جاء تعيين المفتش العام للقوات المسلحة الملكية بعد إعفاء الجنرال بوشعيب عروب بعد التطوارات المتسارعة ذات الأبعاد الإقليمية ولعل من أبرزها ملف قضية الصحراء. أحداث سياسية إقليمية ودولية عجلت بإقالة الجنرال عروب؟
لقد تابع الرأي العام المغربي في الفترة الأخيرة أو على الأقل خلال الخمسة أشهر الماضية التوتر الذي طبع العلاقات الخارجية للمغرب مع دول الجوار، والذي دفع بالوضع الدبلوماسي وواجهة المملكة إلى منعطف ضيق، والذي ارتبط أساسا بملف قضية الصحراء كمحرك لتفاصيل هذه الأزمة. ولأن جهاز الجيش يعتبر المؤسسة الحساسة والأولى أمنيا بالمملكة فقد عرفت المنطقة الحدودية “الكركرات” وقائع وأحداث, انعكست سلبا على الوضع السياسي بالمنطقة بعد وصول وحدات عسكرية تابعة للجيش الصحراوي لنقطة التوتر التي تعتبر البوابة الأفريقية الرئيسية الاقتصادية والتجارية لدول الساحل والصحراء إفريقيا مع أوروبا. إذ عرفت فترة وصول جبهة البوليساريو إلى المنطقة تفاعل إقليمي غير مسبوق أمام عجز المغرب عن إتمام تعبيد الطريق الرابط بين المنطقة الحدودية مع فرض قوات جيش البوليساريو تواجده بعين المكان إلى حدود كتابة هذه الأسطر وهذا ما لم ينجح الجيش المغربي في تغييره. موضوع الكويرة يعود إلى الواجهة لكن هذه المرة محمل بعبئ ثقيل على أطراف النزاع حول قضية الصحراء؟ في ظل هذه الأحداث المتسارعة والتصعيد الذي نهجته القيادة الجديدة لجبهة البوليساريو، وصلت وحدات عسكرية إلى منطقة “الكويرة” المنطقة الثلاثية الانتماء في اعتقاد أطراف النزاع (موريتانيا، المغرب والبوليساريو)، حيث لم تمض سوى بضعة أيام حتى تفاعل الرأي العام مع صور حية تبين وصول إبراهيم غالي الأمين العام لجبهة البوليساريو معزز بوحدات عسكرية إلى سواحل “الكويرة” وكانت هذه رسالة إلى ساسة وصناع القرار بالمغرب، وفي نفس الوقت تفنيدا لخبر تكذيب الإعلام المغربي للخبر أول مرة. تصريحات شباط والأزمة المغربية الموريتانية: في خضم هذا الوضع المتأزم والذي كان لسان حال شعب هذا الوطن وساسته يرددون حينها: “تأبى المصائب إلا أن تأتي تباعا”، خرج شباط الأمين العام لحزب الاستقلال بتصريحات غير مسؤولة عن الجارة الشقيقة موريتانيا أكد فيها أن بلاد شنقيط أراضي مغربية ولا تملك سيادة عليها، حيث لم تمض إلا ساعات حتى تفاعلت موريتانيا مع هذا التصريح من خلال بيان شديد اللجهة للحزب الحاكم بموريتانيا “حزب الاتحاد من أجل الجمهورية”، ليتدخل الملك مباشرة بعد مكالمة هاتفية مع رئيس الجمهورية الموريتانية لتهدئة الأوضاع.
عودة المغرب إلى حضنه الإفريقي وسط وضع سياسي وإقليمي شائك؟
كان لخروج المغرب من منظمة الوحدة الافريقية مطلع الثمانينات خسارة كبيرة، خاصة مع دول الجوار ولدول القارة الأم، بعد رفضه الجلوس إلى طاولة واحدة مع جبهة البوليساريو هذه الأخيرة التي تعتبر الصحراء منطقة محتلة وتطالب بتقرير المصير، بينما يعتبرها المغرب أراضي مغربية وجزء لا يتجزء من وحدته الترابية. فغياب المغرب على مدى ثلاث عقود عن منظمة الوحدة الافريقية دفع به اليوم إلى العودة مجبرا وموافقا على جميع الشروط الخاصة بالقانون التأسيسي لهذا التكتل، لا سيما بعد أن تغير الإطار وأصبح يطلق عليه الاتحاد الافريقي، على اعتبار جبهة البوليساريو أحد أعضائه المؤسيسين.
اليوم الاشتراكيون على رأس المؤسسة التشريعية التي ستصوت على قرار عودة المغرب لتكتل القارة السمراء؟
لم يكن تعيين لحبيب المالكي بداية هذا الأسبوع رئيسا لمجلس النواب محض صدفة أو بضغط من تحالف المعارضة كما يعتقد الكثير من المتتبعين للشأن السياسي بالمغرب، لاسيما إذا ما اعتبرنا أن الاشتراكي المالكي جاء حزبه في الاستحقاقات الماضية في الرتبة ما قبل الأخيرة، وفي مقابل ذلك كان خيار الإسلاميين لرئاسة المؤسسة التشريعية غير مستبعد وهو من تصدر الانتخابات وانتصرت له صناديق الاقتراع للسابع من أكتوبر. لقد شكلت السياسة الخارجية للاشتراكين بالعالم نقطة تحول حاول المغرب نهجها في العمل الدبلوماسي والعلاقات الدولية، واستحضارها اليوم من أجل دعم وتعزيز قضيته الوطنية فكانت تجربة اليسارية نبيلة منيب في قيادتها لوفد سياسي إلى السويد محط إهتمام الكثيرين من ساسة هذا الوطن. وهو ما قد يسهل المأمورية نوعا ما على المؤسسة التشريعية مستقبلا في دعم السياسية الخارجية للمملكة، بالمقابل هذا ما قد يصعب المهمة على مرشح العدالة والتنمية ذو الانتماء الإسلامي.
بقلم : تقي الله أباحازم
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.