متابعة: سفيان ادعلي
نظم فريق البحث في تحليل الخطاب، بجامعة الحسن الأول بسطات ندوة علمية حول أعمال الكاتب والناقد والمترجم المغربي بوشعيب الساوري، تحت عنوان: “بوشعيب الساوري: أديباً وناقداً ومترجماً” وذلك يوم الجمعة 23 ماي 2025، ابتداء من الساعة التاسعة والنصف صباحاً، بمركز الاستقبال والندوات، جامعة الحسن الأول بسطات. حاولت الندوة تسليط الضوء على إسهامات الساوري المتعددة في مجالات الإبداع الأدبي، النقد والترجمة، والتي جعلت منه أحد الأسماء التي ساهمت في إغناء المكتبة المغربية إبداعا وتأليفا وترجمة بما قدمه من دراسات ونصوص مما جعل تتويجه بجائزة كتارا في دورتها العاشرة (2024) تتويجا مستحقا وتأكيدا لاجتهاد الساوري المتواصل.
في الجلسة الافتتاحية التي ترأس أشغالها الأستاذ رشيد شحمي، أكدت مديرة مختبر العلوم القانونية والسياسية والإنسانية والتحول الرقمي الأستاذة وفاء الصالحي مديرة مختبر على القيمة العلمية والبيداغوجية والإنسانية لهذه الندوة بالنسبة للطلبة والباحثين…:
يسعدني أن أؤكد، بهذه المناسبة العلمية الرفيعة، أن المختبر يظل فضاءً مفتوحًا لكل المبادرات الجادة والأنشطة الفكرية والعلمية التي تنبع من اهتمامات الباحثين والأساتذة والطلبة، سواء في مجال العلوم القانونية أو في ميادين العلوم الإنسانية المختلفة. نؤمن في المختبر بأن البحث العلمي لا يمكن أن يزدهر إلا في بيئة تشجع على الحوار، وتحتضن التنوع. بدوره عبر الأستاذ إبراهيم أزوغ (منسق فريق البحث في تحليل الخطاب) عن سعادته بانعقاد هذه الندوة الاحتفائية بالأستاذ الساوري، مؤكدا على أن هذا اللقاء العلمي لا يأتي احتفاءً بالأستاذ بوشعيب الساوري، تقديرًا لفوزه المستحق بجائزة كتارا فقط، بل اعترافًا بمساره الأكاديمي الحافل بالجدية والإنتاج المعرفي الرصين، وبإسهاماته المتميزة في التأطير الجامعي والتكوين العلمي الجاد. فالساوري يمثل نموذج الأستاذ الباحث الذي يجمع بين العمق النظري، والالتزام التربوي، والانخراط الثقافي المسؤول. كما يشكل هذا اللقاء لحظة رمزية للدفاع عن الجامعة المغربية، في ظل ما تتعرض له من حملات شرسة تُروّج لصورا سلبية عنها، بعيدا عن حقيقتها، باعتبارها فضاءً نابضًا بالبحث والتفكير وصناعة الكفاءات وعن صورتها الآنية والتاريخية المشرقة والمشرفة. واعتبره كذلك مناسبة لتأكيد الدور الحيوي الذي تضطلع به فرق البحث الشبابية في تجديد أسئلة المشروع الجامعي، وضخّ دماء جديدة في أوصاله، وتوسيع أفق المعرفة من داخل المؤسسة.
ترأس الجلسة العلمية الأولى (النقد الرحلي) الأستاذ محمد النظام، وكان أول متدخل فيها هو الأستاذ عبد الواحد بنعضرابورقة حملت عنوان “اللغة خيانة”: تساؤلات عن ذاكرة الرحالة ولغته خلال العصر الوسيط والحقبة الحديثة عبر نماذج من كتاب “صورة الآخر في رحلات عربية” من خلال رحلات ابن فضلان، أبي دلف، ابن بطوطة، الغساني، المكناسي.. توقف فيها عند بعض العوائق والحواجز التي تحكمت في كتابات الرحالة وأثرت على تمثلهم للآخر ولما شاهدوه وعاينوه في رحلاتهم، موضحا تأثير ثقافة الرحالة وثقل التاريخ في رسم صورة الآخر والبلدان التي زاروها… وحاولت الورقة تثمين ما جاء عند المؤلف بالنسبة لهذه العوائق الموضوعية، مع فتح المجال أمام امتدادات الموضوع من خلال نقاش العوائق الذاتية التي شوشت على تمثلات الرحالة.
في مداخلة الأستاذ عبد العالي دمياني بعنوان “النص الرحلي موضوعا للتنظير والتظهير بصدد كتاب “انفتاح النص الرحلي” لبوشعيب الساوري عالج أهم القضايا النظرية التي تثيرها الرحلة بوصفها جنسا إشكاليا ، وقسم مدلخاته إلى مبحثين، الأول تناول حدود النص الرحلي، وفيه وقف الباحث عند إشكالية تجنيس الرحلة في الدراسات النقدية الحديثة والمعاصرة، وسلط الضوء على مفهومي الانفتاح والنص كما بلورتهما بعض النظريات الحديثة، كما هو الحال بالنسبة للسانيات النص. أما المبحث الثاني فقد استجلى من خلاله تجليات انفتاح النص الرحلي في الكتاب. واستعرض ثمانية منها، هي: الحرية والتعدد، التناص، التذويت، الآخرية، التخييل، محفل التلقي، الترجمة الثقافية، والفنون البصرية. وخلص الباحث إلى أن كتاب “انفتاح النص الرحلي” إضافة نوعية في مجال الدراسات النقدية المرتبطة بأدب الرحلة. استطاع من خلال طرح إشكالية التجنيس ومفهوم الانفتاح معالجة مجمل القضايا النظرية، التي تؤرق الباحثين. ولم يكتف بالجانب النظري، بل عضده بمروحة من الشواهد النصية الرحلية، مستجلبة من متون مغربية وعربية وأجنبية، وقد تبدى توظيفها تابعا لفعل التنظير، خادما لأطروحة الكتاب.
المداخلة الثالثة كانت للأستاذ محمد أعزيز بعنوان “أسئلة الموضوع والمقاربة في ” المغرب الآسر” لبوشعب الساوري، وساءلت كتاب المغرب الآسر بعيون أسرى ومغامرين أوربيين” لصاحبه بوشعيب الساوري، من خلال الكشف عن طبيعة المؤلف وبيان أهميته بوصفه مؤلفا راصدا لتنقلات رحالة ومستكشفين أوربيين انتقلوا إلى المغرب فوقعوا في أسره على اختلاف السياقات والأزمنة ومحددات الأسر ومفهومه، كما تروم إبراز السمات المؤطرة لنظرة هؤلاء الأسرى إلى المغرب والمغاربة في ارتباط هذه النظرة بهواجس رئيسة منها السلطة والعقيدة والحرية.. وغيرها، فضلا عن ذلك استعرضت المداخلة بعض المداخل التي استند إليها الكاتب في مقاربة الموضوع كالمدخل النفسي ومدخل الغيرية ونقد المركزية وغيرها… بالإضافة إلى ذلك توقفت المداخلة عند طبيعة الآليات الكتابية التي استعان بها الكاتب في تأليف كتابه.
المداخلة الرابعة قدمها الأستاذ حسن لمغرز وحملت عنوان “آليات التحليل النقدي للتراث الأدبي: النص والسياق لبوشعيب الساوري نموذجا” وسعى فيها الباحث إلى تتبع آليات تحليل التراث الأدبي في النقد المغربي من خلال كتاب النص والسياق، حيث تم تطبيق خطوات نقد النقد للوصول إلى مدى فعالية الآليات الموظفة من طرف الناقد، خاصة على مستوى تحديده للأهداف واختيار المتن والموضوع والمنهج ومسار التحليل واختبار مدى صحة النتائج المتوصل إليها.
وخصصت الجلسة الثانية لترجمة الرحلة وقد ترأس أشغالها الأستاذ طارق الهامل، كانت الورقة الأولى فيها للأستاذ مراد الخطيبي وسمها ب “الدفاع عن الهوية الدينية واستراتيجية البقاء في “اثنتا عشرة سنة” للكاتبة ماريا تير ميتلن، وتمحورت حول موضوع الهوية الدينية في الكتاب الرحلي الموسوم ب ” اثنتا عشرة سنة من الاستعباد”، كتبته شابة هولندية تدعى ماريا تير ميتلن Maria Ter Meetelen، وتحكي فيه عن قصة أسرها بالمغرب لمدة تبلغ اثنا عشر سنة في الفترة الممتدة ما بين سنة 1731 إلى سنة 1743م. ورأت الورقة أن رفض الكاتبة تغيير ديانتها من المسيحية إلى الإسلام، فعل مقاومة، وتشبثا بالهوية الدينية رغم ما يرتبط بهذا القرار من مخاطر على حياتها. وناقشت الورقة أيضا استراتيجية البقاء، والتي تتمثل من خلال تمكن الأسيرة الهولندية ماريا تير ميتلن من عدة لغات ساعدتها على التواصل. وتناولت الورقة أيضا مسألة الترجمة، حيث أثنى على الدور المهم الذي لعبه المترجم المغربي بوشعيب الساوري في إعادة كتابة هذا الكتاب الرحلي، ونجاحه في نقله من اللغة الفرنسية بطريقة متميزة تراعي الخصوصيات الثقافية للقارئ العربي. حيث يبدو أن المترجم بذل جهدا كبيرا في البحث والتنقيب من أجل ربط الكتاب بسياقه التاريخي وتحديدا مغرب القرن الثامن عشر.
