كلمة السيد محمد بشير الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، رئيس الوفد المغربي في الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، المنعقد بالمملكة العربية السعودية

voltus23 مارس 2022Last Update :
كلمة السيد محمد بشير الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، رئيس الوفد المغربي في الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، المنعقد بالمملكة العربية السعودية

 

كلمة السيد الرئيس
في افتتاح الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف
في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد

الرياض- المملكة العربية السعودية
22- 23 مارس 2022

الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
معالي السيد رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) بالمملكة العربية السعودية؛
معالي السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية؛
معالي السيدة المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة؛
أصحاب المعالي والسعادة رؤساء وممثلي هيئات مكافحة الفساد بالدول الأطراف؛
أصحاب المعالي والسعادة ممثلي الدول الأطراف في الاتفاقية العربية؛

أصحاب المعالي والسعادة رؤساء وممثلي المنظمات الدولية.
حضرات السيدات والسادة؛
إنه لمن دواعي الغِبْطة والسرور أن نلتقي مجددا لِنَمُدَّ جسور الاتصال بكم بأرض الضيافة والكرم المملكة العربية السعودية، بمناسبة انعقاد الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد.
واسمحوا لي في مستهل كلمتي هاته، أن أتقدم إلى أخي معالي السيد مازن بن إبراهيم بن محمد الكَهْمُوس رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بأسمى عبارات الشكر والامتنان على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، ولكافة المسؤولين والعاملين بهذه الهيئة على ما بذلوه من جهود في سبيل الإعداد لتنظيم هذا المؤتمر. كما أثمن عاليا مستوى التفاعل والانخراط الذي تبديه على الدوام الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، لاسيما قطاع الشؤون القانونية، في سبيل تذليل الصعاب وتيسير سبل التلاقي بين ممثلي الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، قصد التداول والنقاش حول المواضيع ذات الصلة بتتبع وتقييم مستوى تنفيذ مقتضياتها والبحث عن أنجع الآليات الكفيلة بأَجْرَأَتِها بالشكل الذي يتوافق مع ما تفرضه من اِلْتزامِ هذه الدول بمكافحة الفساد، وتَرْسيخٍ لقيم النزاهة، وتنسيقٍ للجهود الوطنية في هذا المجال.
ولا يفوتني في هذا المقام التعبير عن مشاعر التقدير والثناء للدعم والمساعدة التي ما فتئت تقدمها المنظمات الدولية والإقليمية في سبيل تعزيز وتقوية العمل العربي المشترك، بما يضمن تفعيلا أمثل لأحكام الاتفاقية العربية، وأخص هنا بالذكر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
كما أعرب لَكُم عن تَثْمينِنا لأهمية تنظيم هذه الدورة في سياقٍ إقليمي يدعونا جميعا إلى المزيد من التآزر والتعاون لمواصلة العمل والجهد من أجل القضاء على آفة الفساد والنهوض بقيم النزاهة والشفافية والحكامة الجيدة وفق ما تُؤَكِّدُ على ذلك الاتفاقيات الإقليمية والدولية ذات الصلة، وما تَفْرضه التحديات والإكراهات التي يَطْرحها تفشي هذه الآفة على المسار التنموي للدول بمختلف تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والبيئية.
أصحاب المعالي والسعادة؛
حضرات السيدات والسادة؛
لقد جاءت الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد كإطار قانوني إقليمي لتنسيق وتوحيد الجهود العربية، ووثيقة مرجعية تكرس مبدأ التكامل والانسجام بين التدابير الوقائية والزجرية والتࣤوࣴعࣤوࣦيࣤة والتواصلية، وتأخذ بعين الاعتبار أهمية التعاون والتنسيق الوطني والدولي في هذا المجال.
ولعل انتظام انعقاد دورات مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية، وكذا اجتماعات اللجنة مفتوحة العُضوية من الخُبراء الحُكوميين ومُمثلي الهيئات المستقلة، لأفضلُ تعبير وخير تجسيد للالتزام الموحد من طرفنا جميعا بتكثيف الجهود من أجل بلوغ ما نصبو إليه، من خلال استعراض تجاربنا الوطنية، ووضعها في خدمة الاستفادة المتبادلة والتقدم المشترك، مع تقييم مستوى التزامها بالمعايير المعتمدة، واستشراف آفاق جديدة للتعاون، تساعد على الرفع من قدرات الفاعلين الوطنيين، وتجويد ممارسات المؤسسات والأجهزة الوطنية المعنية بمكافحة الفساد في أبعادها المختلفة.
