في عمق جماعة كماسة بإقليم شيشاوة، تقف مدرسة دار المختار شاهدةً على واقعٍ مؤلم، واقعٍ تُختزل فيه معاناة التعليم بالعالم القروي في صورة بناية آيلة للسقوط، مهدّدة للتلاميذ قبل الحجر، في زمنٍ كان يُنتظر فيه أن يترجم شعار “إصلاح التعليم” إلى أفعال لا شعارات.
كل يومٍ يمر دون إصلاحٍ لهذه المؤسسة التعليمية هو فرصة تعلم تضيع، وحلمٌ إضافي يُجهض من أحلام أبناء العالم القروي الذين يدفعون ثمن الإهمال بشكل مباشر. عشرات التلاميذ، كانوا بالأمس يحملون محافظهم ببراءة، وجدوا أنفسهم اليوم خارج فصولهم الدراسية، بعد أن اضطروا إلى الانقطاع، ليس لضعفٍ منهم، بل لتهاون الجهات الوصية وتراخي المسؤولين في التعاطي مع وضع يهدد سلامتهم ومستقبلهم معاً.
لم تعد مدرسة دار المختار بجماعة كماسة إقليم شيشاوة مجرد بناية محتاجة للترميم، بل أصبحت رمزاً لبصمة التهميش الذي يطارد المدارس القروية، وكأن العالم القروي وُضع خارج خريطة الاهتمام. فالوضع “المهترئ” لهذه المؤسسة ليس حالة معزولة، بل حلقة ضمن سلسلة من مؤسسات تُكتب عليها ملامح الإقصاء والنسيان بمداد من الغبار والتصدعات.
التلاميذ هنا لا ينتظرون الكثير، فقط نافذة آمنة على المستقبل، ويداً مسؤولة تمتلك شيئاً من الغيرة على التعليم، قطاع رفعه مناضلون كشباب جيل “زيد” ضمن أولويات مطالبه الوطنية. واليوم، ومع استمرار الانقطاع وغياب أي تدخل عاجل، تتعالى الأصوات من قلب كماسة مطالبة بتحرك حقيقي لا بيانات متأخرة ولا لجانٍ صُورية.
فهل تتحرك الجهات المسؤولة قبل أن يسقط المزيد ليس فقط من الجدران، بل من أحلام الأطفال؟
وهل تُعيد وزارة التربية الوطنية الاعتبار لهذه المدرسة، حتى تعود إلى أداء دورها الحيوي كحق أصيل لأبناء المنطقة؟
مدرسة دار المختار تنتظر، وأطفالها ينتظرون أكثر.
لعل صرخة اليوم توقظ ما تبقى من حسٍّ مسؤول.

اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

