تسود حالة من التذمر والإستياء ساكنة دوار “أورتان ن دوسلوكدم” جماعة أملن؛ جراء معاناتهم اليومية من ويلات الإقصاء والتهميش الذي طال دوارهم ؛ففي إتصالات هاتفية من السكان فالقرية لم تستفيد قط من المشاريع التنموية؛ وإعادة الهيكلة التي تشهدها جماعة أملن باعتبارهم يخضعون لنفوذ هذه الجماعة ؛وتابعين لها إداريا٠
وللإقتراب أكثر من الساكنة قررنا الإنتقال إلى جوارهم ومشاركتهم واقعهم اليومي؛ ونقل معاناتهم إلى المسؤولين بالمنطقة٠
الداخل لدوار أورتان ن دوسلوكدم مفقود والخارج مولود
إن من تطأ قدامه هذه القرية الصغيرة والمتواجدة وسط تضاريس جبلية واعرة؛ سيكتشف مغرب آخر عنوانه الفقر والتهميش الذي يرخي بظلاله على حياة سكان دوار «أورتان ن دوسلوكدم»، فمع غياب أبسط ضروريات الحياة يجد المواطن نفسه وسط دوامة أنهكت قواه واستهلكت أعصابه، لا سيما وأن الوضعية المزرية التي يتكبّدونها لا يستطيع أي عقل تحمّلها أو التعايش معها، خاصة وأنّهم يعانون من الوضع القائم منذ سنوات عديدة، فالحياة البدائية اعتاد عليها سكان «أورتان ن دوسلوكدم»، حيث لا يزال التخلّف يسيطر على يومياتهم و يتجرعون مرارة البؤس والحرمان وسط ظروف قاسية تفرض عزلة خانقة عليهم؛ حيث حرموا من أبسط حقوقهم، رغم مناشدتهم للمسؤولين بضرورة رفع التهميش عنهم؛ من خلال برمجة مشاريع تنموية، تنقد المواطن القاطن بهذه القرية، الذي لا يزال ينتظر ساعة الفرج، رغم التهميش وسياسة اللامبالاة التي رمت بكل تداعياتها على نفسيته ومعيشته ؛والتي أثرت سلبا على مستقبل شباب القرية وكسرت من طموح متمدرسيها ليجد المواطن الساكن بهذا الفج العميق نفسه وسط دائرة التخلف والإهمال.
الماء الصالح للشرب.. الحلم المنتظر
علاوة على المشاكل التي يعيشها سكان القرية، فهم يعانون من نقائص تنموية عديدة جعلتهم يعيشون ظروفا جد صعبة، حيث أكدوا في تصريحاتهم لنا عن حرمانهم من مختلف الحاجيات والمرافق الحيوية وفي مقدمتها انعدام الماء الصالح للشرب، الذي يعتبر الشغل الشاغل للسكان منذ سنوات، في ظل معاناتهم مع هذه الضرورة الحياتية التي أرهقت كاهلهم .
وفي هذا الصدد، أكد سكان القرية أنهم راسلوا الجهات المعنية في الكثير من المرات لتزويدهم بشبكة الماء الصالح للشرب في إطار برنامج تنمية العالم القروي، وإنقادهم من العطش في أقرب الآجال، خاصة وأن المنطقة معروفة بحرارتها المفرطة في فصل الصيف، و تضطر العائلات إلى السفر في رحلة الشتاء والصيف بحثا عن قطرة ماء، إذ أصبحوا يتحصّلون عليها بطريقة بدائية بجلبها من الآبار الجماعية المتواجدة بدواوير آخرى مجاورة ل«أورتان ن دوسلوكدم»، باستعمال الحمير، وتشتد معاناة رحلة البحث عنها مع جفاف هاته الآبار؛ حيث تلجأ العائلات في بعض الأحيان إلى إقتناء الماء بأسعار مرتفعة ،وهو ما زاد من حدة معاناتهم خاصة أصحاب الدخل الضعيف منهم، وفي هذا السياق يناشد قاطنو القرية الفلاحية المعزولة تنمويا، الجهات المعنية للتدخل قصد توفير هذه المادة الحيوية؛ التي لا يمكن الإستغناء عنها لا في فصل الصيف؛ ولا في فصل الشتاء٠
وعلاقة بالموضوع يقول “محمد” القاطن بهذه القرية لعقود خلت “إننا محرومين حتى من قطرة الماء التي نحن بصدد البحث عليها، لذا نطالب السلطات المعنية إيجاد حل لنا للحدّ من هذه المعاناة التي أصبحت سلسلة حياتنا”، وأعرب ذات المتحدث عن قلقه واستيائه من تجاهل السلطات المحلية لمطالبهم المرفوعة، والتي لقيت وعودا بالتكفل بهذا الإنشغال، إلا أن ذلك كان مجرد وعود وهمية تنتظرالتجسيد الفعلي على أرض الواقع، حسب محمد.
