العلاقات التاريخية بين مصر والمغرب

voltus24 سبتمبر 2022آخر تحديث :
العلاقات التاريخية بين مصر والمغرب

 

د.أشرف رشاد رئيس مركز العربي الإفريقي للدراسات البحثية بمصر .

تمتد العلاقات الساسية بين مصر والمغرب منذ أيام الحكم الفاطمي لمصر في القرن العاشر الميلادى الذى شجع انتقال العديد من الاسر المغربية للعيش في مصر والتى استقرت في الجانب الغربي لمصر، في غربي الدلتا، والبحيرة والفيوم، والواحات وسائر الجهات الغربية من صعيد مصر.

فى العصر الحديث كانت مصر من أوائل الدول التى دعمت استقلال المغرب، واستقبلت مصر زعيم المقاومة فى الريف وأحد أعظم مؤسسي المقاومة الشعبية للاحتلال فى التاريخ العالمى المعاصر الزعيم عبد الكريم الخطابي، الذي كان أمير المقاومة فى الريف بشمال المغرب والذي قاوم الاحتلال الإسبانى، ثم الفرنسي وبقي فى مصر لفترة.

شارك المغاربة المصريون في مقاوتهم لحملة ناپليون بوناپرت وفى العصر الحديث دعمت المغرب بقوة مصر فى حربها ضد العدو الاسرائيلى وشاركت المغرب بجنود حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973 وكان للمقاتلات المغربية دور فعال في حرب أكتوبر 1973 حيث وصلت مقاتلات بعد سفر طويل، عن طريق الجزائر وتونس وليبيا، مصحوبة بطائرات النقلِ العملاقة التى تحمل قطع الغيار والأسلحة، وأجهزة المعاونة لطائرات السرب المغربي.

ترتكز العلاقات المصرية-المغربية على عوامل شعبية وثقافية وتاريخية مشتركة وفرت بيئة حاضنة لعلاقات راسخة بينهما على المستويين الشعبي والرسمي، تعد الجسور الثقافية بين الشعبين تاريخية وممتدة وقويت بأواصر العلم والدين مع وصول الإسلام الى المغرب، حيث كان الفقهاء والعلماء وطلاب العلم المغاربة يشدّون الرِّحال إلى مصر، قلب الشرق العربي، طلبا للعلم والاختلاط بالعلماء لسنوات قبل العودة إلى مراكش وفاس وغيرها من المدن المغربية، أو البقاء في مصر والعمل في التدريس أو التجارة.

وفي القاهرة أيضا كان للمغاربة حضورهم تاريخيا في التجارة والعمران والدعوة والتعليم والتصوف، ومثلوا أكبر طائفة عربية إسلامية وافدة، ومازال الأزهر الشريف يحتفظ بباب للمغاربة ضمن أبوابه الاثنين والعشرين، وتحمل إحدى حواضر الأحياء العريقة في القاهرة، وهو حي “باب الشعرية”، اسم “حارة المغاربة”؛ كما تحتفظ سجلات الأرشيف المصري بأسماء تجار مغاربة تولوا منصب شهبندر تجار القاهرة، أعلى منصب تجاري مصري في فترة ما قبل تأسيس مصر الحديثة، كما ان الثقافة والفن والابداع، حاضرون بقوة في العلاقات بين البلدين، وأبلغ دليل علي ذلك، ما تحظي به سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والفنان الراحل عبد الحليم حافظ، من مكانة متميزة في قلوب أبناء المغرب، رغم مرور عشرات السنوات علي رحيل القامتين الفنيتين. أيضاً، تحظي الأفلام والمسلسلات والأعمال الفنية المصرية التي تعرض علي الشاشات المغربية، علي نسبة مشاهدة عالية لدي الجمهور المغربي، وفي المقابل، تستقبل مصر فعاليات فنية وثقافية مغربية في المناسبات المختلفة، لعل أبرزها المهرجانات السينمائية التي تعرض بها أفلاما مغربية، ومعرض الكتاب الذي يستضيف إبداعات المؤلفات المغربية، وكبار الشعراء والمثقفين المغاربة.

وعلى المستوى الرسمي، مصر والمغرب شركاء في ملفات العمل الوطني والاقليمي والدولي المشترك، والمتمثلة في توظيف العلاقات الدولية في دعم وتأمين الاستقرار الداخلي والتنمية بالبلدين، والانفتاح على العالم الخارجي للاستفادة من التجارب المختلفة، والالتزام بسياسة خارجية متوازنة في إطار استقلال القرار الوطني، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول والتمسك بمبادئ القانون الدولي، ومكافحة الإرهاب، والعمل على تسوية الأزمات المختلفة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وأولوية المحور الأفريقي. ولاشك أن الروابط الشعبية والممتدة، والمصالح المشتركة، تعزز فرص بناء شراكة إستراتيجية بين مصر والمغرب، تفرضها التحولات الإقليمية والدولية في ظل عالم متغير، والحاجة إلى تنسيق التعاون الثنائي، ومع شركاء البلدين، لإعادة التوازن إلى المنطقة، وخلخلة الملفات العالقة بها، وعلى رأسها الحرب على الإرهاب، والنهوض بعلاقاتهما الاقتصادية وتعظيم الاستفادة من موقعهما المتميز ومزاياهما الاقتصادية في إطار التكامل

الاخبار العاجلة