النهار نيوز / بړوکسال
ادريس بن ابراهيم
يختلف المحللون لسياسة الرئيس الموريتاني بين مؤيد متفائل وبين ما يعنونون خطابه الأخير بخطاب التشخيص دون العلاج علی اعتبار أن الأسلوب الذي نهجه محمد ولد الغزواني بعد توليه سدة الحکم کان أسلوبا يغلب عليه طابع المرونة المتجاوزة والمقرونة بتاريخ خلفه الذي ترک جذورا عميقة من الفساد يصعب استئصالها بخطاب أو تعديل لمناصب نافدة في الأمن والجيش ومؤسسات تحکمت في المال العام بمباړکة الرئيس ولد عبد العزيز الذي لازالت أيادي أتباعه تتحکم في أزرار المؤسسات المذرة للنفع, وتشعبت عروقها في مفاصل الدولة , وانتشالها أمر يحتاج الی قلب الأرض من تحت أقدامهم ويحتاج في الوقت داته الی شجاعة تشبه المغامرة لکنها مضمونة النتائج .
وحينما نستعرض تاريخ محمد ولد الغزواني نجد أن الرجل يمتاز عن بقية الرؤساء الذين حکموا موريتانيا أنه حګيم ويثقن أساليب المرونة والصرامة حينما تفرض الحضور , وأنه يحضی بثقة غالبية الشعب الموريتاني المعروف بالتنوع العرقي الذي يعتبر أکبر المعيقات التي يستعملها خصوم الرئيس وينسجون عليها خطابات خنق الديموقراطية ولجم حقوق الإنسان , وهي الورقة داتها التي يجب علی محمد ولد الغزواني تجاوزها قبل الدخول في تصفية جيوب الفساد وأمراء صناع المناورات والإنقلابات الداخلية , حيث أن فئات عريضة من الشعب الموريتاني تستعمل ناقوس الملف الاجتماعي وتربطه بمشكلة الرقّ ومخلفاته أو ما يعرف بالإرث الإنساني . وهذا أصعب الملفات الشائكة والمعقدة الثلاثية الأبعاد التي يخشاها محمد ولد الغزواني , لکنه يدرک اليوم لوالبها وقد أخد لجام ترويضها بما يخدم الموريتانيين الذين يؤيدون خطته بل أدرکوا أن خطورة هذه الحبکة المفرکة قد تقود البلاد الی نفق عميق وهالک .
وإن من بين الأمور العصيبة التي يراها المتابعون للشأن الموريتاني وهي قضية الشعور بالمواطنة والهوية الوطنية الجامعة , إذ أن الشعب الموريتاني يدرک أنه قضية الشعور بالمواطنة ليس معناه أن نؤيد الرئيس في مشاريعه وخططه , وإنما هو أن يصبح الشعب شريکا في معرکة الرئيس ضد الفساد وکيف يصبح المواطن قلب هجوم في معترک الإصلاح الی جانب الرئيس , وليس مدافعا لايملک حتی قوت يومه وقډ أنهکته آلة الفساډ وتحکمت فيه أيادي مافيا المال حتی أضحی عبدا لها وقد يشکل ناقوس خطر قادم علی استقرار الأمن في موريتانيا .
لقد غيرت خطابات الرئيس الموريتاني في الأسابيع الفارطة نظرة المواطن وأدرکت الشرائح الموريتانية حقيقة ما يطمح إليه , وهي لهجة لم يتعودها الشارع الموريتاني طوال سنوات , بل اعتبرها محطة جديدة في تاريخ البلد واشتم رائحتها القويمة والچادة من خلال التعديلات الچريئة في مفاصل الدولة ونهج سياسة الصرامة المقرونة بالقضاء العادل وربط المسؤولية بالمحاسبة .
لقد تفشی الفساد في أرکان الډولة وتعملقت عناصره في الداخل والخارج ونحن نعلم جيدا أن مخلفات الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز تعدت حدود البلد وصنعت لنفسها ظلا في بلدان أوروبا وأمريکا , وکادت موريتانيا تباع في مزادات صناع النزاعات خاصة وأنها اليوم تقود معرکة الساحل الکبری وقد تابعنا مجريات مؤتمر G5 الأخير والتي تقوده فرنسا التي نفهم أبعادها ودورها في قضايا الساحل, والتي يعتبرها المحللون الشچرة التي تخفي الغاب , لکن الرئيس محمد ولد الغزواني هو رجل يثقن فن المعارک السياسية والحربية وکونه يقود معرکة ضد الفساد فإنه يقودها من الداخل لأنه بوابة أطماع الخارج , وحينما قادها اليوم بشجاعة فإنه يدرک أن مفاتيح انتصارها بيديه, وأن الشعب الذي انتخبه البارحة سيظل يده اليمنی حتی تعود موريتاتيا الی دورها الإستراتيچي الذي تنتظره منها الدول الإفريقية والأوروبية .
لکن مانخشاه في معترک هذه الطريق الشائکة هو أن هناک ملفات مبطنة داخل دهاليز بعض المؤسسات المالية ونقصد هنا البنک المرکزي الموريتاني الذي يتړبع علی ملفات مبهمة ينتابها اللبس والتجاوزات والتي أشارت إليها مواقع إعلامية إفريقية وتم طرحها داخل إدارة فض النزاعات , لکنها لاتزال غامضة مستعصية رغم وجود ما يؤکد التجاوز والتلاعب , فهل يمکن اعتبار أن أجندة مکافحة الفساد ستشمل التحقيق في مکاتب هذه المؤسسة أم أنها غير معنية بأجندة الرئيس محمد ولد الغزواني . أسئلة عديدة وملفات شائکة سنحتفظ بها الی حين قريب ونحن نواکب مشروع الإصلاح الکبير الذي يقوده محمد ولد الغزواني في أکبر تحدي تشهده موريتانيا مند عشرين سنة .
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.