بقلم غربي يوسف
يوما بعد يوم يثبت طوفان الأقصى أنه لحظة مفصلية ليس في تاريخ القضية الفلسطينية بل في مسار الإنسانية المعاصرة.
و إنه لبديهي التذكير بحجم التعاطف الكوني مع فلسطين الذي راح يتعاظم كلما أمعن الاحتلال في التوغل في الدم الفلسطيني واللبناني،دبابات وطائرات تحاصرها دماء الأطفال والنساء والأبرياء.إنها مفارقة ساخرة بمقدار الغطرسة والتمدد في الأرض الفلسطينية بمقدار تنامي الغضب واشتعال الساحات العالمية.لا بد من قراءة نبيهة لعزلة جمهور ماكابي بهولندا الذي ووجهت وقاحته بالرد الملائم من أبناء هولندا.وكذلك الأمر لمباراة الفريق الفرنسي ضد الفريق الاسرائيلي التي لعبت في ملعب فارغ إلا من ثلاث رؤساء جاءوا خوفا على سجل حسن سيرتهم لدى الدوائر الصهيونية.
حري بدوائر صناعة القرار في العالم أن تقوم بقراءة متمعنة في الشرخ الحاصل بينها وبين شعوبها، لأن هذه الأخيرة أصدق في قياس البعد الإنساني للقضية الفلسطينية بينما هي أسيرة للإكراهات والضغوطات والمصالح الظاهرة والخفية.غريب ان يصاب الساسة بالعمى عن جرائم الكيان و خروقات جمهور إسرائيلي ويسووا بين الجلاد والضحية بل يعلنوا انحيازهم للصهاينة شاهرين فزاعة ما عادت تنطلي على الصبيان بله الفتيان (معاداة السامية).
الأخطر في الأمر أن دولا تزعم انها ديمقراطية راحت تنضو ثوب قيمها وتنزع لسلوكات دول شمولية.و هو مؤشر مقلق لأنه ينضاف إلى عدم الاكتراث بالمنتظم الأممي وبمحكمة العدل الدولية.و كل ذلك يؤكد اننا في لحظة انهيار قيمي شامل وافتضاح كلي لسياسة الكيل بمكيالين.إذ كيف نفسر مقاطعة روسيا رياضيا و فرش السجاد الأحمر لكيان غاصب محتل يمارس منذ اكثر من سبعين عاما أبشع صور التدمير والتطهير والعنصرية.
يأتي قرار المحكمة الدولية باعتقال نتنياهو وغالنت باعتبارها مجرمي حرب ليؤكد ان الدول الموقعة على ميثاق روما للمحكمة الجنائية تتحمل مسؤولية إنفاذ هذا القرار متى وطئ ارضها المعنيان.و ستعتبر مخالفة القرار دقا لآخر مسمار في نعش الأمم المتحدة،و بذلك يدخل العالم إلى سديم الفوضى المطلقة وغياب القيم والمعايير.
ويتكشف بذلك أن الساسة ليسوا الا دمى متحركة لدى لوبيات متصهينة و أن الإعلام ليس الا خادما لها.ستزداد الهوة بين القمم والقواعد عبر العالم و سيعود الوجه البشع للديكتاتورية سافرا قبيحا و سيمارس أشكال هيمنته العنيفة عبر القوانين الطارئة والعصا لكن عزلتها ستظل في نمو مطرد يؤدي الى انكماشها المفضي الى نهايتها. و وقائع الحربين العالميتين تقدم الدليل على أن الشمولية آفة مدمرة لذاتها وللعالم من حولها.و الأمر لا يقاس بأعمار الأحياء بل بعمر الزمن الممتد وبيننا وبينهم التاريخ والأجيال القادمة.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.