وهل تنتظرون من الشاة العاقرة أن تلد لكم خروفا ؟

voltus5 مايو 2016آخر تحديث :
وهل تنتظرون من الشاة العاقرة أن تلد لكم خروفا ؟

كل التخمينات الأولية في الوسط التربوي، تقول بأن هناك  فئة عريضة من أساتذة وأستاذات الدرجة الأولى بقطاع التربية والتكوين،  تفضل التقاعد النسبي هذه السنة بالذات، لأن كل المؤشرات المتعلقة بإصلاح صندوق التقاعد المغربي لا تصب في مصلحة المأجورين ،كيفما كانت نتائج الحوار الاجتماعي حاليا بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية ، ولأنهم تيقنوا كذلك بأن القادم من الأيام لايحمل لهم أي تحفيز يذكر، لهذا فلسان حالهم يقول:أعطيني درهما اليوم ،ولا تعطيني درهمين غدا ،إنه منطق الاتجاه البرغماتي/ النفعي، في الفكر الفلسفي ،والذي بني عليه الاتجاه الليبرالي في الاقتصاد الرأسمالي…  لكل هذا تم اختيار هذه القولة العربية ،كعنوان معبر لهذه المرحلة، و التي يسودها  الترقب والانتظاروالخوف من المستقبل…

فهذه القولة العربية و الضاربة في القدم تعبربصدق عن وضعية كثير من نساء ورجال التعليم بمختلف الأسلاك التعليمية، وخاصة الفئة العمرية المزدادة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، والتي قضت الآن ما يفوق عن ثلاثين سنة في الأقسام أو أكثر، وعاشرت كل الإصلاحات السابقة، والخيبات التي ألمت بمنظومتنا التعليمية رغم كل الوصفات البيداغوجية التي جربتها الوزارة الوصية منذ الاستقلال إلى الآن. انطلاقا من لجنة إصلاح التعليم وما حددته من أهداف بعد الاستقلال كالمغربة والتعريب والتعميم والمجانية ثم الإصلاح الثاني خلال الثمانينيات لما تم إحداث الأكاديميات تبعا للتقسيم الجهوي القديم ،للتراب الوطني ،وامتد حتى الميثاق الوطني للتربية والتكوين خلال نهاية التسعينيات ،وما واكبه من مخططات ومشاريع لإعادة تأهيل القطاع نتيجة التعثرات والخيبات  التي لزمته.

والسؤال الذي نود طرحهبعجالة ها هنا، على أنفسنا قبل غيرنا، لنبحث له على أكثر من جواب، ونبحث له عن الأسباب المباشرة والغيرالمباشرة المؤثرة فيه.

هو هل مازال لهذه الفئة من الأساتذة والأستاذات القدرة على تحمل  المزيد من الخيبات، وهم يعتبرون أنفسهم القاطرة الأمامية،والتي تجر وراءها أي إصلاح جديد مرتقب؟ وهل ما زالوا مؤهلين نفسيا وجسميا للقيام بذلك؟ وهل من قضى ثلاثة عقود ننتظر منه المزيد من العطاء والتجديد؟ وهل الأستاذ والأستاذة اللذان يقطعان مسافة60أو80كلم يوميا، أوأكثر،طيلة هذه السنين ،وهوالآن في آخر العمر،  هل سيقدم لنا إضافة ما؟ وهل لم يأخذ منه الزمن شئ يذكر، وهو بشر يمرض، ويقلقويعاني كباقي بني الإنسان؟ وهل هذا العنصر البشري يمكن له  أن يتحمل أي شئ، حتى ولو كان فوق طاقته؟ ولماذا نجد أن  أكثر رجال التعليم وليس نساءه، يفرون بجلدهم ،من هم القسم، واكتظاظه وغبار طباشيره وبرودته،وضعف ذكاء متعلميه، وكثرة دروسه، وشغب متخلفيه،وإيقاعاته الزمنية الطويلة؟و…

لعلها أسئلة كثيرة، لاحد لها عاجلا أم آجلا،ولايمكن أن يطرحها إلا من جرب الحجرات الدراسية، واشتعل رأسه شيبا بسبب معاناته، مع أكثر من متدخل، سواء منطرفالإدارة التربويةالغير مؤهلة ، أومن طرف بعض آباء وأولياء التلاميذ والتلميذات الذين ليسوا في مستوى اللحظة، ويتحاملون، على الأساتذة والأستاذات ، وما أكثرهم في بيئتنا الاجتماعية؟

وهنا  لابد أن نتكلم عن دورالعنصر البشري، في أي تنمية منتظرة، مادام هو قطب الرحى لأي شغل وأي عمل كيفما كان نوعه، وبأي ميدان كان أوفي أي قطاع كيفما كان نوعه ، فأوروبا التي  تقدمت خلال نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، لما اهتمت بالبشر وليس بالحجر، فالاستثمار الآن في العنصر البشري أولى، وليس في الموارد الطبيعية والتي لها أجلها فتنقضي وبعدها نعود إلى الصفر، وهذا العنصر البشري لا بد أن نحفزه ونهتم بمتطلباته ونلبي له حقوقه الاجتماعية والاقتصادية، ولا نساهم في قهره وتحميله  ما لاطاقة له به، لأن حتى الحيوانات أمرنا نبينا الكريم أن نرحمها، فما بالك بالإنسان، لأن برحمتنا لها يرحمنا خالق هذه الرحمة، والذي سمى نفسه الرحمان، فكيف لانترحم نحن على من يساهم في تنشئة أبنائنا وتعليمهم فضائل الأخلاق، وتهيئهم للحياة مستقبلا.

وحتى ننقل للقارئ وكل مهتم بشأننا التربوي والتعليمي، بهذا البلد، ونقدم له تشخيصا واقعيا وصورة حية لمن يهمه أن يعرف،وهذا مهم، لكن المصيبة العظمى هو أنه يعرف ويتجاهل الوضع الكارثي، والنفسية المهزوزة لهذه الفئة العمرية، والتي تكلمنا عليها سالفا ، بقطاعنا التربوي، أمام الأثقال الوازنة التي تتحملها في صمت، بالإضافة إلي المعاناة اليومية الظاهرة من التنقل، وإلقاء للدروس، والأمراض التي تصاب بها، وباقي ضغط العمل، فهناك ما أصبحتتشعر به من خوف، ومن قلق من الآتي في ظل ما عاناه المواطن المغربي من ضربات بسبب عدة قرارات اللاشعبية مؤخرا،  والتي تهمه وتهم قوته وصحته وسكنه ومستقبله ومستقبل أبنائه، والأستاذ هو مواطن بطبيعة الحال ويضره ما يضر الآخر، ويسعده ويفرحه ما يفرح الآخر. فهو الآن في حيرة وترقب من أمره كباقي الأجراء، وما ستسفر عنه المفاوضات الجارية بين الحكومة والنقابات، وما هو مصير صندوق التقاعد؟ وما هي الشروط التي سيتم اتخاذها من أجل إصلاح هذا الصندوق؟ وكم سنة ستتم زيادتها، بعد الستين؟ وكم هي قيمة الاقتطاعات التي سيتم خصمها من كل راتب، وحسب كل درجة؟