وانطلاقا من القناعة الراسخة بأهمية العمل المشترك في إطار هذه الاتفاقية، أكدت المملكة المغربية منذ مصادقتها وانضمامها إلى الاتفاقية العربية، تفاعلها الإيجابي مع أهدافها ومبادئها وانخراطها الفعال إلى جانب الدول الأخرى؛ حيث ظلت حريصة على المشاركة النشطة في جميع فعاليات هذه الاتفاقية، والاضطلاع بمهمة تنسيق وتتبع أنشطتها من خلال رئاستها للدورتين الثانية والثالثة لمؤتمر الدول الأطراف.
لقد راهنت المملكة المغربية عند استضافتها للدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف، في يناير 2021 على جعلها محطة فارقة في مسلسل التعاون والتنسيق العربيين في مجال مكافحة الفساد، وذلك من خلال الحرص الأكيد والمشترك مع إخواننا العرب، على إذكاء دينامية جديدة في عمل المؤتمر بوصفه آلِيَة تَنْفيذيَة للاتفاقية العربية لمكافحة الفساد وتحقيق الأهداف التي أُحدث من أجلها، وذلك عبر السعي، على مدار الدورة، نحو خلق زخم علمي، سواء على مستوى ما تقوم به الهيئات الوطنية، أو عن طريق برمجة عدد من اللقاءات والندوات التي من شأنها أن تساهم في تعزيز الرصيد المعرفي والقوة الاقتراحية، تمهيدا لعقد هذه الدورة التي نحن بصددها؛ حيث وضعت رئاسة الدورة كهدف لها، تنزيل خطة عمل مسطرة وفق برمجة زمنية تغطي فترة الولاية بالتنسيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ومع مجموعة من الهيئات الوطنية للدول الأطراف.
ورغم المستجدات الدولية والوطنية التي فرضتها الأزمة الصحية العالمية وما طرحته من صعوبات وإكراهات أمام تنفيذ وأجْرَأَة الأنشطة المبرمجة، فقد مَكَّنَنا استغلال الإمكانات التكنولوجية، من الحد من آثارها على أهداف العمل المشترك، مما ساهم في تذليل الصعاب وتيسير سبل التلاقي والتواصل لما من شأنه تحقيق الاستمرارية في التنسيق والتشاور وتعزيز القدرات في مجال تنفيذ الاتفاقية العربية. وفي هذا الإطار تم عقد الاجتماع الرابع للجنة مفتوحة العضوية للخبراء الحكوميين وممثلي الهيئات المستقلة بالدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد أواخر سنة 2020 عبر تقنية المناظرة المرئية، الذي كان من أبرز مخرجاته : تبني مقترح المملكة المغربية القاضي بتنظيم ندوة علمية حول موضوع ” تعزيز النزاهة والوقاية من مخاطر الفساد في ظل جائحة كورونا”؛ حيث جاء تنظيم الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لهذا اللقاء العلمي مطلع سنة 2021 انطلاقا من قناعتها الراسخة بكون الجائحة، وكما كانت لها انعكاسات وتداعيات بليغة همت المنظومات الصحية والاقتصادية والاجتماعية وخلفت آثارا نفسية خطيرة على المواطنين، كانت لها أيضا انعكاسات شكلت مسا بالقواعد والإجراءات الضامنة للشفافية ولتعزيز منظومات النزاهة والوقاية من الفساد بمختلف دول العالم.
وقد كانت هذه الندوة فرصة أمام الجميع، ممثلين للدول الأطراف وخبراء من منظمات دولية، لتقديم التشخيص والاستنتاجات الأولية معززة بإجابات واضحة عن بعض الإشكاليات المرتبطة بحدود ومظاهر التأثير الذي طال منظومات النزاهة في الدول العربية جراء جائحة كورونا، وكذا عن ماهية وطبيعة التدابير والإجراءات التي اتُّخِذت على مستوى السلطات العمومية والهيئات المُخْتَصَّة في هذه الدول لحماية هذه المنظومات من التأثيرات المذكورة. وبالإضافة إلى ذلك، شكلت أشغال هذه الندوة فرصة لاستشراف الضوابط الواجب التقيد بها لتحصين منظومات النزاهة والوقاية من مخاطر الفساد في ظل الظروف الاستثنائية التي قد تفرضها أحداث ووقائع تكتسي طابع الفُجَائِيَة.
أصحاب المعالي والسعادة؛
حضرات السيدات والسادة؛
من منطلق حرصنا، كَدُوَل أطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد وكرئاسة للدورة الثالثة، على القيام بدورنا في التنسيق من أجل مواصلة تنفيذ القرارات المنبثقة عنها، سبق لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) بالمملكة العربية السعودية أن تقدمت بمقترح خلال الاجتماع الرابع للجنة مفتوحة العضوية للخبراء الحكوميين وممثلي الهيئات المستقلة المنعقد شهر دجنبر 2020، يرمي إلى تنظيم ندوة علمية قصد التداول وتعميق النقاش حول أنسب الصيغ الممكنة لتفعيل القرار القاضي بتخويل هذه اللجنة إمكانية خلق آليات عمل موضوعاتية تنكب على دراسة بعض الجوانب الفنية والتقنية ذات الصلة بتنفيذ الاتفاقية.