طريق لم ترى النور بعد
فمند مشروع التغطية الكهربائية لسنة 1996 الذي كان آخر مشروع استفاد منه الدوار، والطريق (البيست) التي انجزتها الشركة المتخصصة في تهيئة الطرقات آنذاك لتعبيد وصول شاحناتها لاستخلاص المياه والصخور من الوادي المجاور للدوار،فبعد هذين المشروعين اللذين مر عليهما اكثر من عقدين؛ أصبح الدوار في عزلة تامة ولم يستفيد قط من اي مشروع من مشاريع التهيئة التنموية لجماعة أملن؛ على غرار الدواوير الأخرى، لا من تمديد الدوار بالمسلك الطرقي الذي وصل ل”تيوضيض”؛ وتوقف لأسباب قال عنها السكان أنها تدخل ضمن الحسابات السياسية التي يدفعون ضريبتها غاليا؛ وحرمتهم من الربط بالمراكز الادارية؛ و الاجتماعية؛ و الصحية لجماعة أملن؛ الشيء الذي سينعكس ايجابا على رفع معدل تمدرس ابناء المنطقة ؛مع تقليص المسافة بين دوار«أورتان ن دوسلوكدم»و بين عدد كبير من الدواويرلو بلغهم هذا المسلك الطرقي ٠
هذا ومع كل قطرة غيث يجود بها الخالق تتحول القرية إلى بؤرة منكوبة جراء العزلة التامة التي تتسبب فيها الأمطار المتساقطة وما ينتج عنها من انقطاع المسلك الطرقي الوحيد الذي يربط الدوار بالعالم الخارجي؛ والذي تجرفه مياه الأمطار؛ مما يستنزف ميزانية كبيرة من اجل ترقيعه وفك العزلة الشيء الذي يؤجج غضب واستياء ساكنة المنطقة والتي عبرت لنا عن امتعاضها الشديد من تجاهل الجماعة والسلطات المحلية لهذه الطريق، رغم مناشدتهم من أجل التدخل العاجل لإصلاحها وتعبيدها٠
وأمام تأخر الجماعة في التدخل لإصلاح الطريق، تبادر الساكنة كل مرة إلى تدارك الوضعية وذلك بتسخير إمكانياتها المتواضعة بل شبه المنعدمة في فك العزلة عن قريتهم المنكوبة عبر تهيئة الطريق التي تربط
دوار«أورتان» بأملن المركز؛التي تعتبر الشريان الوحيد الذي يفتح المنطقة ككل على محيطها .
هي إذن مشاكل وأخرى حبكت قصة دوار إسمه «أورتان ن دوسلوكدم»؛ ينتظر من القدر أن يجود عليه بمن يرسم البسمة على وجهه؛ ومن المسؤولين بنفض غبار التهميش والنسيان عن جسده الذي بدأت رائحة الموت تنبعث من بيوته الطينية المشكلة له.
وفي الأخير تجدر الإشارة إلى أنه قمنا بربط الإتصال بالجهات المعنية لتضمين رأيها في هذا الروبرطاج إلا أن الهاتف ظل يرن دون جواب وتماشيا مع نهجنا للرأي والرأي الآخر فحق الرد مكفول لها
بقلم: أحمد الهلالي
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.