عبد الرحيم هريوى
ٱمرأة عرفت في زمانها وزمان مدينتها..قليلون من يتذكرون ٱسمها لأن هناك أجيال مع أجيالها قد رحلوا لدار البقاء، ولم يبق اليوم بيننا منهم ومنهن إلا بعض النوادر، ٱمرأة ما زالت تمشي بيننا بتاريخها الماضي الطويل،والمليء بالتضحية..! هو تاريخ لن يمحوه الزمان ظلت تحمله في ذاكرتها الجماعية..!
إنها الحاجة الكبيرة تلك المرأة المقاومة والمناضلة في عهد الاستعمار الفرنسي بالمنطقة الفوسفاطية ،ظلت وفية لتربة أرضها وأرض أجدادها ووطنها.. وقدمت في سبيله حريتها،حيث تم اعتقالها وتعذيبها كي تُعْطَى من خلالها الدروس والعبر، لكل ٱمرأة سارت على نهجها، وٱنظمت لخلية من خليات المقاومة بالقرى والمدن المجاورة ببوجنيبة ووادي زم والمفاسيس وخريبكة،والتي ظلت تنشط عبر تواصل دائم مع الفدائيين، وفي غفلة من عيون المخابرات الفرنسية، التي لا ينام لها جفن،لما يتم تصفية أحد جنودها أو رعاياها حتى تنتقم من كل رجل أو ٱمرأة سلكا طريق النضال المسلح تحت شعار:
-
يقتلوننا بدم بارد وكأن موتنا عبارة عن حشرة..!
-
ننتقم منكم بنفس الطريقة و ببرودة أعصاب، وفي الوقت والزمان الذي نريد..!
كل ذاك كان للتاريخ وللمقاومة المغربية في زمان مع زمان الحاجة الكبيرة ٱبنة المدينة الفوسفاطية خريبكة..!!
و تراها حينما تصادفها في يوم ما ،وهي تمتطي سيارتها الجميلة ،وقد بلغت من الكبر عتيا،وما زالت قادرة على تحمل مسؤولياتها، وحتى وهي خلف المقود،بالكاد تحرك عربتها كي تتجول بين شوارع مدينة منجمية. كل شيء فيها تبدل وتغير مع زمنها الضائع والمفقود ،وقد طغى الإسمنت فوق أراضيها ..ولا شيء غيره ..
قلت كما قالوا :
هي بالفعل مدينة تتنفس الياجور والبقع الأرضية والإسمنت،وما يحوم حوله ،حتى أن أحد شيوخ البرلمان إن لم نقل من المعمرين في القبة ،تساءل في يوم من الأيام في لقاء حزبي لحزب كان في ذاك الزمان ..وهو السياسي والاقتصادي والأستاذ و..و..و عن مصير مدينة الفوسفاط، فهو الذي لا يعرف مصيرها،وهي التي لا تعرف إلا البناء ولا شيء غير البناء،والذي يمتص حصة الأسد من اليد العاملة المحلية بما يفوق الأربعين ألف عامل ،إذ يبقى الرقم قابل للارتفاع بسبب عدم وجود شركات كبرى، وما يجعل المواطن والمواطنة بالمدينة الفوسفاطية يحصل له على عمل مدر للدخل يؤمن له حياة بكرامة..!؟!
مرت المقاومة الحاجة الكبيرة بسيارتها الرائعة والجميلة و كعادتها من إحدى شوارع النهضة،فأوقفها شرطي المرور و الذي لا يعرفها طبعا ،ولا يعرف تاريخها النضالي، ما دامت المرأة أمست كنص تاريخي قديم جدا، وبعدما حياها طلب منها أوراق السيارة ..
-
ٱبتسمت الحاجة الكبيرة
-
وسألته عن السبب
-
قال لها : لم تقفي
-
سألته أين ..؟؟
-
أجابها : في علامة قف
-
ٱبتسمت ثانية وهي تمزح معه
-
ها أنت قد قلتها:
-
لم تقفي في علامة قِفْ
-
والأمر للذكور وليس للإناث..
-
ولو هم أرادوا أن يوجهوا الأمر للمرأة لكان لسيبويه رأيه الخاص..!
-
ولكتبنا في علامة التشوير (قف قربها قفي) مناصفة وعدلا
-
إذن أنا لست المعنية بالأمر طبعا سيدي الشرطي
-
،ولا حرج علي إذا لم أحترم علامة،هي في حقيقة الأمر لا تأمر إلا العنصر الذكوري،ويبقى للعنصر اللطيف الحق في الاختيار ..
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.