في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتتشابك فيه الألوان الموسيقية، يظل اسم عبد العزيز سمساوي، علامة فارقة في الساحة الفنية المغربية والعربية.
انه ابن تطوان، العاشق لآلة القانون، واستطاع أن يحول أوتارها إلى جسر يربط بين ماضي الأندلس العريق، وحاضر العالم المنفتح.
من قاعات المهرجانات الدولية إلى المنصات الكبرى بإسبانيا والعالم العربي، حمل سمساوي أنغام مدينته إلى آفاق أرحب، جامعا بين الأصالة والتجديد، وبين الحلم المحلي والطموح العالمي.
في مدينة تطوان، المعروفة بكونها قبلة الموسيقى الأندلسية في المغرب، ولد وترعرع العازف عبد العزيز سمساوي، منذ خطواته الأولى داخل المعهد الموسيقي العريق بالمدينة، رسم ملامح مسيرة فنية استثنائية. وهناك، تشرب أصول النوبات الأندلسية، وأتقن آلة القانون، التي سرعان ما أصبحت صوته الخاص في التعبير عن أحاسيسه وأفكاره.
لم يكتف سمساوي بترديد الألحان التقليدية، بل أبان عن جرأة في تطوير أسلوب عزفه على القانون، جامعا بين الوفاء للأصول والانفتاح على الحداثة. بأسلوبه المتميز، كما أضفى على النوبات الأندلسية طابعا فنيا متجددا، دون أن يفقدها هويتها الأصيلة.
بعيدا عن العزف، تولى سمساوي مهمة مدير مهرجان غرناطة للموسيقى العريقة بإسبانيا، حيث لعب دورا محوريا في الترويج للموسيقى الأندلسية على الساحة الدولية. وساهمت هذه التجربة في ترسيخ مكانته كفاعل ثقافي يسعى لخلق فضاءات جديدة للحوار الفني بين ضفتي المتوسط.
لم تقتصر تجارب سمساوي الفنية، على الساحة المغربية أو الإسبانية، بل امتدت إلى العالم العربي، فقد رافق السوبرانو المغربية سميرة القادري، في جولات فنية بالمدن الإسبانية، كما شارك في مهرجانات مرموقة، مثل مهرجان “بالاو تقدم موسيقى العالم الدينية” بفالنسيا. ثم في حفل جوي أوورد 2025 مع فرقة “الفلامينكو أفا مانزانوا”، إلى جانب النجم المصري تامر حسني والفنانة نيلي كريم. كما
شارك في احتفالية الذكرى 26 لتأسيس القنصلية العامةللمملكة المغربية بمدينة إشبيليا، الى جانب مشاركته في أمسية فنية بمدينة المرية مع فرقة “إنصومبل”، ومهرجان الأندلس الدولي للموسيقى، ومهرجان “إيرلي ميوزك موريلا”، الخاص بموسيقى العصور الوسطى والنهضة.
والى جانب هذا شارك العازف عبد العزيز سمساوي، في إحياء حفل رسمي بمناسبة عيد العرش ضمن فعاليات فنية كبرى.
ومن أبرز المحطات التي زادت من إشعاع مساره الفني، مشاركته في الأمسية الكبرى “Alcantara Sinfónica” بمدينة مالقا الإسبانية، وهناك، عزف على القانون ضمن الأوركسترا السمفونية للشباب بمالقا، في عمل موسيقي جمع بين التراث المغربي، والأنغام الغربية، وجسدت هذه التجربة حوارا حضاريا وموسيقيا راقيا بين ضفتي المتوسط.
واليوم، يعتبر عبد العزيز سمساوي واحدا من أبرز العازفين، الذين جعلوا من آلة القانون جسرا يربط بين الماضي والحاضر، من خلال مسيرته الفنية الغنية، سواء كعازف أو كمدير مهرجانات، تعكس إصراره على إبقاء الموسيقى الأندلسية حية ومؤثرة، وفي الوقت نفسه منفتحة على العالم.
بأوتار قانونه، يحمل سمساوي أنفاس تطوان الأندلسية، إلى فضاءات أرحب، مثبتا أن هذا التراث، ليس مجرد موروث محلي، بل لغة كونية قادرة على الجمع الرصين المتماسك بين الشعوب عبر الزمن والحدود.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.