بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل- قطاع الثقافة ومؤسسة الموكَار، وبمناسبة النسخة 16 لموسم طانطان، نظمت جمعية أصدقاء متحف الطنطان المعرض التشكيلي السنوي الرابع تحت شعار “جماليات من الصحراء”، وذلك أيام 07- 12 يوليوز 2023 ببهو غرفة التجارة والصناعة والخدمات بطانطان.
افتتح المعرض مساء يوم الجمعة 07 يوليوز 2023 بحضور السيدين عبد الله العلوي عن مكتب مؤسسة الموغار وأحمد مروان مدير غرفة التجارة والصناعة والخدمات، إلى جانب جمع من الفنانين والمهتمين.
شارك في المعرض فنانون ضيوف، هم: حسن المقداد، رشيد باخوز، لبابة لعلج (الدار البيضاء) عبد الكريم الأزهر (أزمور)، سليمان الدريسي (الصويرة)، عبد الهادي مريد (أكادير)، محمد فرقشي (مراكش)، محمد فرح (الجديدة)، إلى جانب فنانين من المناطق الجنوبية، هم: الرَّاكَب الحَيْشن، ابراهيم الحَيْسن (الطنطان)، عبد الباقي راجي إله، فاطمة عيجو، جميلة العماري (العيون)، نضيف الطيب (كليميم) ومحمد صابون (مير اللفت- سيدي إفني).
في هذا المعرض تجانست العديد من التعبيرات والأساليب الصباغية والتشكيلية غير المؤتلفة ويبرز فنانون شباب يعجُّون بالأمل والحماس، فكانت للألوان والرموز والعلامات الأيقونية والأشكال والكتل والتراكيب والمواد إيقاعات متنوِّعة مشخَّصة في بعض اللوحات والقطع التشكيلية..وتجريدية في أخرى ناطقة بأصوات متعدِّدة..صارخة ومتوترة، إلى جانب بروز تعبيرات تشكيلية جديدة تستنبت جذورها من الإبداعات الوافدة المسمَّاة بـ”فنون ما بعد الحداثة..
بالمناسبة، صدر كاتالوغ رفيع من القطع المتوسط ضمَّ السير الفنية وصور وأعمال الفنانين المشاركين يتصدَّره نص تقديمي باللغة العربية للناقد ابراهيم الحَيْسن عنوانه “جماليات الصحراء- رهان التشكيلي المحلي” قام بترجمته إلى اللغة الفرنسية الناقد الفني عبد الله الشيخ. جاء في نص الكاتالوغ:
إلى أي حَدٍّ نجحت التجربة التشكيلية في الصحراء في مقاربة التنوُّع الثقافي الذي تزخر به المنطقة رغم حداثة الممارسة الفنية؟ وكيف يتفاعل الفنانون مع هذا التنوُّع جماليّاً وإبداعيّاً؟ كيف يبدعون ويشتغلون؟
نعتقد بأن الفنانين المشاركين في النسخة الرَّابعة لهذا المعرض على درجة ملحوظة من الوعي البصري بأهمية هذا السؤال، إذ يعبِّرون عن الرَّغبة في تعميق الفعل الجمالي، الفردي والجماعي، وتطوير أساليب التجريب والانخراط في ممارسة إبداعية جريئة تنسجم مع الخصوصيات الثقافية المميِّزة لذاكرتهم التراثية المشتركة، مع استعمال مختلف الأسناد والمواد والخامات التي تنتجها بيئتهم المحلية.
في تصوُّرنا، إن الشروط الإبداعية أضحت متوفرة (نسبيّاً) للتأسيس لخطاب جمالي متقدِّم في الصحراء شريطة مراكمة التجربة وتعميق البحث بجد وتعزيز البنيات الثقافية التحتية واستثمار المؤهلات السياحية المحلية بشكل يتلاءم مع ما تزخر به المنطقة الصحراوية من كنوز وذخائر ونفائس ومأثورات شعبية وشواهد مادية كثيرة ضاربة في أعماق الحضارة والتاريخ.
غير أن إرساء دعائم هذا التأسيس وتقوية بنياته ونسقه البصري لن يتقوى أيضاً إلاَّ بانفتاح الفنانين، بوعي وإدراك، على أجناس تشكيلية أخرى غير اللوحة المِسْندية Tableau de chevalet كالنحت والفوتوغرافيا وفن الفيديو والخزف (السيراميك) والإرساءات التشكيلية وفنون الغرافيك والطباعة الفنية والديزاين، الديزاين الغرافيكي وغير ذلك من التعبيرات الجمالية الحداثية المتعدِّدة.
تقارب الأعمال المختارة لهذا المعرض جوانب من جماليات بدو الصحراء وإبراز أهميتها بصيغ تعبيرية متنوِّعة، تشخيصية وتجريدية، تتجانس فيها العديد من الأساليب والتقنيات الصباغية والتشكيلية غير المؤتلفة، تكشف وجود فنانين يعجّون بالأمل والحماس، فكانت للألوان والرموز والعلامات الأيقونية والأشكال والكتل والتراكيب والمواد إيقاعات متنوعة مشخَّصة في بعض اللوحات والقطع التشكيلية وتجريدية في أخرى ناطقة بأصوات متعدِّدة، صارخة ومتوترة، إلى جانب بروز تعبيرات تشكيلية جديدة تستنبت جذورها من فنون ما بعد الحداثة…
ميزة المعرض أيضاً أنه يتفرَّد بتكريم الفنان التشكيلي حسن المقداد الذي أثرى الدرس الجمالي وأبدع بقوَّة ضمن الجيل الثمانيني للتشكيل المغربي، إلى جانب الباحث الجمالي ادريس كثير الذي دعم الخطاب النقدي الفني في المغرب من زاوية إستتيقية تأمُّلية، كما تشهد على ذلك مؤلفاته ومقالاته التخصُّصية الغزيرة، فضلاً عن مشاركة فنانين تشكيليين من داخل وخارج المنطقة الصحراوية، وكذا توقيع كتاب “الحب والفن” للكاتبة والفنانة التشكيلية لبابة لعلج.
في المنحى البيداغوجي، وانسجاماً مع أهداف الجمعية الساعية إلى التربية على الجمال عبر احتضان التجارب المحلية الواعدة ورعايتها، يخصَّصُ جناحٌ داخل فضاء المعرض لأعمال أطفال موهوبين تمَّ انتقاؤها على ضوء أشغال الورشات الفنية التكوينية بتأطير من فناني وأساتذة الفنون التشكيلية بالمدينة.
تأتي هذه المبادرة الجمالية المحمودة التي دأبت عليها جمعية أصدقاء متحف الطنطان لثلاث نسخ سابقة في صلب دعم التجارب الفنية المحلية والجهوية عبر العرض المشترك والحوار مع تشكيليين متميِّزين من خارج المنطقة الجنوبية، ولا يسعنا بالمناسبة سوى توجيه فائق الشكر وبالغ الامتنان لمختلف المؤسسات والجهات الداعمة والشريكة (مؤسسة الموكَار، وزارة الثقافة والشباب والتواصل- قطاع الثقافة، المجلس الجماعي لطانطان، المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالطنطان..) التي آمنت بالمشروع الجمالي للجمعية الرَّامي إلى تشجيع كوكبة من الفنانين التشكيليين من المناطق الصحراوية والتعريف بمنجزهم الفني عبر إقامة هذا المعرض التشكيلي السنوي الذي يفتح لهم، بكل تأكيد، آفاقاً وأوراشاً جمالية لتشييد نموذجهم الإبداعي في صورة ناضجة ومقنِعة.
هو ذا عمل الجمعية…وهو ذا رهان التشكيل المحلي.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.