الفرق بين المستكتب والكاتب في عصر الفرجه..!! بقلم محمد سعد عبد اللطيف

abdelaaziz623 أغسطس 2024آخر تحديث :
الفرق بين المستكتب والكاتب في عصر الفرجه..!! بقلم محمد سعد عبد اللطيف

في عصر الفرجه والتفاهه،وانتشار شبكات التواصل الاجتماعي ،اختلط الحابل بالنابل في مفاهيم كثيرة والقاب وشهادات من سفير السلام الي الدكتوراة الفخرية في الطعمية والبطاطس المشوية ، ومنها الفرق بين الكاتب والصحفي ،والصحفي الكاتب ،والقاص والروائي والناقد ،، ليحسم هذا الجدل :- الناقد{ رولان بارت } الفرق بين الكاتب وبين المستكتب:يقول “رولان “

الكتابة حقل مغامرة فكرية والدخول في المناطق المحرمة واللغة حقل اكتشاف وليس قاموس،

في حين ان ‘المستكتب “مهرج وبهلوان سيرك هدفه ابهار الجمهور لا ايقاظه” ويكتب باللسان واللسان تشريع يقول المتفق عليه، ومن يكتب بلسانه غير من يكتب بذاته: اللسان سلطة وحافظ قوانينها وظاهرة قطع اللسان الخارج عن المألوف معروفة في تاريخنا، لأن اللسان أرشيف عام مُلقّن وملكية عامة لا يحق له الخروج عن السائد والمتفق عليه في حين الفكر والأدب والفن نتاج ذات فردية ضد القاموس وتمرد عليه ومن هنا التعارض والعداء بين سرديات الذات وسرديات السلطة او الجماعة اي كانت ايدولوجية او حزبية .

المستكتب ،بهلوان في سيرك كما المطرب يحب ان يكون مرغُوبًا من الجميع ويفكر في الجمهور من مصطلح جديد طابور قطعان الآلتراس لا بجوهر الكتابة، مع ان الكتابة تمرد بناء وطريق جديد وحالة يقظة،

( المستكتب) لا يكتب بالذات لآنه بلا ذات فردية بل مجمع ذوات تَصلُحُ لجميع الآذواق بل بالقاموس لذلك يقع الكثير من رواد شبكات التواصل الاجتماعي ،عندما يكتب بوست للإثارة في اطلاق مسميات علي مستكتب بالكاتب والأديب والروائي وكل الألقاب ، إن هدف المستكتب ارضاء الناس وتقديس الآوهام لأجل مصالح خاصة.المستكتب ” محبوب” من الجماعة التي ينتمي لها بل أقرب الى المطرب لأنه يسمعهم اللحن الذي يريدوا كموسيقي الشوارع ، يكتب برصانة شكلية امام بحيرات من

الدم، ويتظاهر بالعقلانية أمام انهيارات الناس، ويبدو مُتمَاسِكًا أمام المذبحة، وكلها أقنعة مزيفة للحفاظ على اعجاب الجمهور وتجدهم هم اصحاب الأعجاب والتعليقات وكأنهم قطيع ،

في حين يذهب الكاتب الى هز أوهامهم التي تعايشوا معها وتحولت الى حقائق بالتكرار والاجترار بل الى قوانين واعراف. مرجعية الكتابة هي الحقيقة بلا ولاء لاحد ومرجعية المستكتب الجمهور العام ورضاه على حساب مصير وحياة ومستقبل الجمهور ولم يكن الجمهور العام حُكمًا بين الصواب والخطأ لآن الجمهور ليس كتلة واحدة منسجمة. الجمهور ليس مِعيارًا للخطأ والصواب لأنه رغبات وأهواء ومقاييس مختلفة يستحيل التوافق معها

{الكاتب }ضد الجمهور وآخر همه كمثقف ارضاء العامة حتي ولو كان مُتصَالِحًا مع الجميع فلماذا هو صورة للمستقبل..؟ على الكاتب أن يحترم السطحية والتفاهة والهراء والغوغائية والطائفية والعرقية كوجهات نظر لكي يكون مقبولاً او لا يكون دِيمُقرَاطِيًّا ولا ينفعل من الضحالة لأنها” وجهة نظر” ، ألا يعبر عن انفعال لآنه ليس بَشرًا بل حجرًا

، مع ان الانفعال جزء من الفكر كما اثبتت مدارس علم النفس الحديثة واي فصل بين الفكر والانفعال المنتج وبين العقل والقلب وبين المشاعر والعقلانية هو فصل تعسفي عفى عليه الزمن وصار من مخلفات الماضي، وحسب تعبير (أمبرتو إيكو) روائي وعالم لسانيات:

” هؤلاء الحمقى يتصرفون كحملة جائزة “نوبل” مع انه كان يتم اسكاتهم في حانة أو مقهى حالاً” لكن صفحات التواصل وفرت لهم فرصة اظهار السطحية والسيكوباتية وهم يختبئون في غرف آمنة بلا تجارب ولا ثقافة واختيار الآلقاب من أقرب دكان ولا يعرفهم حتى زبال الشارع بل لا يعرفون من هم لأن معرفة الذات لا تتم بلا وعي الذات وبلا معرفة سوية وبلا قدرات فكرية وبلا موهبة التحديق بالذات وحوارها الصريح.

