الدروش عزيز يكتب *معضلة الفساد

abdelaaziz626 مارس 2025Last Update :
الدروش عزيز يكتب *معضلة الفساد

للقضاء على الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى وكل أشكال الحيف في المملكة المغربية ليس بالأمر السهل، بل هو مهمة تتسم بالتعقيد والصعوبة الشديدة. إذ أن الفساد و الإستبداد قد ترسخا في النظام السياسي على مر السنين وأصبحا جزءاً لا يتجزأ من هياكل السلطة بقيادةالأحزاب السياسية ، ما يخلق منظومة مترابطة ومعقدة تسيطر عليها الطبقة السياسية الحاكمة. لذلك، فإن مهمة الإصلاح تتطلب إرادة سياسية حقيقية وجادة، وأحزاب سياسية تتمتع بمصداقية و الشفافيةوالديمقراطيةالداخلية و التداول على قيادة الحزب و بناء أحزاب المؤسسات، ومؤسسات فعالة ومستقلة و حقيقية، بالإضافة إلى دستور قوي ومتطور يضمن حقوق المواطنين ويؤسس لحكم رشيد.

الإصلاحات الجذرية التي يتحدث عنها العديد من المهتمين بالشأن المغربي تشمل عدة محاور أساسية. في مقدمتها، تعزيز نظم الرقابة والمحاسبة في مختلف المؤسسات الحكومية. من الضروري أن تكون هناك آليات فعالة للكشف عن الفساد ومعاقبته بسرعة وشفافية. وهذا يتطلب تفعيل آليات فحص الأموال العمومية، وتنفيذ برامج توعية وتدريب للمسؤولين حول أساليب الوقاية من الفساد.

أحد الركائز الأساسية التي ينبغي أن يركز عليها الإصلاح هو تحسين إستقلالية القضاء. فالقضاء المستقل ليس مجرد ضرورة قانونية، بل هو أساس لبناء الثقة في النظام القضائي والمجتمع بشكل عام. إذ يضمن القضاء المستقل أن تكون الأحكام نابعة من المصلحة العامة بعيدًا عن أي ضغوط سياسية أو إقتصادية، ما يؤدي إلى تعزيز العدالة الإجتماعية. إذا تم القضاء على التدخلات السياسية في عمل القضاء، فإن ذلك سيعيد الأمل للمواطنين في أن العدالة ستتحقق لهم بطرق عادلة وموضوعية.

علاوة على ذلك، فإن الشفافية في إدارة الموارد العامة تعد من أبرز الخطوات التي يجب اتخاذها لتحقيق إصلاح حقيقي. إذا توافرت الشفافية، ستكون الأموال العامة تحت الرقابة المستمرة من قبل الجهات المعنية والمجتمع المدني. وستؤدي هذه الشفافية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، بحيث يتم توجيه الموارد إلى المشاريع التنموية التي تساهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين.

ومن بين الحلول الفعالة التي يجب اتخاذها هو تعزيز دور المجتمع المدني في مراقبة سير العملية السياسية والإدارية، وذلك عبر زيادة التفاعل مع المؤسسات الحكومية ورصد الأنشطة الخاصة بها. إذ أن الجمعيات الحقوقية والجماعات المستقلة قادرة على لعب دور محوري في توعية المواطنين وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان.

إن تنفيذ هذه الإصلاحات يتطلب جهدًا جماعيًا، حيث يجب أن يشارك الجميع في هذا المشروع الوطني: الحكومة، الأحزاب السياسية بعد تطهيرها و تجديد قياداتها ، و المجتمع المدني حقيقي ، بالإضافة إلى المواطنين أنفسهم. لا يمكن لأي طرف أن يحقق التغيير بمفرده، بل يجب أن تتكامل جهودهم في إطار من التعاون والمثابرة.

في النهاية، فإن الإصلاح الجذري للمملكة المغربية يتطلب إرادة سياسية حقيقية، تتضافر فيها جهود جميع الأطراف المعنية. ويتطلب أيضًا إصلاحات هيكلية شاملة على المستوى السياسي، القانوني، الإقتصادي و الإجتماعي.
*من المستحيل بناء دولة قوية و ديمقراطية و عادلة بمؤسسات و أحزاب ينخرها الفساد والإستبداد والظلم والحكرة وأشياء أخرى*

*عزيز الدروش فاعل سياسي و جمعوي*


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading