تعيش مدينة القنيطرة مخاضا سياسيا عسيرا قد نحتاج فيه الی ولادة قيصرية طالما أن المدينة حابل بشتی أنواع الأسلحة السموم المعدة سلفا , يقودها جيش من المتآمرين علی بيوتهم کما جاء في المحکم الکريم ” يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنین ” غليان مطبوخ يقودة الشر والمال وهما عنصران إذا اجتمعا فعلی هذه المدينة نقرأ السلام , وکم يحز في نفسي منظر المواطن القنيطري وقد وضعوا القماش الأسود علی عينيه حتی لايری مصيره وما ينتظره , وقد مرت کل هذه الأعوام ولم يستفق علی الأقل ليفصل بين الصالح والطالح ولم يستطع أن يميز ما بين من يبيعه الأوهام وبين من يدفعه للتشارک في البناء بعيدا عن أحلام اليقظة , مواطن مغلوب علی أمره إتخدوا من فقره وجهله بالأمور أداة لحرب سياسية لعب فيها دور الدروع الحزبية ” وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍۢ دَرَٰهِمَ مَعْدُودَةٍۢ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّٰهِدِينَ ”
حاولنا القيام بدراسة مجتمعية لتقييم الوضع السياسي المرافق للإستحقاقات القادمة بمدينة القنيطرة , وفوجئنا علی أن المدينة تتصاعد منها أصوات مخنوقة تحارب حزب المصباح وأخری تخشی علی نفسها وعلی المدينة أن تصبح کقصة يوسف مع إخوته حينما دبروا مؤامرة التخلص منه وأجمعوا الفعل والقول ” اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ”
لکن ومن حسن طالح وحظ هذه المدينة أن فيها أناسا حکماء يدرکون حقائق الأمور ويرون مدينتهم من أعلی وما تحقق فيها وما أنجز وما وصلته من مکانة اقتصادية وإلا لما زارها جلالة الملک محمد السادس مرات عديدة ليشهد نهضتها ورقي أوراشها , وخوفا علی أن يبيع لصوص المدينة مادشنه وبناه العقلاء فهم يطالبون اليوم ببقاء حزب المصباح علی رأس قيادة مجلس المدينة حتی تکمل القنيطرة جدولة رقيها وتنضاف الی مصاف المدن المغربية الکبری والقارية , وهنا تخطرني القولة الحکيمة من کتاب کليلة ودمنة : أکلت يوم أکل الثور الأبيض,
فحينما تسمح للباطل أن يبدأ بغيرك، فإنه حتمًا سيصلك، وكل ظالم فاسد لا تقف معه أو بجانبه ، فأنت في الحقيقة تحجز لك مكانًا في الزنزانة المجاورة، وكل وظيفة لا يمكن الوصول إليها إلا بالواسطة فتسكت لأن الأمر لا يعنيك، سيأتي يوم تصبح فيه الواسطة في أمر يعنيك، وكل ضريبة جائرة تنأى بنفسك عنها لأنها اليوم لا تطالك, لن يطول الأمر حتى يطالك مثلها، بعض السياسات جس نبض، وقد كثر الصفع على خدودنا لأننا سكتنا عند الكف الأول!
أخبث الأعداء من مشی في أعدائه بسياسة فرِّق تَسُدْ ، لعله أعقلهم، فإذا كانت مصلحة أعدائنا أن يفرقونا ليسهل عليهم أكلنا واحدًا واحداً فما هي مصلحتنا أن نتفرق، إنَّ الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية، والأسود إذا أرادت افتراس ثور عزلته عن القطيع أولًا، الضعفاء إذا اجتمعوا صاروا أقوياء، والأقوياء إذا تفرقوا صاروا ضعفاء!
سقطت القدس يوم سقطت الأندلس، وسقطت بغداد يوم سقطت القدس، وسقطت صنعاء يوم سقطت بغداد! هذه سُنة اللهِ في الأمة التي أرادها أن تجتمع فاختارت أن تتفرق .
عندما حكمنا العالم من مشرقه إلى مغربه كنا قد انتقلنا من منطق القبيلة التي لا يعنيها إلا شأنها, إلى منطق الأمة التي إذا اشتكى منها عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسَّهر والحمى، واليوم عدنا سيرتنا الأولى، قبائل وشيع ! وأخذت بعض الأحزاب شكلًا حديثًا على هيئة دولة لا يعنيها إلا شأنها، وما أن تسقط حتى يبدأوا يفكرون علی من سيأتي الدور لاحقا , فحتما ستكون بعدها، متى سنفهم أننا حين ندافع عن الآخرين فنحن في الحقيقة ندافع عن أنفسنا؟!
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.