لقد خلفت حالة الطوارئ الصحية بالمغرب آثارا اجتماعية كبيرة وحقائق صادمة عجزت الحكومة عن التصدي لها واستيعاب خطورة الأزمة على الاستقرار الاجتماعي، وتحديد انجع السبل و الإجراءات السياسية المناسبة لتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالموازاة مع ضمان الامن الصحي.
فاستمرار حالة الطوارئ بقيودها الحالية والتنصل الحكومي من عدد من الالتزامات الاجتماعية والإنسانية التي ظلت مجرد شعارات كبرى وتصريحات الجلسات الشهرية لرئيس الحكومة تحت قبة البرلمان، دون ان تلقى ترجمتها الفعلية على ارض الواقع. وهو ما قد يؤدي الى اضطرابات اجتماعية تتحمل فيها الحكومة المسؤولية الكاملة ، لعدم ربطها لتدابير الوقاية والسلامة الصحية بتدابير السياسة العامة على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي للتقليل من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لهذه الجائحة وتسريع وتيرة الانتعاش الاقتصادي لتفادي الهزات الاجتماعية المحتملة برزت اول شذراتها من خلال حراك مدينة الفنيدق الهادئة ، التي خنقتها الحكومة بإجراءات متسرعة وبضربات موجعة و مؤلمة والمتمثلة في توقيف التهريب المعيشي دون إيجاد بدائل للآلاف الأسر التي حرمت من مصدر رزقها الوحيد في مدينة تعاني من كافة اشكال التهميش والنسيان فضلا عن انعكاسات هده الاجراءات المرتجلة على المثلث الشمالي الفنيدق والمضيق وتطوان سواء على مستوى التجارة الداخلية وفي غياب البرامج الاستثمارية والمشاريع الاجتماعية والاقتصادية التنموية
ان التمديد المتكرر لحالة الطوارئ الصحية والإغلاق في الساعة الثامنة مساء؟ وإغلاق الأعمال التجارية وفرض قيود السفر التي تعطل النشاط الاقتصادي الاعتيادي والحركة التجارية والحياة اليومية العامة في جميع المدن له آثار اجتماعية واقتصادية خطيرة مصحوبة باضطرابات اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق تعاني منها ملايين الأسر المغربية الفقيرة والمتوسطة وتخلف عواقب وخيمة على وضعهم المتهالك أصلا. فقد باتت الفئات الضعيفة في المجتمع عرضة للتأثر بشكل كبير من تداعيات الجائحة بالمقارنة مع الفئات الميسورة، وتشير الأدلة المبكرة بالفعل إلى أن الفقراء والفئات المحرومة هم الذين يتكبدون بشكل أكبر عبء الآثار الاجتماعية والصحية والاقتصادية لهده القرارات الناجمة عن مرسوم حالة الطوارئ فملايين الأسر المغربية تعيش ماسي إنسانية واجتماعية لم يسبق لها مثيل و أصبحت محدودية إمكانية الحصول على لقمة العيش واقعاً يومياً صعبا ومحزناً لملايين من الذين يعيشون على الاقتصاد غير المهيكل والعمالة غير الرسمية والموسمية كما ان ملايين من العاملين لحسابهم الخاص، هم أكثر عرضة إلى خطر فقدان العمل أو الدخل حيث تضررت مشاريع المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة و عجزت عن سداد ديونها وكراء مقراتها وأداء أجور عمالها ، وتواجه اليوم تحديات كبيرة في السيولة لتظل غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية. بالنظر إلى مواردها وقدراتها المحدودة، ونطرا للتحديات القائمة على مستوى التمويل والشروط المجحفة للأبناك وارتفاع سعر الفائدة تعرضت العديد منها الى خطر الإفلاس والاغلاق أو تخفيض ساعات العمل والاستغناء عن نصف العمال الى درجة ان ما يقارب مليون عامل وعاملة فقدوا وظائفهم او دخلهم خاصة أولئك الغير المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وقد تسببت هده الوضعية في ارتفاع نسبة البطالة والفقر المدقع والهشاشة
ان الحكومة بنهجها لهده السياسة الارتجالية الترقيعية تدفع بالوضع الاجتماعي والاقتصادي إلى حافة الانهيار في ظل الهشاشة الاجتماعية واحتدام التفاوتات الطبقية واستفحال الإقصاء الاجتماعي وقد يؤدي الى اهتزازات اجتماعية بسبب تنصل الحكومة من التزاماتها في تقديم البديل الاجتماعي امام انكماش اقتصادي وتراجع مستوى الدخل ووضع المزيد من الناس في حالة البؤس والياس والاضطراب النفسي وانعدام الأمن الغذائي
ان مواقف المجتمع المغربي طيلة هده الفترة الاستثنائية اتسمت بالوعي والتحلي بالصبر والحس الوطني والسلوك الحضاري والقدرة على الصمود في مواجهة قيود حالة الطوارئ ضد كورونا فيروس رغم المعاناة اليومية وقساوة العيش لذلك يتعين على الحكومة مساهمة بشكل كبير في التخفيف من الآثار التي تخلفها على الفئات الضعيفة وعلى عدد من المدن الصغيرة والقرى التي تعاني أصلا من كافة أنواع التهميش الاقتصادي والاجتماعي و منها الفنيدق التي خرج ابنائها لدق ناقوس الخطر مطلبين بتحسين وضعهم الاجتماعي وفتح حوار مع المختلف الفاعلين لإعادة تنشيط الحركة التجارية بالمدينة وخلق منطقة صناعية ومناصب الشغل للشباب …
ان الوضعية الحالية تقتضي التخفيف من قيود حالة الطوارئ وتوعية المواطنين بأهمية التباعد الاجتماعي واستعمال الكمامات والنظافة فضلا عن الاستفادة من التلقيح كوسيلة للتحصين والوقاية من فيروس كورونا ، وضرورة التخفيف على المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة المتضررة بتأجيل سداد الديون ومراجعة الفوائد وتخفيف العبىئ الضريبي بمراجعة الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل والسماح بعدم اداء اقساط السلفات لفترات معينة و تبسيط إجراءات الحصول على القروض وتسريعها وتخفيض نسبة الفائدة ، بالنسبة للقطاعات المتضررة اكثر من غيرها كالمقاهي والمطاعم ومنظمي الحفلات والنوادي والفنادق ومليوني نادل والصناعة التقليدية والحمامات …. وتوفير الإعانات الاجتماعية التضامنية للفقراء والمحتاجين والفئات المستضعفة في المجتمع، وإعانات الأجور لكل العمال والعاملات المتوقفين عن العمل والتعويض عن فقدان الشغل دون شروط مسبقة
دون اغفال الملفات المطلبية والاجتماعية للطبقة العاملة موظفين بالقطاعات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية واجراء القطاع الخاص بدءا بالمعالجة الجدية والسريعة للملفات ذات الأولية والمعلقة: كضحايا النظامين في قطاع التعليم ودوي سنتين في قطاع الصحة وتشغيل الدكاترة المعطلين في اسلاك الوظيفة العمومية والجامعات المغربية … وفتح حوار مع النقابات الممثلة في البرلمان بخصوص الاستحقاقات المقبلة لانتخابات المأجورين لتحقيق الشفافية والديمقراطية ومحاربة كل اشكال التزوير
تعبر عن تضامنها المطلق مع المنظمة الديمقراطية للابناك وتشجب كل اساليب وممارسات انتهاك الحقوق والحريات النقابية والتعددية المنصوص عليها في دستور المملكة. عن المكتب التنفيذي
ذ. علي لطفي
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.