الهدف من كتابة هذه السطور ليس الخوض في الجدل القائم اليوم حول رئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ولكن كمتتبع لمجلس الجامعة خلال الولايتين المتتاليتين المتزامنتين مع انتداب رئيس الجامعة المنتهية ولايته الأستاذ رضوان المرابط لابد ان أدلي ببعض الشهادات لتنوير الرأي العام الجامعي والوطني. فبعد تولي الأستاذ المرابط رئاسة الجامعة في يوليوز 2018 كان مجلسها مجمعا على إعطاء الرئيس الوقت الكافي لتنفيذ ما جاء به في مشروعه من أجل تطوير الجامعة. حيث كان مرنا للغاية في المصادقة على القرارات التي كان يقترحها الرئيس وصلت هذه المرونة إلى درجة تفويضه الإمضاء على الاتفاقيات دون عرضها على المجلس كما ينص على ذلك القانون 01-00، إضافة إلى احداث بعض المراكز، وتعيين المسؤولين عنها، والتي كان المجلس قد استبشر منها خيرا كأدوات من أجل تطوير الجامعة. ولتتضح الرؤيا أكثر سنقوم بسرد مجريات بعض منجزات الرئيس.
فيما يخص البحث العلمي فقد استغل الرئيس مرونة المجلس لتسطير برنامجه، حيث خصص السنة الأولى “كاملة” من انتدابه من أجل تنظيم ما سمي بجلسات البحث العلمي والتي كانت عبارة عن ملتقيات غير مؤطرة تكلم فيها الأساتذة عن بعض مشاكل البحث العلمي محليا ووطنيا لتاتي التقارير المقدمة لمجلس الجامعة بمقترحات لم يتم تداولها مطلقا في تلك الجلسات ومع ذلك تمت المصادقة عليها من طرف المجلس في إطار المرونة المذكورة.
أما السنة الثانية فقد خصصها الرئيس لهيكلة البحث العلمي وذلك باحداث المختبرات على الصيغة التي اقترحها على المجلس، بعد ذلك ابتلي المغرب كباقي بلدان العالم بجائحة كوفيد-19. وتزامنا مع ذلك تم انتخاب مجلس جامعة جديد لسنة 2020 بدأت مشاكل هذا المجلس الجديد مع الرئيس لما تمت المطالبة بعرض الحصيلة المرحلية للرئيس وتسطير برنامج عمل للفترة المتبقية من الولاية في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتوج هذا الصراع ببيان للراي العام الجامعي والوطني صدر في نونبر 2021, وقعه 26 من أعضاء مجلس الجامعة المنتخبين تم فيه سرد المشاكل التي كانت تتخبط فيها الجامعة وأسباب الشلل التام الذي كان يعاني منه المجلس بسبب التدبير المزاجي للرئيس. وقد تم نشر ذلك في وسائل الإعلام على نطاق واسع.
فكيف يمكن أن يتبنى الرئيس التصنيف المتميز للجامعة والذي كان نتيجة للسياسات السابقة للبحث العلمي في الجامعة وليس نتيجة لمشروعه المتعثر لتطوير الجامعة والذي بدأ الجميع اليوم يشعر بما سيجره للجامعة من مشاكل حيث بدأت الهياكل المحدثة أخيرا تتصدع وتطالب بالانشقاق. في نفس الإطار أيضا كان مجلس الجامعة قد صادق على قرار إلزامية النشر في المجلات المفهرسة بالنسبة للعلوم الإنسانية والاجتماعية والحقوق والشريعة قبل مناقشة الاطروحات وذلك مقرون بفترة انتقالية تقوم الجامعة فيها بما يلزم لبلوغ هذا الهدف. وجهلا من الرئيس بالكيفية التي يتم بها القيام بالبحث العلمي في المختبرات، فإن الجامعة لم تقم بتسطير استراتيجية محددة لذلك يكون فيها حجرة الزاوية هو الأستاذ الباحث. وكانت النتيجة الاحتقان الحاصل اليوم على صعيد المؤسسات المعنية والمترتب عن إيقاف مناقشة الاطروحات بشكل شبه تام.
وعلى ذكر جهل الرئيس بالكيفية التي يتم بها الإشراف على البحث العلمي فإننا نذكر هنا فقط بأن حصيلة الرئيس من منشورات البحث العلمي في المجلات المفهرسة ضئيلة جدا. وبما أن أهم ما يمكن به تقييم الأستاذ الباحث وكذلك الطلبة الباحثين هو منشورات البحث العلمي المفهرسة ومعدل تأثيرها، كما هو معمول به في الجامعات على الصعيد الوطني والدولي، فان الرئيس يكون مرة أخرى قد أخطأ الهدف وأعطى عن نفسه صورة سيئة للطلبة الباحثين لما ينشر عن نفسه انه نجما ساطعا في المعلوميات بحصيلته الهزيلة من المنشورات والتي نستحي أن نذكرها.
أما عن التسريبات حول رئاسة الجامعة فإن طعن الرئيس الذي سربه للإعلام هو يدينه أكثر مما ينصفه لأنه يشير إلى حصيلة وهمية كما يعلم ذلك جيدا أساتذة الجامعة وخصوصا المنخرطين في الهياكل المسيرة لها. كما يقدح الرئيس في اللجنة والاسماء التي سربت بعدم احقيتها فهنا نقول ” إذا لم تستحي فاصنع ما شئت”. جوابا على ذلك، كان بودنا طرح جدول بجميع الأسماء المذكورة خصوصا الأساتذة مع حصيلتهم من المنشورات العلمية المفهرسة وتأثيرها ليتبين للجميع أن الرئيس كان سيحتل المرتبة الاخيرة بامتياز، ولكن فضلنا أن يقوم بذلك كل من يهمه الأمر لأن الولوج إلى منصة “scopus” واخذ المعلومات الضرورية هي متاحة للجميع.
وقبل النهاية نريد أن نعرج على مركز التكوين المستمر والتصريح الذي قام به مديره. ونبدأ بالسؤال لماذا لم يقدم المدير حصيلته لمجلس الجامعة، الجواب بسيط هو أن هذا المركز الذي كلف الجامعة أموالا باهضة، هو مكان للريع بامتياز فالعملية الوحيدة التي أنجزت وذكرها المدير حول التكوين المستمر للمنتخبين والأعضاء بالجهة تطرح عدة علامات استفهام خصوصا وأن مدير المركز ينتمي لحزب رئيس الجهة السابق، كما أن العملية تمت بطريقة شبه سرية لم يتم تقديمها في أي هيكل من هياكل الجامعة وخصوصا مجلسها واللجان المنبثقة عنه. علما أن التكوين المستمر بالجامعة هو أوسع من ذلك بكثير وتقوم به جميع المؤسسات الجامعية. ولنا عودة للتفصيل في حيثيات مركز التكوين المستمر والتعريف أكثر بالمسؤولين عنه.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.