مراسلة
عرفت الدورة الثانية والثلاثون من مهرجان الزيتون بجرسيف انطلاقة مميزة هذه السنة، سواء على مستوى البرمجة أو على مستوى التنظيم، حيث جاءت بنَفَسٍ جديد يزاوج بين الحفاظ على التراث وتثمين الكفاءات المحلية، مع محاولة تجاوز عدد من الاختلالات التي رافقت نسخاً سابقة.
الدورة الحالية قدّمت نموذجاً مختلفاً في التعاطي مع الإمكانيات المتوفرة، ونجحت في تحقيق حضور جماهيري واسع وتنوع غني في الأنشطة مقارنة بالسنوات الماضية.
تميزت هذه النسخة ببرمجة أنشطة متنوعة شملت عروض التبوريدة، وفعاليات رياضية وثقافية وفنية، إضافة إلى معارض المنتوجات المجالية وندوات علمية مرتبطة بقطاع الزيتون ، لكن ما ميز هذه الدورة فعلاً هو الرهان على الكفاءات المحلية من أبناء وبنات الإقليم، سواء في مجالات التنشيط، التأطير، العروض الفنية، أو في تنظيم المبادرات الرياضية والثقافية.
كما اعتمدت اللجنة المنظمة بشكل لافت على شركات محلية في خدمات التموين واللوجستيك، وهو خيار أضفى على المهرجان طابعاً بسيطاً وجميلاً، ومنح هذه النسخة خصوصية محلية واضحة بعيداً عن البهرجة غير الضرورية.
هذا التوجه ساهم أيضاً في خفض التكلفة المالية بشكل ملحوظ مقارنة بدورات سابقة كانت تُنتقد بسبب المصاريف المرتفعة وغياب الأثر الحقيقي على الساكنة والفاعلين المحليين.
النقطة الحاسمة التي صنعت الفارق هذا العام، حسب عدد من المتتبعين، هي الاختيارات الإدارية التي تمت على مستوى تدبير المهرجان.
فقد جاء اختيار مدير الدورة ميلود لقرافلي ليؤكد أن الاعتماد على رجل الميدان يمكن أن يكون نقطة تحول إيجابي ، لقرافلي، المعروف بحركيته وتجربته العملية داخل الإقليم، تمكن من تجاوز عدد من النواقص التي طبعت دورات سابقة .
كما أن الحضور الشخصي لعامل الإقليم عبد السلام الحتاش في متابعة تفاصيل الإعداد والوقوف على كل صغيرة وكبيرة شكّل دعماً قوياً لنجاح المهرجان، وساهم في غلق الباب أمام المتطفلين على الشأن التنظيمي، ممّا أتاح للطاقم المحلي العمل في ظروف أكثر شفافية وانضباطاً.
ورغم أن هذه الدورة ليست خالية من بعض النقائص التي يمكن تجاوزها مستقبلاً، إلا أن التوجه الجديد المبني على: تشجيع الكفاءات المحلية ، تقليص الكلفة المالية ، تحسين جودة التنظيم ، إبعاد منطق المصالح الضيقة ، يجعل من الدورة 32 نقطة مضيئة في مسار المهرجان.
وفي المحصلة، فإن نجاح هذه النسخة يُعَدّ نتاجاً لرؤية عامل الإقليم واختيار مدير دورة يجسد روح الفعالية والميدان، وهي عوامل أعادت الثقة في قدرة الإقليم على تنظيم تظاهرات تليق باسمه وبساكنته.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

