عبد الرحيم هريوى
لربما قد نختلف مع البعض ..فلا تبحث لنا عن الوضوح عند الشعراء لأن جل كلامهم ألغاز واستعارات ومجاز واستثمار في اللغة بطريقة فنية وصناعة في الخطاب ..!
والوضوح وٱلتقاط المعاني والمغزى على المباشر ،وفهم ما يراد قوله لدى الكاتب ، فقد لا نبحث عنه بين ثنايا النصوص الشعرية بالمطلق ، لأنه استثمار في اللغة، وبها نحفر في أعماق البلاغة من مجاز وتشبه وٱستعارة.. عكس النصوص الروائية التي يجري أصحابها خلف النهايات، ولنا في الرواية الرائعة لإرنست همنغواي “وداعا للسلاح” و التي كتب نهايتها أكثر من عشر مرات.. وكما يقال أهل التاريخ يطاردون البدايات وأصحاب الرواية يطاردون النهايات..!
أما الشعر يا ٱبن أمي فشيء مخالف للعادة في تدوين النصوص،الشعراء هم الفئة الضالة إن أجاز هذا القول ،و التي تلعب باللغة بطريقة ٱحترافية وصناعة في التنسيق والبناء والتوظيف وٱلتقاط الصور والاسترجاع والسرد، ومركزية اللغة وتوظيفها مجازيا على خلاف المعتاد،ولنا في نصوص محمود درويش كظاهرة شعرية جديدة (ثقوا في الماء يا سكانة أغنيتي..!)
والشاعرة المغربية ثورية لغريب حينما تعبر عن نصف حياة ونصف ممات و
نسير نحو المجهول بوضوح المعنى في كف القصيد
ماذا لو كان هذا موتا يشاكس الحياة ؟؟
وكذلك جبران خليل جبران وامين الريحاني ومطران ومحمد الصباغ ما يفيد في هذا المضمار ..
المراوحة بين البساطة والتعقيد: فقد يغرق أحد الشعراء صوره بالإيهام والغموض حتى لا تكاد تفهم كما فعل درويش في آخر قصائده، فقد أصبح فهمها عصيًا على القارئ، وقد يستخدم الشاعر صورًا بسيطة تؤدي غرضًا جماليًا واضحًا تهفو النفس إليه لحلاوته وعذوبته كما هو الحال عند نزار قباني.” منقول “الصورة الشعرية في الشعر الحديث
وفي الأخير الكتابة الشعرية تبقى متفردة بخصوصياتها وطبيعتها واختلافها عن القصة والرواية ،رغم انها تأخذ من شعر كما ذهب أحمد بوزفور الذي لا فرق عنده بين القصة والشعر فهذا الاخير هو شعر السرد، لأن النص الشعري هو أصلا نص مجازي ولا يعني ما يعنيه ظاهرا من القول بل هو ألغاز وبأرقي العبارة الضيقة والواسعة في الأفق،وهو اللفظ والمعنى وروح الكلمة لدى من يتذوق النصوص الشعرية ،فكيف بنا أن نعبر اللفظ دون المعنى على حد قول بن رشيق القيرواني،ولا يوجد نص بكر بل هو ٱمتداد لنص قبله على حد قولة باخثين..
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.