محمد اكن يكتب:
مع اقتراب الذكرى الأولى لرحيل حسن نصرالله، يبرز الرجل الذي شكّل اسمه علامة فارقة في المشهد السياسي اللبناني، تاركًا وراءه إرثًا معقدًا من الانقسامات الداخلية والصراعات السياسية، إلى جانب ارتباطات واضحة بمصالح خارجية أثقلت كاهل اللبنانيين بأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية متعاقبة.
في هذا السياق، يظهر درس جوهري للأجيال المقبلة: الوطن ليس ملكًا لأي زعيم، ولا يجوز التفريط في سيادته مقابل مكاسب آنية أو مصالح ضيقة. فكل تجربة لتفضيل الخارج على مصالح الداخل، وكل رهانات على الانقسام أو القوة على حساب وحدة الدولة، تترك أثرًا طويل المدى على حياة المواطنين ومستقبلهم.
الشباب اللبناني اليوم هم القوة الأكثر قدرة على قلب المعادلة، وإعادة بناء وطن يرتكز على مصلحة شعبه أولًا، ويجعل من السيادة الوطنية شعارًا حقيقيًا. المستقبل لا يُكتب في المكاتب المغلقة للمسؤولين وحدهم، بل يُصاغ بوعي الشباب، بعملهم الجاد، وبشجاعتهم في رفض أي منطق يحوّل لبنان إلى رهينة للأجندات الخارجية.
إن رحيل نصرالله يجب أن يُنظر إليه كفرصة للتأمل والتعلم وتصحيح المسار. هو تذكير بأن لبنان يحتاج إلى سيادة حقيقية، إلى أجيال تتواصل مع بعضها البعض، وتبني مشاريع فعلية قائمة على التعاون والتنمية، بعيدًا عن الانقسامات والعنف.
لبنان اليوم في انتظار أجياله الجديدة لتحويل الدروس المستقاة من الماضي إلى أفعال ملموسة، ولتحويل التجارب المؤلمة إلى محركات للتقدم. مستقبل لبنان يجب أن يُبنى على الحرية والاستقلال، وعلى عقلية وطنية تُعلي مصلحة الشعب فوق مصالح الزعماء، والسيادة فوق الولاءات العابرة للحدود.
الأجيال القادمة هي الأمل الحقيقي، القادرة على تحويل كل انتكاسة إلى درس، وكل تحدٍّ إلى فرصة للتجدد. لبنان ليس ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، ولا ملكًا للمصالح الشخصية، بل وطن يحتاج إلى هذه الأجيال لتستعيد مكانته الحقيقية، وتؤكد سيادته الكاملة، وتعيد له حضوره المشرف بين الأمم.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