الورقة الثاني كانت من توقيع الأستاذ رشيد شحمي بعنوان “مظاهر المجال القبلي في المغرب خلال القرن 19 من خلال كتاب المغرب بعيون أوروبية للمترجم بوشعيب الساوري” رامت هذه الورقة تسليط الضوء على بعض النصوص الرحلية التي اهتم بها الباحث والمترجم بوشعيب الساوري في أبرز أعماله والموسوم بـ”المغرب بعيون أوربية مابين 1862 و1867م”؛ إذ تميزت تلك النصوص التي اعتنى بها المترجم بأنها غطت مجال المغرب وخاصة جنوبه من أم الربيع إلى الساقية الحمراء؛ حيث حاول أصحاب تلك الرحلات ولوج مناطق بعيدة عن النفوذ المخزني، وتطلعت إلى مراكمة قدر كبير من المعرفة الميدانية. واتسم متنها الرحلي بالدقة والتفصيل، وإن شابتها بعض المغالطات؛ وخاصة حول القبيلة المغربية، لأنها ارتبطت ارتباطا قويا بخدمة المشاريع والمخططات الاستعمارية، غير أنها تبقى مهمة للباحث الناقد، وهو ما سعى إليه المترجم من خلال ترجمتها وتقريبها للباحثين والطلبة المهتمين، كما أنه حذر من سُمها خلال تقديمه لهذه المقالات المترجمة.
الورقة الثالثة قدمها الأستاذ محمد فنان بعنوان “بلاغة الإيتوس في خطاب اليوميات”، أكد فيها أن يوميات فليكس بروني، التي اطلع بترجمتها الأستاذ بوشعيب الساوري، وتقديمها من الأستاذ علال الخديمي، مثلت أداة بلاغية خدمت الأطروحة الاستعمارية، التي تتستر عن عنف الاحتلال، وتبرر سطوته على المستضعفين من المغاربة. وقد توسل الكاتب بأقنعة تتراوح بين القيم الأخلاقية، والأخرى المعرفية لإضفاء شرعية على التصور الكولونيالي، والمتعلقات الإمبريالية. مما يجعل هاته اليوميات ذات قيمة تاريخية، تتمثل في نقلها لأحداث الدار البيضاء، وما مس أهلها من أضرار الاستعمار، إضافة إلى قيمتها الفكرية التي تنبني على تجميل القبيح، وإخفاء أشكال الهيمنة التي بسط بها الاحتلال الفرنسي سيطرته على المغاربة. حاولت الورقة تحليل بنية الإيتوس، وتتبع ما ساعد عليه المستعمر في تبليغ مضمونها، وتبرير فعل صاحبها. وما التركيز على مكون الإيتوس، كما سيأتي، في خطاب اليوميات، إلا لانكباب منتجها من خلاله على تشكيل الذات المستعمرة في قالب أخلاقي، يراعي القيم الإنسانية، ويؤكد، عبره، أن الاستعمار ليس إلا دفاعا، فرضه المستعمَر على مستعمِره، شرعنةً للعنف، وبناء لصورة المحتل الإمبريالي. وهكذا، تم التركيز على بنية اليوميات، شكلا ومعنى، ثم مكون الإيتوس الخارجي والداخلي فيها، مما يخدم طموح الغالب، ويكرس رؤيته.
