بقلم ماريا فيلالي
قصة فيكتور لوستيغ، قصة أدهى شخص في تاريخ النصب و الاحتيال، فهو الشخص الذي أراد بيع ” برج ايفيل” و الغريب أنه وجد من يصدقه بحيث تمكن فعلا من اتمام البيع و حصد الكثير!
“العوني” هو ” فيكتور لوستيغ ” في المغرب
عندما توصلت “جريدة اكسبريس تيفي” بمعطيات ووثائق حول ملف نصب و احتيال بلغت السبعة ملايير لأشخاص مختلفين، ذكرتني شخصية ” العوني” بقصة النصاب “فيكتور لوستيغ”.
ليس فقط لانك تلمس دهاءا غير عاديا في هذا الملف، بل لان من يطلع هلى الملف يستغرب كيف أن شخصا بمستوى العوني استطاع النصب على أشخاص منهم رجال أعمال مشهود لهم بالكفاءة.
هذا الشخص الملقب ب ” العوني” مغربي متزوج و أب لطفلين، يملك محلا للمطالة( اصلاح هياكل السيارات) و مشهود له ب ” المعقول” و له سيرة طيبة…
في سياق عمله، استطاع ” العوني” أن يكون شبكة من الزبناء، منهم رجال أعمال و أصحاب شركات، و منهم زبناء عاديون وثقوا في العوني و “معقوله” و سلموه ” تحويشة العمر”.
بدأت قصة ” العوني” حين أقنع البعض من زبنائه بالدخول معه في شراكة و ذلك باقتناء السيارات المستعملة و إعادة اصلاحها ثم بيعها مع اقتسام الارباح، أو اقتناء سيارات تكون موضوع حجز أو مصادرة من طرف شركات تمويل ثم اعادة بيعها… سارت الامور بطريقة جيدة في البداية، خاصة و أن أزمة كورونا أثرت سلبا على نشاطات زبناء ” العوني”، فكان بيع و شراء السيارات بديلا لا بأس به بالنسبة لمن استثمروا معه…
تطورت الشراكة لكي يخوض ” العوني” تجربة أكثر ربحا له و لشركائه، فحول نشاطه الىً اقتناء سيارات فاخرة و اعادة بيعها! طبعا، هذا كان من شأنه توسيع هامش الربح للجميع.
كيف نظم ” العوني” عملياته؟
كان ” العوني” يكلم أحد شركائه ليخبره أنه وجد سيارة فاخرة للبيع ” هوتة” و أنه يحتاج تمويلها، ثم كان يقوم بجلب السيارة الى صديقه و معها توكيل مصادق عليه في انتظار اعادة البيع. ثم بعد تلاثة أيام يعود لأخذ السيارة الى مشتري مفترض…
لكن “العوني” لم يكن يذهب الى مشتري، بل كان يتوجه الى شريك آخر، ليخبره أنه يحتاج تمويلا لشراء نفس السيارة و يأخذ المال ثم يتركها تلاثة أو اربعة أيام في مرأبه الى أن يعود لبيعها لمشتري وهمي!!!
تمكن ” العوني” من حشد سبعة ملايير سنتيم من عدة أشخاص، تتراوح المبالغ الممنوحة من طرفهم بين 160 مليون و مليار و 600 مليون سنتيم…ثم اختفى العوني بدون سابق انذار!
اختفى ” العوني” لتبدأ رحلة البحث عنه من طرف الممولين. هؤلاء لم يصدقوا بداية الامر أنه نصاب و لمً يتخيلوا أبدا أن ” العوني الطيب” يستطيع أكل أموالهم و الاختفاء. خاصة و أن زوجته و أخاه لم يختفيا رغم أنهما كانا في العديد من المرات هما من يستلما المال من الزبناء/ الشركاء.
إلا أن أمد اختفاء ” العوني” طال، و لا أثر لرؤوس الأموال المسلمة له، أحد الضحايا أخبرني أنه في البداية لم يشك أبدا في امكانية كون العوني قد نصب عليهم و ظن أنه اختطف أو أصيب بمكروه…
لكن مدير بنك العوني، حسب أحد الضحايا، له من الشيكات بدون رصيد أكثر من سبعة ملايير بكثير، و يتحدث الضحايا عما يناهز 22مليار !!
هنا بدأ وسواس الضحايا يشتد، و توجه بعضهم الى وكيل جلالة الملك بمدينة الدار البيضاء…. صدرت مذكرة بحث و منع من مغادرة التراب الوطني و لكن لم يظهر للعوني أثر.
ثم ذهبت المحكمة في تعميق البحث لتستدعي زوجة و أخ ” العوني” للاستماع اليهم بعد أن تقدم أحد الضحايا بشكاية في حقهم أيضا..
حسب افادة أحد الضحايا، بمجرد استدعاء الضابطة القضائية لأخ العوني و زوجته، توصل الضحايا، كل على حدى، بمكالمات من العوني نفسه يطلب مهلة لاعادة المبالغ الى اصحابها متحججا بأن هناك من نصب عليه في جزء من الاموال..
يقول الضحايا أن ” العوني” موجود بين حي البرنوصي ( محل سكنه) و المحمدية، و التقاه عدة أشخاص، إلا أن السؤال المطروح، كيف لشخص قام بكل هذه الجرائم، من نصب و تزوير توكيلات داخل جماعات لازال ينعم بحريته و لم تتمكن المصالح المعنية من القبض عليه؟
كيف لشخص بهذه البساطة أن يختفي بأكثر من سبعة ملايير أو ربما ( 22مليار) اذا صحت تصريحات مدير البنك للضحايا، دون أن تتساءل السلطات عما قد يكون هذا الشخص يستعمل فيه أمواله؟ هل العوني ممول ارهاب أو فقط محتال يحاول كسب الوقت لمغادرة المغرب هو و ذويه؟
و اليوم في ظل تواجد مذكرة بحث وطنية ضد العوني، لماذا لا يتم نشر صوره لتفادي حدوث عمليات نصب أخرى أو ربما تفادي أي نشاط غير قانوني أو ارهابي قد يقوم به قبل مغادرة التراب الوطني؟
” العوني” له ما يقارب عشر شكايات من نفس النوع أمام المحكمة، سنعود اليكم بتفاصيل السيارات التي بيعت و عدد مرات البيع و سنعود اليكم بتفاصيل يصعب على العقل تقبلها!
و مع هذا كله، العوني استأنف مؤخرا نشاطه التجاري و فتح محله ، دون أدنى مضايقات، فكم من المليارات سيتمكن “العوني” من الاستيلاء عليها المرة المقبلة، و كم سيكون عدد ضحاياه قبل أن يتم تقديمه أمام أنظار المحكمة؟
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.