وقد تم، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تنظيم هذه الندوة شهر نونبر 2021 عبر تقنية المناظرة المرئية تحت عنوان: ” العمل على خلق وإيجاد آليات تقنية وفنية للوصول إلى أفضل السبل لمتابعة التنفيذ الأمثل للاتفاقية العربية لمكافحة الفساد”؛ حيث تركَّزت أشغال هذا اللقاء العلمي حول خَلق آلية استعراض للاتفاقية العربية لمكافحة الفساد على غرار الآلية المعمول بها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وذلك استنادا لأحكام الاتفاقية العربية، خاصة منها المادة الثالثة والثلاثون التي تنص في بعض فقراتها على أن مؤتمر الدول الأطراف يتفق على أنشطة وإجراءات وطرائق عمل لتحقيق أهداف الاتفاقية، بما في ذلك استعراض مدى تنفيذ الدول الأطراف لها، وتقديم توصيات بشأن تحسينها، ورفع كفاءة تنفيذها، كما يُنْشِئ، إذا ما رأى ضرورة لذلك، أيَّةَ آلية أو هيئة مناسبة تساعد على تنفيذ الاتفاقية تنفيذًا فعالاً.
وعلى ضوء ذلك، أعدت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ثلاث وثائق مرجعية، يتعلق الأمر: (1) بمشروع استبيان للتقييم الذاتي لاستعراض تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، (2) ومشروع الإطار المرجعي لآلية استعراض تنفيذ الاتفاقية العربية، (3) ومسودة مشروع القرار القاضي باعتماد الآلية والمرتقب مناقشته خلال أشغال مؤتمرنا هذا.
أصحاب المعالي والسعادة؛
حضرات السيدات والسادة؛
لقد تميزت السنة الماضية بصدور واعتماد القانون الجديد رقم 46.19 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، هذا القانون الذي يمثل تقدما هاما للتشريع المغربي في مجال مكافحة الفساد، وفي اتجاه ملاءمته مع أحكام الاتفاقيتين الأممية والعربية؛ حيث، تنزيلا للمقتضيات الدستورية، أصبحت للهيئة بموجب القانون المذكور، صلاحيات واسعة سواء فيما يخص توجيه استراتيجية الدولة والإشراف والتنسيق وتَقْيِيم السياسات العمومية والبرامج الوطنية ذات الصلة بالتوعية والوقاية الناجعة من الفساد، أو فيما يتعلق بمهام تلقي ومعالجة الشكايات والتبليغات والتصدي التلقائي والتحري بشأن ملفات الفساد وتحويلها، بعد التأكد من صحة الأفعال المتعلقة بها، إلى قضايا قادرة على أن تأخذ طريقها نحو سلطات المتابعة التأديبية أو الجنائية.
وهكذا، وبالموازاة مع تنظيم اللقاءات العلمية التي سُطِّرَت في خطة عمل الدورة وأفضت إلى عدد من المخرجات والخلاصات، فإن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ومن خلال تصريف مهامها الوطنية المتعلقة بتحليل وتشريح وضعية وتطور الفساد بالمغرب، سبق لها أن أَنْجَزت دراسة مُعمقة لمختلف مكونات مؤشر مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، ومدى علاقتها وتأثيرها على تطور الفساد. وقامت الهيئة بترجمة التقرير المتعلق بهذه الدراسة إلى اللغة العربية في أفق تعميمه على الدول الأطراف في الاتفاقية، واقتراحه خلال هذه الدورة، كوثيقة منهجية مرجعية تُغْني القاعدة الوثائقية العربية في مجال مكافحة الفساد.
كما أن الهيئة بصدد الانتهاء من دراسة ترمي الى تحديد تقاطعات وخصوصيات أحكام مختلف الاتفاقيات المتعلقة بمنع ومكافحة الفساد، الأممية منها والعربية والإفريقية، وذلك من خلال العمل على تجميع ودمج تشعباتها لوضعها ضمن الركائز الأساسية للمنهجية التي تتبناها الهيئة لبلورة الآراء والتوصيات والتوجهات الإستراتيجية التي تقدمها للسلطات والمؤسسات الوطنية المعنية، وذلك من أجل تعزيز الترسانة المؤسساتية والقانونية والاجرائية وجعلها تتلاءم في كل أبعادها مع الاتفاقيات المذكورة، كمدخل للانتقال إلى حقبة جديدة لمكافحة الفساد، وجعله يأخذ منحنى تنازليا مستداما، طبقا للإرادة ولتوجهات أعلى سلطة في البلاد.

أصحاب المعالي والسعادة؛
حضرات السيدات والسادة؛
إننا نعتبر تنظيم هذه الدورة من المؤتمر محطة مهمة سوف تتيح لنا جميعا فرصة التلاقي وتبادل التجارب والخبرات وأفضل الممارسات حول سبل تعزيز تدابير وآليات الوقاية من الفساد ومناقشة التحديات والإكراهات التي تواجهها بُلْدانُنَا في هذا الشأن.
وإذ نتطلع بكامل الاهتمام إلى ما سَتُفِرِزُه أشغال هذا المؤتمر من قرارات، فإنني أجدد شكري وامتناني لمعالي السيد رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) وكافة العاملين بها على جهودهم القيمة في سبيل تنظيم لقائنا هذا، على الوجه الأكمل.
وفقنا الله لما فيه خير أُمتنا وبُلْدانِنا، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading