النهار نيوز المغربية:ع الرزاق توجاني
المقال التاني من سلسلة عيش نهار تسمع اخبار،
أثار حضور شخصية مثيرة للجدل تُعرف باسم “شوشو” في حفل تميز نظمته إحدى المؤسسات التعليمية بمنطقة درب السلطان، موجة من الامتعاض والاستياء في صفوف عدد كبير من المواطنين، خصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر العديد من المتابعين أن هذا “الاختيار” لا يليق بمقام حدث تربوي مخصص للاحتفاء بتلاميذ متفوقين في دراستهم.
الحدث الذي كان من المفترض أن يُكرّم الجهد والاجتهاد والتحصيل العلمي، تحوّل في نظر الكثيرين إلى عرض استعراضي أقرب إلى “الشطيح والرديح” منه إلى حفل تعليمي تربوي، خاصة مع مشاركة شخصية تعتمد في شهرتها على محتوى ترفيهي لا يمت بصلة لا إلى المنظومة التعليمية، ولا إلى قيم التميز والانضباط التي من المفترض أن تُغرس في نفوس التلاميذ في مثل هذه المناسبات.
وقد عبر العديد من أولياء الأمور والمهتمين بالشأن التربوي عن دهشتهم من استدعاء شخصية “شوشو” إلى حفل رسمي داخل فضاء تعليمي، مطالبين الجهات المنظمة بتوضيح المعايير التي تم اعتمادها لاختيار ضيوف الحفل، ومدى توافقها مع الأهداف التربوية للمؤسسة، في وقت أصبح فيه الخط الفاصل بين التحفيز والتمييع غير واضح في مثل هذه المبادرات.
وتساءل متابعون: هل أصبحنا في حاجة إلى ترفيه رخيص داخل المؤسسات التعليمية كي نحفز أبناءنا على الاجتهاد؟ وأين هي البداغوجيا في مشهد استعراضي يُغلب الفرجة على المضمون؟ وهل تميز التلميذ اليوم يُكافأ بمنصات التيك توك بدل رموز العلم والثقافة والمعرفة؟
بعيدًا عن الشخصنة، فإن الجدل الدائر يعيد طرح أسئلة عميقة حول ما يحدث في كواليس المؤسسات التعليمية، وحول الخلط بين المجال التربوي و”البوز” الافتراضي، في زمن أصبحت فيه الشهرة الرقمية معيارًا يُستدعى أحيانًا قبل الكفاءة أو الرمزية أو القيمة.
إن الاحتفاء بالتميز يجب أن يبقى لحظة هادفة، تؤطرها القيم وتوجّهها الرسائل التربوية، لا أن تتحول إلى كرنفالات استعراضية ترسخ لدى الناشئة أن الترفيه السطحي هو طريق النجاح. والمؤسسات التربوية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحصين رسائلها، ومراعاة رمزية فقراتها، لأن المدرسة تظل، أو يفترض أن تظل، فضاء للتنوير، لا الترفيه العشوائي.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.