بقلم – أحمد رباص:
تجاوبا وتفاعلا مع ما يقع في ساحتنا الوطنية من أحداث أنطلقت أصداؤها وظلالها من الواقع الفعلي وانتشرت في وسائل الإعلام الوطني وموقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، جادت قريحة الصديق عبد السلام بلقولة بمقال حرره بلغة بلزاك ونشره بدون عنوان كتعليق على رابط إخباري رأى النور مؤخرا في موقع صحافي إلكتروني مغربي..ونظرا لما تكتسيه الأفكار الواردة في المقال من أهمية، ارتأيت ترجمته إلى العربية أملا في إتاحة الفرصة لأكبر عدد من الناس لقراءته ومناقشته.
أصبحت البلاد سوقا. الناس تحس بأنها مدينة لسلطة تتجاوز سلطة الدولة. هل نحن على مشارف كارثة اجتماعية سوف تحول سمعتنا الحسنة كمواطنين مسالمين ومتسامحين إلى مجانين غاضبين نسوا أن للبلاد دولة عريقة وذات مؤسسات، لها قواتها النظامية وجيشها. كل من هب ودب يريد أن يصبح مقوم اعوجاج، سيد أدغال في أزمتنا الحديثة.
مجرد مشاجرة تتحول إلى بوز (Buzz) وطني ومناسبة لتصفية الحساب مع جميع الوجوه التي صارت شخصيات عامة، تماما كما لو أن ريح الظلم هب على ساحاتنا ودروبنا. أسلحة بيضاء يتم إشهارها في واضحة النهار..حشود غدت هيستيرية ومواطنون تحولوا إلى علماء أفذاذ ملمين بكل شيء..الانطباع الذي أخرج به من كل هذا يذكرني بالشرطي الذي غادر مقر عمله من أجل إقامة الصلاة..الدولة قدمت استقالتها وفتحت المجال لتأويلات شاذة تشترك فقط في الرغبة في تغيير الوضع القائم بالمجازفة بتدمير هذه المسيرة الطويلة التي استغرقت قرونا وجعلت من المغربي شخصية ودودة، مرحة، كريمة، منفتحة على الآخر وإنسانية للغاية. هذه الإنسانية يسعى حثيثا لتحويلها إلى بهيمية منقادة للغريزة، للحس المباشر..الكلام صار خشنا، اليد صارت عنيدة و، بمساعدة “السمارتفون”، يتم البحث عن “البوز”، “حمقى وقالوا لها زغردي”..
هل تبدو الدولة كأنها تلود بالانتظارية وهي تلاحظ، عاجزة تقريبا أو مستسلمة بشكل إرادي؟ المهم هو أن تسترد روحها وتعيد بناء قدرتها على وضع علامتها فوق كل شيء بحكم قوة القانون..لسنا في مخيم عطلة يقوم فيه المطموس بدور الرئيس، إنها مملكة بتقاليدها وطبائعها..إنها بلاد تجرأت، قبل أيام، على تحدي الأمين العام للأمم المتحدة..إنها أمة حاربت المستعمر بقدر ما تحارب الآن الجهل.. أخيرا، نحن شعب يستنشق عبير الرجال الأحرار بفضل أمازيغيته..نحن لسنا أمام دولة موز يقوم فيها عسكري برتبة عريف بانقلاب عسكري ليجد نفسه داخل القصر الرئاسي..
تلكم مملكة حباها حظها برئيس دولة هو في نفس الوقت حداثي وإنساني وعلى درجة عالية من الحكمة.. لنستعد أرواحنا ولنترك ما لله لله وما للناس للناس..الخطاب الذي يقسم المغاربة إلى مؤمنين وكفار هو نفسه الذي حول سوريا إلى ساحة حطام..الإيمان في غير حاجة إلى أن يتدخل في القانون أو يأخذ مكانه..
يتعين على الدولة إعادة بناء سلطتها بصرامة وتوقع الانزلاقات التي تنبجس كلما كان هناك فراغ..ليتحمل كل واحد مسؤولياته ولكل وظيفة امتيازاتها..لنكف عن لعب دور مقدمي الدروس ولنضع ثقتنا في القانون لضمان عدالة تليق بحكمة أجدادنا..
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.