“المستكتب” رهين تاريخ سردي ملفق لا يخرج عنه، وأسير قوالب جماهيرية مقدسة، والناس عادة لا تحب تغيير أوهامها لأن التعايش معها شرط الاستقرار النفسي أو” المواطن المستقر”.لكن المستقر على ماذا..؟ على تاريخ متخيل، وعلى حاضر مبني على أكاذيب مُعقلِنَةٌ

، وعلى آمال زائفة.”المستكتب” يلبي حاجته هذه بل يدفعه أكثر للتعلق بها لآن من مصلحته الشخصية بقاء الجمهور في غيبوبة لبيعه بالأوهام وفكرة الاختلاف مع الجمهور ملغية عكس كل تاريخ الكتابة والثقافة والآدب والفكر الذي وقف ضد مؤسسات راسخة وحارب أَوهَامًا مُشَرَعٌ

لها بقوانين ودفعوا أغلى الآثمان..نَفيًا وسجنًا

واقصاءً.ولم يحدث عبر كل تاريخ الكتابة ان مُستكتَبًا غير شَيئًا أو ترك أثرًا

بعد موته، فموته الأول هو الآخير ،وهنا الفرق ان الكاتب يولد بعد موته ..!من كرس فكرة على الكاتب أن يكون”مُتطَابِقًا” ومُتَصَالِحًا”مُنسَجِمًا ” مع الجمهور

وخاصَّةً في العالم العربي،، من رسخ عاهة الخصاء العقلي أي العقم عن التفكير والاجترار والقوالب والأبيض والأسود وغياب المساحات الرمادية هي غياب حياه سياسية من تداول السلطة ،وعقم في الأحزاب الشمولية لغرض الكسب الحزبي وتقديس أوهام الناس للسبب نفسه على حساب الحقائق وانتجت “مخصيين ملقنين بقشرة ثقافية سطحية مدرسية باهتة تتداخل فيها لغة السب والشتائم” تداخل أنياب الكلب بذريعة النقد.وحتى بعد افلاس هذه الأحزاب والجماعات الإيدولوجية التي ربت قُطعانًا من الببغاوات الأليفة ، لكنها تركت فهماً خاطِئًا وفظِيعًا في أن على الكاتب أن يعزف كزمار الشوارع لمن يريد سماع اللحن…! في عصرنا الحديث، صرنا نعرفهم من العبارة الآولى كما يعرف ميكانيكي اعطال سيارة وكما يعرف طبيب لغة طبيب اخر وكما يعرف بنّاء من كلام بناء مهارته او قدرته لان كل مهنة تترك بصماتها.،،يستطيع هؤلاء خداع الجمهور ، وفعلوا عشرات الأعوام، لكنهم لا يستطيعون خداعنا برصانة مزيفة وانشاء لغوي مدرسي باهت ، وشعارات مستهلكة، لأنه من الصعب جِدًّا بيع الماء في حارة السقايين، أو يطبل في حارة الطبالة التي كانت تشتهر بالطبل .امام كل هذا التوحش في كل مكان،يُصبِحُ التظاهر بالعقلانية زيفاً، يحاول المستكتب أن يظهر كمن يتفرج على فيلم أو يسمع حكاية قديمة

تاريخ الكتابة تاريخ عصيان بالآفكار والكلمات بلا دبوس ولا سلاح، والكاتب والمثقف الحقيقي لا يولد بالتوافق والانسجام مع الجمهور، وهو من شروط القطيع ،بل يخرج من طاحونة الصراع معه لآجل حياة أعدل وأنقى وأبهى للجمهور وليس لنفسه وقد يكون مرفهاً.

الكاتب ” مجنون” أمام” عقل ” المستكتب ولو فحصنا عناصر هذا” العقل” لوجدناه أقرب الى المعتوه ولم يحدث في تاريخنا أن خرب مجنون حياتنا بل خربها ” عقل” “المستكتب” صناعة المؤسسة الحزبية والاجتماعية ومسوغ مشاريعها التي انتهت بحمامات دم وشعوب هائمة تبحث عن ملَاذِ

آمن كما لو كل تلك الكوارث من صنع اشباح وليس من صنع عقل “المستكتب” اجير الأحزاب والجمعات والفصائل . التي اوصلتنا الي الخراب اليوم والى سنوات قادمة ولم يكسر الكاتب النقدي في كل ما كتب عود ثقاب بل حاول اشعال شمعة في الظلام لمخلوقات تعتبر الوضوح جريمة. والكاتب يدخل في صراع ومنفى من لحظة التخيل وحمل القلم ..!!

محمد سعد عبد اللطيف ،كاتب وباحث مصري ،،[email protected]


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

الاخبار العاجلة

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading