*امحمد بن عبد السلام*
شهدت مدينة صلالة بسلطنة عمان انعقاد الاجتماع السنوي الخامس لجمعية النواب العموم العرب، بحضور وفود رفيعة المستوى تمثل مختلف الدول العربية، من بينها وفد رئاسة النيابة العامة المغربية الذي ضم السيد إبراهيم عنترة، وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتنغير. ويأتي هذا اللقاء في سياق إقليمي متسارع، يفرض على الأجهزة القضائية العربية تطوير آلياتها لمواجهة الجرائم المستحدثة ذات الطابع العابر للحدود.
وقد تميزت أشغال الاجتماع بتنظيم ندوة علمية محورية خصصت لموضوع: “التحقيق الجنائي في الجرائم المرتبطة بالعملات الرقمية وتحريز أدلتها”. ويُعد هذا الطرح من الإشكاليات القانونية الراهنة التي تطرح تحديات حقيقية أمام أجهزة العدالة الجنائية، بالنظر إلى الطبيعة التقنية المعقدة لهذه المعاملات وصعوبة تتبعها وضبطها في ظل غياب إطار قانوني موحد على المستوى العربي.
المشاركة المغربية في هذا النقاش العلمي جاءت لتؤكد التزام المملكة بمواكبة التحولات التكنولوجية، وتثمين رصيدها من التجارب في مجال مكافحة الجريمة الرقمية، سواء عبر تطوير الكفاءات القضائية والشرطية أو من خلال تعزيز البنية التشريعية الوطنية. كما أبرز حضور وكيل الملك بتنغير انفتاح المغرب على محيطه العربي، واستعداده لتقاسم الخبرات والممارسات الفضلى في هذا المجال.
وقد أجمع المشاركون على ضرورة إرساء تعاون قضائي عربي متكامل، قادر على مواجهة المخاطر المتزايدة المرتبطة بالجرائم السيبرانية والعملات الرقمية، وذلك من خلال وضع آليات للتنسيق وتبادل المعلومات، وتطوير قدرات المحققين والخبراء الفنيين، بما يسهم في بناء جبهة قانونية عربية موحدة أمام هذه التحديات المستجدة.
ويؤشر هذا الاجتماع على مرحلة جديدة في مسار التعاون العربي في مجال العدالة، حيث لم تعد اللقاءات مقتصرة على تبادل البيانات الشكلية، بل أصبحت فضاءات لتطوير رؤى استراتيجية مشتركة. ومن شأن انخراط المغرب الفاعل في هذا الإطار أن يعزز مكانته كفاعل أساسي في ترسيخ الأمن القضائي العربي، وكمساهم رئيسي في صياغة مقاربة جماعية لمكافحة الجرائم الرقمية العابرة للحدود.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