هذا إضافة للأسئلة الأخرى العالقة ،والتي تطرحها هذه الفئة العريضة،والتي هرمت بقطاع التربية والتكوين، وهل ما زالت قادرة جسميا ونفسيا على المزيد من مواكبتها لمشاريع الإصلاح المطروحة على الطاولة الآن، لدى الوزارة الوصية؟ وهل ما زال هذا الأستاذ الهرم،قادرا أيضا على الحضور إلى محطات التكوين المستمرو الرتيبة والغير مفيدة، والتي تحمل اسما على غير مسمى؟ وهل له من القدرة النفسية والجسمية كذلك، على إعادة التحضير من جديد، لمقرارات عادة ما تكون طويلة، في وقت هناك من المفتشين الذين لهم حساسية مع كل ما يتم أخذه من المواقع الالكترونيةوالنت ،لأ نهم ما زالوا يعيشون على الماضي؟ فهل الكل يتحامل على رجل التعليم، (ولا زد على حمارالشيخ ما نايضش ما نايضش) كما يقول المثل العامي المغربي…وهناك ترقب وانتظار في الساحة التعليمية بالخصوص، مما جعل فئة عريضة جد ا من نساء ورجال التعليم، ترفع الراية البيضاء، ولكي نعرف الحقيقة، لننتظر صدور لوائح التقاعد النسبي، وخاصة أولئك المرتبون بالدرجة الأولى، وكل النقاشات التي تمت مع بعض الإخوان حول الأسباب التي دفعتهم إلي اللجوء إلى التقاعد النسبي المبكر كحل؟ ودون الصبر والتحمل حتى النهاية،ما دامت هذه الفئة العمرية الآن، في مائة متر الأخيرة.لكن جوابهم ،يكون تبعا للعنوان، وهل تنتظرون من الشاة العاقرة أن تلد لكم خروفا؟….فالأكثرية،ولاأقول الأقلية سواء الذين حسموا في ترك الجمل بما حمل، وهو يقول ما فائدة البقاء والتحمل، في ظل ظروف جديدة، لامحالة تبدو قاتمة وسوداء، ولاتحفيز فيها بل سيضحي الموظف بمكتسباته السابقة ،و التي ناضل من أجلها طيلة عمره الوظيفي، وهاهي تذوب في رمشة عين، كقطع الثلج.

وهاهو الموظف أمام اختياراته الصعبة والمقلقة، وهو ينتظر الأسوء، اللهم أنه يخرج ب(2) في المائة كتقاعد نسبي  الآن، أفضل له من انتظار المجهول، أما أولئك الذين لم يلجأوا إلي التقاعد النسبي، إما لم يتمموا ثلاثين سنة، مما سيجعلهم تحت رحمة الشروط الإدارية، وإما أتمموها، ومازالت القروض تنهك كاهلهم حتى 2020 أو أكثر؛فلم يجدوا لذلك سبيلا.

وكخلاصة، فهذه الفئة  من نساء و رجال التعليم  تكون قد غادرت المركب، خوفا من الآتي، والعبرة بالنتائج لمن يهمه أمر وشأن القطاع، وله الكفاءة اللازمة في تحليل الأرقام، وقراءتها القراءة الاحصائية، ولما ستظهر نتائج التقاعد النسبي النهائية ،وإذا ما صدقت التخمينات الأولية،عن نسبة الطلبات الخاصة بالتقاعد النسبي ،لهذه السنة ، فحينها      سيكون للمندوبية السامية للتخطيط قراءتها المخالفة طبعا لقراءة الحكومة، لكن السؤال المطروح الآن هو كيف سيكون رد الحكومة، إذا ما تفاجأت بعدد كبير وغير منتظروالذي يريد المغادرة، ويضاف له المشرفون على التقاعد الرسمي لهذه السنة؟ وهل للحكومة استراتيجيتها في ملء النقص المهول الذي ستتركه هذه الموارد المغادرة، وخاصة في قطاع التربية والتكوين؟ وهل ستتمكن الحكومةمن  سد الفراغ بالقطاع في ظل التأخر الذي سيعرفه التكوين بالنسبة للأساتذة الجدد، والذين ظلوا طيلة السنة يجوبون شوارع مدننا، دون حل يذكر،وبالكاد لم يجد لهم حلا إلافي شهر أبريل المنصرم؟ انتهى.

كتابة بقلم :ذ.عبد الرحيم هريوى

 


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

الاخبار العاجلة

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading