تختصر ساحة الريف “فلوريدو” المتواجدة بقلب مدينة الحسيمة، هي من المعالم التي تركها الإسبان خلال فترة الاستعمار، شواهد ماثلة على غنى تاريخ الريف، ورغم الطابع الاندلوسي الإسباني الواضح للساحة والبنايات المحيطة بها، إلاّ أنّ روحا إسبانيا تنبعث من هذا المكان السحري وسط المدينة الشعبية الشهيرة، ما حوّل الساحة إلى فسيفساء لطالما تجاذبها السياح الأجانب والغير الأجانب، وسكان المحليين، وكل واحد من أبناء الحسيمة له ذكرياته من الماضي الجميل في هذه الساحة. وكانت تعتبر واحدة من أشهر الفضاءات التاريخية في الحسيمة، تختزن منذ زمان تعبيرات الثقافة الشعبية والفرجة المفتوحة في وجه الزوار من مختلف أنحاء العالم، فضلا عن أهمية المكان التجارية والاقتصادية.. فهي واحدة من أشهر الفضاءات الإنسانية المفتوحة التي عايشت عصرها، وهي تختزن أسرار وإرث أزمنة سحيقة من خلال فنون الفرجة التي كان يقترحها ممارسون يحترفون أشكالا متعددة من التواصل الفني مع الناس، إما غناء شعبيا أو استعراضا رياضيا وبهلوانيا، أو فصولا من الحكايات التراثية أو فنون وغيرها من الأنشطة… وتشكل ذاكرة وعنوان الهوية الثقافية للحسيمة، التي كانت النابض فيما مضى، كانت مزدهرة ونظيفة، قبل أن يطالها الإهمال وتصبح خاوية على عروشها، ولم تَعُدْ الحياة إلى طبيعتها في زوايا الساحة. رغم أن مباني كثيرة لا تزال مهدمة وأخرى تغيرت ملامحها، إلا أن المقاهي والمحلات التجارية ومحلات خاص للحافلات، محطة الطكسيات، فضلا عن الفنادق الصغيرة التي كانت متواجدة في هذه الساحة قد أقفلت أبوابها، وإذ لم نقول اندثرت معالمها بالكامل.
بقلم: عبد المالك بوغابة
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.