سدي علي ماءالعينين ،
تتعدد المفارقات بين ماهو قانوني واجتماعي بالمغرب ، وهي المفارقات التي تعكس أوجه النفاق الذي عنونا به مقالنا في أجزاءه الثلاثة ،
في المغرب يكون العري على رمال الشاطئ أمرا طبيعيا حيث النساء و الرجال بلباس السباحة يتمتعون بالبحر ،
لكن عندما تغادر المرأة الرمال لتمشي بلباس البحر على الكورنيش ،فهي تسقط في تهمة الإخلال بالحياء العام والعري و التبرج!!!
مجرد متر من الاسمنت يفرق بين الرمال و الكورنيش ،وفي ذلك المتر تختلف أحكام القانون ، من الإباحة على الرمال ،الى التحريم مشيا بالكونيش .
في المغرب يمكن لسائحة أن تمشي بين أزقة المدينة أو في البادية بلباس رياضي “مقزب” بالدارجة المغربية ،ويبدو الأمر طبيعيا ،لكن إذا اقدمت المغربية على هذا السلوك تكون تمس بحياء المجتمع و تخالف القوانين و تكون في منزلة المتبرجة الساقطة ،
هنا يقبل المجتمع بالآخر تحت مسمى السياحة ،لكنه مرفوض بنفس المجتمع تحت مسمى الحياء الواجب باسم الشريعة والقانون.
يمكن ان تقتحم الشرطة بيتا به اشخاص يتحدثون صخبا و يرتكبون الفواحش ، و عندما يتم اعتقالهم يكون بمقدور الرجل المتزوج ان يفرج عنه بعد تنازل الزوجة ،لكن الرجل العازب لا تسقط عنه التهمة ويكون مصيره المحاكمة بتهمة الفساد !!!
غير المتزوج لا حق له في معاشرة خارج الزواج ،لكن الزوج مسموح له خفية و شريطة تنازل الزوجة بعد علمها ،
وضع واحد ،ونازلة واحدة ،لكن في حالة العزاب يكون الحكم للقانون و المجتمع ،وفي حالة المتزوجين يكون الحكم للزوجات ؟!!!!!
عند بائع السجائر لا قانون يفصل بين الذكر و الانثى ، لكن عندما نشاهد إمرأة تدخن فهي تمارس سلوكا مرفوضا في المجتمع ،وتكون في حكم المنحرفة ، لكن عندما يدخن الرجل فهو من علامات الرجولة ،وتدخينه هو من طبائع الأمور ،
مع ان التدخين ليس من المحرمات في الاسلام ، فالحكم هنا غير مقرون لا بدين ولا قانون ،هو فقط تعبير عن نظرة المجتمع لسلوك أعضاءه.
يمكن لشيخ مسن بالعالم القروي ان يتقدم للزواج من طفلة قاصر ،وبموافقة الابوين و تأشير قانوني في إطار الاستثناء ، ويعاشرها معاشرة الازواج ويكون ذلك أمرا طبيعيا ،
لكن في المدينة يكون مجرد مغازلة طفلة او فتاة قاصر ولو بقي لها اسبوع لتصل سن الرشد يعتبر تحرشا ، و اي مضاجعة لها يعتبر اغتصابا ،
هكذا بكل بساطة يكون القانون غير معني بحماية الطفولة اكثر من تمكين شيخ مفترس من ممارسة اغتصاب بموافقة الوالدين و الدين و المجتمع و القانون!!!!
في مجتمعنا يكون تقبيل الزوجة امام الابناء او الغير سلوكا مخلا بالآداب و مسا بالحياء ،لكن ضرب الزوجة أو شتمها امام الابناء او الغير رغم انه سلوك يمنعه القانون الا انه عند المجتمع من طبائع الأمور ، فضرب الرجل لزوجته مقبول مالم يحدث بجسدها آثارا !!!
المثليون في العالم هو معاشرة رجلين فيما بينهما ،لكن عندنا يكون هناك فاعل و مفعول به ، وكأن الأمر يتعلق بسلوك وممارسة مختلفة والحال ان الأمر غير ذلك .
يبدو ان غالبية الأمثلة التي تبرز النفاق الاجتماعي و التمييز بين الجنسين غالبيتها مرتبطة بالجنس و بممارسة الحرية الفردية في السلوك و الملبس، نفاق يجعل قيام الرجل بما يحرمه القانون مقبولا و متساهلا معه في المجتمع ،لكنه محرم و يتم التعامل معه بشدة عندما يتعلق الأمر بالمرأة.
في التشريعات والقوانين لا وجود لكثير من الفصول التي تخص الرجل دون المرأة و العكس ،
القانون موضوع لكل افراد المجتمع ، و هذا التمييز هو من وحي العرف ولا علاقة له لا بالدين ولا القانون….
من كل ما سبق في هذا الجزء او الجزئين السابقين ،هناك ضرورة بأن يتصالح المجتمع مع قوانينه ،وتنسجم القوانين مع سلوك المجتمع ، وليس في الأمر اية دعوة لتغليب هذا على ذاك ، ولكن دولة الحق و القانون هي دولة الحقوق و الواجبات ،و هي ثنائيات لا مجال للتفضيل فيها بين الذكر والانثى ،
نحتاج لكثير من الوضوح حتى يتسنى لنا قبول بعضنا البعض على قاعدة الالتزام بقوانين منصفة للجميع على حد سواء دون تمييز او تحريف
فهل تعتبرون ؟
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.