الورقة الرابعة قدمها الأستاذ محمد نظام بعنوان “المغرب والمغاربة في رحلة البلجيكي Jules Leclercq من موكادور إلى بسكرة رحلات داخل المغرب والجزائر” وقد سعت إلى تسليط الضوء على أحد أعمال بوشعيب الساوري المترجمة. ويتعلق الأمر برحلة البلجيكي جيل لوكليرك الموسومة بــ “من موكادور إلى بسكرة، رحلات داخل المغرب والجزائر”، الصادرة عن منشورات الجمل ببيروت سنة 2016. وأكد فيها الأستاذ النظام أن هذا المتن الرحلي أحد النصوص الرحلية الأوروبية النادرة المتضمنة للعديد من المقارنات التي شملت مناحي الحياة المغربية كلها، مثل شكل البناء والسكن والعمارة الدينية والوحيش ونظام الحكم والنساء والأطعمة والنظافة… وقد أفضت هذه المقارنات إلى إصدار أحكام وانطباعات لم تكن في صالح المغاربة. وقد قدم لوكليرك عموما نظرة قاتمة إزاء ما شاهده في المغرب، ولم يسجل للمغاربة إلا القليل جدا من المزايا والفضائل.
أما الجلسة الثالثة (الرواية ونقدها) فقد ترأس أشغالها الأستاذ يوسف أمفزع، وشهدت مداخلة للأستاذ سالم الفائدة بعنوان “الهوية السردية وقلق التمثيل: قراءة في كتاب” الذات وصوره في الرواية العربية” أكد فيها أن الأستاذ الساوري يؤسس كتابه النقدي على جدلية الذات وصورتها، مستلهماً من حقول متعددة كالفلسفة وعلم النفس ونظرية السرد، ليقارب كيفية تشكل صور الذات في الرواية العربية المعاصرة. فالذات الروائية ليست كينونة مغلقة، بل تنبني من خلال صيغ التمثيل النصي والانفعالي، حيث تُصاغ الهوية ضمن علاقات متشابكة بين الأنا والآخر، الداخل والخارج، الحضور والغياب. ووفقاً لتحليله، فإن الرواية بوصفها خطاباً سردياً ذات طبيعة مرآتية قادرة على مساءلة الذات وتفكيك صورها المتعددة. وهذه الصور ليست فقط انعكاسات متباينة، بل أحياناً صور منكسرة، مشوهة، غامضة، تتولد من صراعات داخلية أو من انعكاسات الآخر. لذا، يطرح الساوري سؤالاً مركزياً: هل تمثل الذات نفسها أم صورة لذات مفترضة تتحدد في مرآة الآخر أو في مرآة الوعي المتشظي؟
تلاه الأستاذ عبد الرحمان الزنادي بورقة وسمها ب “الهوية الأجناسية ومقاربة النصوص الإبداعية:
قراءة في كتاب “التباس هوية النص” لبوشعيب الساوري” حاول فيها اقتراح قراءة في كتاب “التباس هوية النص: دراسة في تداخل الراوئي والشعري” (ط1، دار النايا، 2021) لبوشعيب الساوري، الذي اختار رواية “معسكرات الأبد” للشاعر والروائي السوري سليم بركات كنموذج لهذه الدراسة، حيث تدور أحداثها في هضبة بمنطقة قامشلي الكردية بسوريا، إبان أواخر عهد الاستعمار الفرنسي، مع عائلة كردية معزولة عن العالم الخارجي، تجد نفسها مضطرة للتفاعل مع أحداث غريبة عن معيشها اليومي وعن إدراكها البدائي للحياة والوجود، حيث يتتبع فيها الناقد أوجه التداخل بين الجنسين الروائي والشعري في الرواية العربية الجديدة. متوسلا مفهوم “المحكي الشعري”(Le récit poétique) كما حدده “جان إيف تادييه” سبيلا للمقاربة، بالإضافة إلى ما يسعف في رصد تجليات مفاهيم المحكي الشعري في النص الروائي المدروس، مما يقع خارج تصور “تادييه”، وإن اتفق معه في إحدى خلفياته المعرفية، توخيا لما تحمله الرواية المدروسة من خصوصيات ثقافية وأبعاد أسطورية ورمزية. وتبعا لذلك، تأتت هذه القراءة من خلال مدخلين: 1/الهوية الأجناسية للمحكي الشعري الروائي: أبدية الشخصيات والمكان والزمان؛ 2/ هوية التشكيل الثقافي للنص الشعري الروائي: الذاكرة الثقافية واللغة الإيحائية.
بعده قدم الأستاذ إبراهيم العدراوي مداخلة حملت عنوان “رواية العودة إلى البحث في الهويات الاجتماعية الملتبسة” أكد فيها أن الرؤية الإبداعية في رواية “حالات حادة” للكاتب المغربي بوشعيب الساوري تتأسس على استشكال قضايا الواقع، وتؤدي السردية الاجتماعية لشخصيات الرواية وظيفة نقدية، تعيد الاعتبار لاتجاه أصيل في الرواية، اتجاه لا يتنكر للحكاية، ولكنه يعيد بناءها، وفق منظور يحضر فيه النقد، مقرونا بأسئلة الهوية الاجتماعية، والهوية الوجودية، ويكتنف هذه الهوية من تهديد لعمقها الإنساني. وحاولت الورقة دراسة البعد النقدي في بناء الهوية السردية للشخصية الروائية، بوصفها تمثيلا لحالات اجتماعية.
واختتمت الجلسة بمداخلة للأستاذ ناصر ليديم بعنوان “النسق السوسيوثقافي في الخطاب الروائي رواية إصرار لبوشعيب الساوري أنموذجا” سعى فيها إلى مقاربة خطاب روائي متميز يشكل مادة ثقافية غنية، يتعلق الأمر بالنص الروائي إصرار لبوشعيب الساوري، باعتباره واحدا من النصوص الروائية الذي اتخذ من مدينة سيدي بنور فضاء محوريا لبناء الأحداث، ومكانا ينسج عبره مجموعة من العلاقات السوسيوثقافية ويميط اللثام عن العديد من الأبعاد النفسية، الثقافية والاجتماعية من منطلق المرأة باعتبارها رمزا للحياة والمقاومة. حيث نقل الروائي بوشعيب الساوري بعيون المفكر والمثقف مجموعة من الخصائص الميتانفسية التي ميزت شخصية هشومة ومن خلالها عالم البادية المغربية التي ميزت سيدي بنور والضواحي، وخاصة على مستوى الصراع النفسي والعنف المجتمعي المسلط على المرأة بوصفها رمزا للتضحية بمختلف أبعادها ومحدداتها القيمية. فلم يقف الساوري عند اقتفاء أثر البعد الاجتماعي والثقافي للشخوص، وإنما تجاوز ذلك نحو رصد التمثلات النفسية والعلائق الإنسانية التي جعلت من هشومة أنموذجا للمرأة المقاومة لأعطاب المجتمع فكرا وممارسة.
وفي ختام هذه الندوة أعطيت الكلمة للمحتفى به الأستاذ بوشعيب الساوري الذي عبر في بدايتها عن شكره وامتنانه لكل من سهر على تنظيم هذه الندوة من أساتذة وباحثين، مشيرًا إلى أن هذا اللقاء يُعدّ لحظة مميزة في مساره الأكاديمي والإنساني، بما يحمله من دلالات التقدير والوفاء. وأكد الساوري أنه يشعر بسعادة غامرة بهذه المبادرة الكريمة التي وأعادته إلى المعنى الحقيقي للانتماء إلى الجامعة والتي لا يراها تكريما لشخصه فقط، بل احتفاء بالجامعة المغربية.
واعتبر الساوري نفسه محظوظًا في حياته، بدءًا بوالديه اللذين غرسا فيه حب التعلم، مرورًا بزوجته التي كانت ولا تزال سندًا حقيقيًا ورفيقة درب وفية في مسيرته، وأبنائه الذين كانوا مصدر وأمل دائم، ومحظوظ بأساتذته وأصدقائه الذين دعموا خطواته وساندوه في مختلف المحطات.
وتحدث الساوري عن مشروعه العلمي، مشيرًا إلى أنه تأسس على ثلاث ركائز متكاملة: النقد، والأدب، والترجمة. فالنقد بالنسبة إليه مجال للتفكير المنهجي في النصوص، والأدب هو مساحة للتعبير الإنساني ونتيجة للقراءة للأدب، أما الترجمة فكانت وسيلته للانفتاح على الثقافات الأخرى وتجديد أدوات القراءة والفهم.
وختم الساوري كلمته بالتأكيد على أن هذا اللقاء ليس مجرد احتفال رمزي، بل هو تأكيد على أهمية الاعتراف بالكفاءات، والدفاع عن الجامعة باعتبارها فضاءً حيويًا للإنتاج الفكري والمعرفي، داعيًا إلى مزيد من الإيمان بقيمة العمل الجماعي وبأفق البحث العلمي المسؤول.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.