لمهنة التوثيق العدلي تاريخ عريق، ممتد الجذور عبر القرون، منذ دخول الإسلام إلى المغرب، فبها حُفظت الحقوق والمعاملات، وأعراضُ الناس وأنسابهم، امتهنها كثير من أكابر العلماء والفقهاء والقضاة والمفتين وغيرهم، وارتبطت منذ بدايتها بولائها للمؤسسة الملكية، فقد حَظيت بشرف توثيق بيعة الملوك والسلاطين الذين تربعوا على عرش المملكة المغربية.
واليوم، تُشكل مهنة التوثيق العدلي دعامة أساسية للمنظومة القضائية، فإذا بات الأمن القضائي ضرورة ملحة لضمان الاستقرار الاجتماعي وتحقيق التنمية الشاملة، فإن للعدل أيضا مكانة مهمة في تكريس الأمن التعاقدي، وبالتالي في المساهمة في مسيرة التنمية.
وإنه لشرف كبير أن تحظى المرأة المغربية بحظوة الولوج إلى هذه المهنة، والشرفُ الأكبر أن يكون ذلك على يد جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي اتخذ على عاتقه مَهمة النهوض بالمرأة المغربية، وإشراكها في التنمية الشاملة للنهوض بالوطن في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ودعمها بترسيخ مبدا المناصفة والمساواة في جميع المجالات الحيوية التي تحتاج فعلا إلى الاستفادة من خبرات النساء وإشراكهن في ذلك.
ومن هنا، وبعد ولوج المرأة المغربية لهذه المهنة الشريفة، جاءت فكرة تأسيس جمعية تجمع نساء التوثيق العدلي، وبالمناسبة، فهذه الفكرة ليست فكرة وليدة الساعة، وليست فكرة واحدة منا فقط، وإنما هي فكرة جماعية راودتنا منذ ولوجنا لهذه المهنة، وبقيت مطمحا نسعى لتحقيقه، مع وجود جهود متفرقة لم تستطع فعلا أن تخدم مصلحة المرأة العدل، فبقي الحال على ما هو عليه.
بعد سنوات من الانتظار على أن نكون على كلمة واحدة، لنقدم الدعم لبعضنا البعض، ونفتح جسور التواصل، ونكون فاعلات في هذا المجال الحيوي، مثل باقي المهن التي سبقتنا المرأة المغربية إليها، كالقضاء والمحاماة وغيرها، فكانت في المستوى المنشود، وأسهمت في مسيرة التنمية التي تسعى إليها المملكة بكل طاقاتها.
بهذه المناسبة، جاء الاعلان عن تأسيس “الجمعية المغربية لصوت المرأة العدل”، وهي جمعية نسائية وطنية غير حكومية، تهدف إلى خدمة الصالح العام للمرأة العدل، ليست لها أهداف سياسية ولا نقابية ولا عقائدية، هدفها توثيق الأواصر بين “المرأة العدل” على المستوى الوطني، وتعزيز مشاركة المرأة العدل المواطِنة في مجال التنمية، والارتقاء بالمرأة العدل، وإسماع صوت المرأة العدل في النقاشات العمومية التي تهم المهنة، والتعاون مع الجمعيات والهيئات الوطنية والمغاربية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما تسعى إلى الجمع بين نساء التوثيق العدلي، ودعمهن بخلق دورات تكوينية وندوات علمية منفتحة على جميع التخصصات التي تخدم المهنة.
وبتاريخ الخامس من فبراير لعام 2024، (05/02/2024)، تم عقد الجمع العام التأسيسي للجمعية، وتم اختيار الرباط كمقر لها، وبعد ذلك تم استكمال الاجراءات الإدارية والقانونية للحصول على ترخيص من السلطات لإنشاء الجمعية بشكل قانوني.
ونظرا للوقت الذي استغرقته هذه الاجراءات، لم يتم الاعلان بشكل رسمي عن إنشاء الجمعية حتى الوقت الحالي، تزامنا مع الضرورة الملحة لفرض صوت المرأة العدل لتاكيد حقها في المساواة والمناصفة المنصوص عليها دستوريا، وإنصافها على المستوى التشريعي.
وتتكون “الجمعية المغربية لصوت المرأة العدل” من الدكتورة نادية الشرقاوي رئيسة، والدكتورة زينب عبد الوافي نائبة لها، والأستاذة رشيدة وزين كاتبة عامة، والأستاذة سكينة بن الغازي أمينة المال، والأستاذة صفية المكي نائبة لها، والدكتورة عتيقة الفارس مستشارة،
والأستاذة عائشة بلحسين مستشارة.
وتهدف “الجمعية المغربية لصوت المرأة العدل” إلى دعم المرأة العدل على المستوى الوطني، وذلك بـ:
توثيق الأواصر بين “المرأة العدل” على المستوى الوطني، وتمكين المرأة العدل من مواكبة المستجدات المتعلقة بالتوثيق العدلي، الى جانب
تعزيز مشاركة المرأة العدل المواطنة في مجال التنمية، وبناء ودعم القدرات والارتقاء بالمرأة العدل، وايضا، التعاون مع الجمعيات والهيئات الوطنية والمغاربية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتستعمل “الجمعية المغربية لصوت المرأة العدل” لتحقيق أهدافها كل الوسائل القانونية، ومنها:
تنظيم ندوات علمية وملتقيات فكرية ودورات تكوينية ومحاضرات وموائد مستديرة وفق أهداف الجمعية على الصعيد الوطني أو الدولي، وربط علاقات التعاون وتبادل الخبرات مع مختلف المؤسسات التي تسعى لنفس الأهداف داخل الوطن وخارجه، والاستعانة بالخبراء وذوي الكفاءات العلمية من المغرب وخارجه في جميع التخصصات التي تخدم مهنة التوثيق العدلي، وإصدار نشرات ومجلات وإنشاء خزانة مرجعية حسب ما تراه الجمعية مناسبا لتحقيق أهدافها، والإسهام في تفعيل الوساطة الأسرية، وتقديم الاستشارات والخبرات متى طلب منها ذلك. ومن خلال عقد اتفاقيات وشراكات مع المؤسسات والمراكز والمختبرات والهيئات العلمية ذات الاهتمام المشترك داخل الوطن وخارجه، والانفتاح على وسائل الاتصال والإعلام، وإحداث موقع إلكتروني للجمعية.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

